تعویض خسائر المسلمین والکفّار:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سبب النّزولسورة الممتحنة / الآیة 12

إستعرضت الآیات السابقة موضوع «البغض فی الله» وما یترتّب على ذلک من قطع أی صلة مع أعداء الله... أمّا موضوع هذه الآیات فهو عن «الحبّ فی الله» وعن طبیعة العلاقة مع الذین إنفصلوا عن الکفر وإرتبطوا بالإیمان.

وینصبّ الحدیث فی الآیة الاُولى ـ من هذه الآیات المبارکات ـ عن النساء المهاجرات، حیث ضمّت هذه الآیة سبع نقاط تتعلّق بالنساء المهاجرات، کما تناولت نقاطاً اُخرى تختّص بالنساء المشرکات.

النقاط التی تختّص بالنساء المهاجرات هی:

امتحان النساء المهاجرات، حیث یوجّه سبحانه الحدیث إلى المؤمنین فیقول تعالى: (یاأیّها الذین آمنوا إذا جاءکم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ). فالأمر الأوّل هو امتحان النساء المؤمنات، وبالرغم من تسمیتهنّ بالمؤمنات إلاّ أنّ إعلان الشهادتین ظاهریاً لا یکفی، فمن أجل المزید من الاطمئنان على انسجام الظاهر مع الباطن کان الأمر بالامتحان للوثوق والتأکّد.

أمّا طریقة واُسلوب هذا الامتحان فکما مرّ بنا، وهو أن یستحلفن أنّ هجرتهنّ لم تکن إلاّ من أجل الإسلام، وأنّها لم تکن بسبب بغض أزواجهنّ أو علاقة مع شخص آخر، أو حبّاً بأرض المدینة وما إلى ذلک.

کما یوجد احتمال آخر حول کیفیة امتحان النسوة المهاجرات، وذلک کما ورد فی الآیة الثانیة عشرة من نفس السورة قال تعالى: (یاأیّها النّبی إذا جاءک المؤمنات یبایعنک على أن لا یشرکن بالله شیئاً ولا یسرقن ولا یزنین ولا یقتلن أولادهنّ ولا یأتین ببهتان یفترینه بین أیدیهنّ وأرجلهنّ ولا یعصینک فی معروف فبایعهنّ...)(1).

ومن الممکن أن یکون الکذب فی الحلف أیضاً، فیقول البعض خلافاً لما یعتقد به، إلاّ أنّ التزام الکثیر من الناس حتى المشرکین فی ذلک الزمان بمسألة البیعة والحلف بالله کان سبباً فی تقلیص دائرة غیر الصادقین، ومن هنا نلاحظ أنّ الامتحان المذکور بالرغم من أنّه لم یکن دلیلا قطعیّاً على الإیمان حقیقة، إلاّ أنّه غالباً ما یکون کاشفاً عن الحقیقة بصورة کبیرة.

لذا یضیف سبحانه فی العبارة التالیة: (الله أعلم بإیمانهنّ).

یقول سبحانه فی الأمر اللاحق: (فإن علمتموهنّ مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الکفّار).

ورغم أنّ البند المثبت فی (وثیقة صلح الحدیبیة) یشیر إلى أنّ الأشخاص الذین أسلموا وهاجروا إلى المدینة یجب إرجاعهم إلى مکّة، إلاّ أنّه خاصّ بالرجال ولا یشمل النساء، لذا فإنّ رسول الله لم یرجع أیّة امرأة إلى الکفّار، وإلاّ فرجوع المسلمة إلى الکفّار یمثّل خطراً حقیقیّاً على وضعها الإیمانی، وذلک بلحاظ ضعفها وحاجتها إلى الرعایة المستمرّة.

فی ثالث نقطة التی هی فی الحقیقة دلیل على الحکم السابق یضیف تعالى: (لا هنّ حلّ لهم ولا هم یحلّون لهنّ).

فالإیمان والکفر لا یجتمعان فی مکان واحد، لأنّ عقد الزواج المقدّس لا یمکن أن یربط بین محورین وخطّین متضادّین (خطّ الإیمان) من جهة و(الکفر) من جهة اُخرى، إذ لابدّ أن یکون عقد الزواج یشکّل نوعاً من الوحدة والتجانس والانسجام بین الزوجین، وهذا ما لا یمکن أن یتحقّق نتیجة الاختلاف والتضادّ التی سیکون علیها الزوجان فی حالة کون أحدهما مؤمناً والآخر کافراً.

ونلاحظ فی بدایة صدر الإسلام حالات من هذا القبیل لزوجین أحدهما مؤمن والآخر کافر، ولم ینه عنها رسول الله(صلى الله علیه وآله) حیث لم یزل المجتمع الإسلامی قلقاً وغیر مستقرّ بعد، إلاّ أنّه عندما تأصّلت جذور العقیدة الإسلامیة وترسّخت مبادئها، أعطى أمراً بالانفصال التامّ بین الزوجین بلحاظ معتقدهما، وخاصّة بعد صلح الحدیبیة، والآیة ـ مورد البحث ـ هی إحدى أدلّة هذا الموضوع.

کان المتعارف بین العرب أن یدفعوا للمرأة مهرها سلفاً، ولهذا المعنى أشار سبحانه فی قوله فی الأمر الرابع: (وآتوهم ما أنفقو).

بالرغم من أنّ أزواج المؤمنات کفّار فلابدّ من إعطائهم ما أنفقوا من مهور على زوجاتهم، وذلک لأنّ الطلاق والانفصال قد تمّ بمبادرة من المرأة بسبب إیمانها، لذا توجب العدالة الإسلامیة دفع خسارة الزوج.

السؤال: ویتساءل هنا: هل المقصود من الإنفاق هو المهر فقط، أو أنّه یشمل کافّة المصاریف التی بذلها الرجل لهذا الشأن؟

الجواب: رجّح أغلب المفسّرین المعنى الأوّل، وهذا هو القدر المسلّم به، بالرغم من أنّ البعض ـ کأبی الفتوح الرازی ـ یرى وجوب تحمّل کافّة النفقات الاُخرى أیض(2).

وطبیعی أنّ دفع المهر یکون لمن عقد معاهدة صلح من الکفّار مع المسلمین، کما فی صلح الحدیبیة.

وأمّا من الذی یدفع المهر؟ فالظاهر أنّ هذا العمل یجب أن تتبّناه الدولة الإسلامیة (بیت المال) لأنّ جمیع الاُمور التی لم یکن لها مسؤول خاصّ فی المجتمع الإسلامی یجب أن تتصدّى الدولة لإدارتها، وخطاب الجمع فی الآیة مورد البحث دلیل على هذا المعنى. (کما یلاحظ فی آیات حدّ السارق والزانی).

الحکم الآخر الذی یلی الحکم أعلاه، فهو قوله تعالى: (ولا جناح علیکم أن تنکحوهنّ إذا آتیتموهنّ اُجورهنّ).

وهنا تؤکّد الآیة الکریمة على ضرورة إعطاء النساء المهاجرات مهورهنّ فی حالة الرغبة بالزواج منهنّ، شاجبة التصوّر الذی یدور فی خلد البعض بأنّ النساء المهاجرات لا یستحققن مهوراً جدیدة بسبب إستلامهنّ المهور من أزواجهنّ السابقین، وقد تحمّل بیت المال مبالغها ودفعها لأزواجهنّ السابقین.

إنّ زواجکم من هؤلاء النسوة لا یمکن أن یکون مجانیّاً، ولابدّ أن یؤخذ بنظر الاعتبار مهر یتناسب مع حرمة المرأة المؤمنة.

ومن الضروری ملاحظة أنّ انفصال المرأة المؤمنة عن زوجها الکافر لا یحتاج إلى طلاق، إلاّ أنّه لابدّ من انتهاء العدّة.

وقد ذکر الفقیه «صاحب الجواهر» فی شرحه لکلام «المحقّق الحلّی» «وأمّا فی الزوج والزوجة غیر الکتابین، فالحکم فیهما انّ إسلام أحد الزوجین موجب لانفساخ العقد فی الحال ان کان قبل الدخول وان کان بعده وقف على إنقضاء العدّة بلا خلاف فی شیء من ذلک ولا إشکال نصّاً وفتوى، بل لعلّ الإتّفاق نقلا وتحصیلا علیه»(3).

أمّا إذا کان الأمر على العکس، وکان الزوج قد آمن بالإسلام، وبقیت المرأة کافرة، فهنا تنفصل الرابطة الزوجیة، فتنقطع صلة زواجهما، کما فی قوله تعالى فی تکملة الآیة: (ولا تمسکوا بعصم الکوافر).

«عصم»: جمع عصمة، وهی فی الأصل بمعنى المنع، وهنا ـ بمعنى النکاح والزوجیة ـ لوجود القرائن ـ وصرّح البعض بأنّه النکاح الدائم ـ والتعبیر بالعصمة أیضاً مناسب لهذا المعنى، لأنّه یمنع المرأة من الزواج من أیّ شخص آخر إلى الأبد.

«الکوافر»: جمع کافرة، بمعنى النساء الکافرات.

وقد بحث الفقهاء فی أنّ هذا الحکم هل هو مختّص بالنساء المشرکات فقط، أم أنّه یشمل أهل الکتاب أیضاً کالنسوة المسیحیات والیهودیات؟ وتختلف الروایات فی هذا المجال، حیث یجدر متابعتها فی کتب الفقه، إلاّ أنّ ظاهر الآیة مطلق ویشمل جمیع النساء الکافرات، کما أنّ سبب النزول لم یحدّد ذلک.

أمّا مسألة «العدّة» فهی باقیة بطریق أولى، لأنّها إذا أنجبت طفلا فسیکون مسلماً لأنّ أباه مسلم.

أمّا آخر حکم ذکر فی الآیة الکریمة، فهو مهور النساء اللواتی ارتددن عن الإسلام والتحقنّ بالکفّار فانّ لکم الحقّ فی المطالبة بمهورهنّ مثلما للکفّار الحقّ فی المطالبة بمهور زوجاتهم اللاتی دخلن دائرة الإسلام والتحقن بالمسلمین، حیث یقول تعالى: (وسألوا ما أنفقتم ولیسألوا ما أنفقو) وهذا ما توجبه العدالة والإحترام المتقابل للحقوق.

وفی نهایة الآیة ـ وتأکیداً لما سبق ـ یقول سبحانه: (ذلکم حکم الله یحکم بینکم والله علیم حکیم).

إنّ هذه الأحکام المستلهمة من العلم الإلهی، الممتزجة بحکمته تعالى، والتی لاحظت فی تشریعاتها کافّة الحقوق، تنسجم مع مبادىء العدل والمرتکزات والاُصول الإسلامیة، ولابدّ من الإلتفات إلى حقیقة أنّ کون جمیع هذه الأحکام إلهیّة یُعدّ أکبر ضمانة إجرائیة لها فی قوّة التنفیذ.

وإستعرضت ثانی وآخر آیة من هذه الآیات متابعة لما تقدّم، بعض الاُمور فی هذا الصدد یقول تعالى أنّه فی کلّ مرّة ترتدّ امرأة متزوّجة عن الإسلام وتلتحق بالکفّار، ثمّ حدثت معرکة بینکم وبین الکفّار وحالفکم النصر علیهم وغنمتم منهم مغانم فاعطوا الذین ذهبت زوجاتهم إلى الکفّار: (وإن فاتکم شیء من أزواجکم إلى الکفّار فعاقبتم فآتوا الذین ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقو).

وتمشّیاً مع النصّ القرآنی فإنّ بإمکان المسلمین الذین فقدوا زوجاتهم اللواتی التحقن بمعسکر الکفر أن یأخذوا مهورهنّ من الکفّار، کما کان یحقّ للکفّار إستلام مهور زوجاتهم اللواتی إعتنقن الإسلام وهاجرن إلى المدینة.

وتحدّثنا بعض الروایات أنّه فی الوقت الذی طبّق المسلمون هذا الحکم العادل، فإنّ مشرکی مکّة إمتنعوا عن الالتزام به وتنفیذه، لذا فقد اُمر المسلمون بصیانة حقّ هولاء الأفراد وذلک بإعطائهم ما یعادل المهور التی دفعوها لزوجاتهم اللواتی التحقن بالمشرکین من الغنائم التی حصلوا علیها قبل تقسیمها على الآخرین.

ویحتمل أن یکون هذا الحکم خاصّاً بالجماعات التی لم یکن لها عهد مع المسلمین، حیث من الطبیعی أنّ مثل هؤلاء لم یکونوا مستعدّین لدفع مهور أمثال هؤلاء النسوة للمسلمین، کما یمکن الجمع بین الرأیین أیضاً.

«عاقبتم» من مادّة معاقبة، وهی فی الأصل من عقب (على وزن کدر) بمعنى: (کعب القدم) ولهذا السبب فإنّ کلمة «عقبى» جاءت بمعنى الجزاء والعقوبة، أی بمعنى عقاب لعمل فیه مخالفة، لذا فإنّ المعاقبة تستعمل بمعنى القصاص، کما یستعمل هذا المصطلح أیضاً (معاقبة) بمعنى (التناوب) فی أمر ما، لکون الأشخاص الذین ینجزون عملا ما بشکل متناوب، یعقب کلّ منهم الآخر.

ولذا فإنّ کلمة (عاقبتم) فی الآیة أعلاه جاءت بمعنى إنتصار المسلمین على الکفّار وعقابهم، وأخذ الغنائم منهم، کما جاءت أیضاً بمعنى «التناوب» أی یوم ینتصر فیه الکفّار على المسلمین ویوم بالعکس.

ویحتمل أیضاً المقصود من هذه العبارة هو: الوصول إلى نهایة وعاقبة عمل ما، والمراد من نهایة العمل هنا هو أخذ الغنائم الحربیة.

وأی من هذه المعانی کان، فإنّ النتیجة واحدة، إلاّ أنّ طرق الوصول إلى هذه النتیجة متفاوتة.

وتدعو الآیة الکریمة فی نهایتها جمیع المسلمین إلى الالتزام بالتقوى حیث یقول تعالى: (واتّقوا الله الذی أنتم به مؤمنون).

والأمر بالتقوى هنا یمکن أن یکون بمراعاة الدقّة والعدل فی تعیین مقدار مهر الزوجة، باعتبار أنّ هذا الأمر یعتمد فیه على قول الزوج فی الغالب، ولا یوجد سبیل لإثبات هذا الحقّ إلاّ أقوال الزوجین، ولاحتمال أن تسبّب الوساوس الشیطانیة فی الادّعاء بمبلغ أکثر من المقدار الحقیقی للمهر، لذا یوصی بالتقوى.

وجاء فی التواریخ والروایات أنّ هذا الحکم الإسلامی قد شمل ستّ نسوة ـ فقط ـ انفصلنّ عن أزواجهنّ المسلمین والتحقن بالکفّار، وقد أعطى رسول الله(صلى الله علیه وآله) أزواجهنّ مهورهنّ من الغنائم الحربیة.


1. الممتحنة، 12.
2. تفسیر روح الجنان، ج 11، ص 126.
3. جواهر الکلام، ج30، ص54.
سبب النّزولسورة الممتحنة / الآیة 12
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma