حزب الله... والنصر الدائم!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة المجادلة / الآیة 20 ـ 22 1ـ العلامة الفارقة بین حزب الله وحزب الشیطان

کان الحدیث عن المنافقین وأعداء الله وبیان بعض صفاتهم وخصائصهم فی الآیات السابقة، واستمراراً لنفس البحث ـ فی هذه الآیات التی هی آخر آیات سورة المجادلة ـ تطرح خصوصیات اُخرى لهم، ویتّضح المصیر الحتمی لهم حیث الموت والإندحار، یقول تعالى فی البدایة: (إنّ الذین یحادّون الله ورسوله اُولئک فی الأذلّین) أی أذلّ الخلائق(1).

والآیة اللاحقة فی الحقیقة دلیل على هذا المعنى حیث یقول سبحانه: (کتب الله لأغلبنّ أنا ورسلی إنّ الله قوی عزیز).

وبنفس القدر الذی یکون فیه الله قویّاً عزیزاً فإنّ أعداءه یکونون ضعفاء أذلاّء، وهذا بنفسه بمثابة الدلیل على ما ورد فی الآیة السابقة من وصف الأعداء بأنّهم (فی الأذلّین).

والتعبیر بـ (کتب) یعنی التأکید على أنّ الإنتصار قطعی.

وجملة «لأغلبنّ» مع (لام التأکید) و(نون التوکید الثقیلة)، هی دلالة تأکید هذا النصر بصورة لا یکون معه أی مجال للشکّ والریبة.

وهذا التشبیه هو نفس الذی ورد فی قوله تعالى: (ولقد سبقت کلمتنا لعبادنا المرسلین * إنّهم لهم المنصورون * وإنّ جندنا لهم الغالبون)(2).

ولقد اتّضح على مرّ العصور هذا الإنتصار للمرسلین الإلهیین فی أوجه مختلفة، سواء فی أنواع العذاب الذی أصاب أعداءهم وصوره المختلفة کطوفان نوح وصاعقة عاد وثمود والزلازل المدمّرة لقوم لوط وما إلى ذلک، وکذلک فی الإنتصارات فی الحروب المختلفة کغزوات بدر وحنین وفتح مکّة، وسائر غزوات رسول الإسلام(صلى الله علیه وآله).

وأهمّ من ذلک کلّه إنتصارهم الفکری والمنطقی على أفکار الشیطان وأعداء الحقّ والعدالة، ومن هنا یتّضح الجواب على تساؤل من یقول: إذا کانت هذه الوعود قطعیّة فلماذا إستشهد الکثیر من الرسل الإلهیین والأئمّة المعصومین والمؤمنین الحقیقیین دون تحقیق النصر؟

هؤلاء المنتقدین والمتسائلین لم یشخّصوا فی الحقیقة معنى الإنتصار بصورة صحیحة، فمثلا هل یمکن أن نتصوّر أنّ الإمام الحسین(علیه السلام) قد إندحر لأنّه إستشهد فی کربلاء هو وأصحابه، فی حین نعلم جیّداً بأنّه(علیه السلام) قد حقّق هدفه النهائی فی فضح بنی اُمیّة، وبنى صرح العقیدة والحریة، وأعطى الدروس لکلّ أحرار العالم، وأنّه یعتبر الآن زعیم أحرار عالم الإنسانیة وسیّد شهداء الدنیا، بالإضافة إلى إنتصار خطّه الفکری ومنهجه بین أوساط مجموعة عظیمة من الناس؟(3).

والجدیر بالذکر أنّ هذا الإنتصار القطعی ثابت وفقاً للوعد الإلهی بالنصر للسائرین على خطّ الأنبیاء والرسالة، وهذا یعنی إنتصار مضمون وأکید من قبل الله تعالى، کما فی قوله عزّوجلّ: (إنّا لننصر رسلنا والذین آمنوا فی الحیاة الدنیا ویوم یقوم الأشهاد)(4).

ومن الطبیعی أنّ کلّ من یطلب العون من الله فإنّ الله سوف ینصره، إلاّ أنّه یجب ألاّ ننسى أنّ هذا الوعد الحقیقی لله سبحانه لن یکون بدون قید أو شرط، حیث إنّ شرطه الإیمان وآثاره، شرطه ألاّ یجد الضعف طریقه إلى نفوسنا، ولا نخاف ولا نحزن من المصائب، ونجسّد قوله تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن کنتم مؤمنین)(5).

والشرط الآخر أن نبدأ التغییر من داخل نفوسنا، لأنّ الله تعالى لا یغیّر ما بقوم حتى یغیّروا ما بأنفسهم قال تعالى: (ذلک بأنّ الله لم یک مغیّراً نعمة أنعمها على قوم حتى یغیّروا ما بأنفسهم)(6).

کما یجب أن نوثّق علاقتنا بالسلسلة المرتبطة بالخطّ الإلهی ونوحّد صفوفنا، ونجنّد قوانا ونخلص نیّاتنا، ونکون مطمئنّین بأنّه کلّما کان العدو قویّاً، وکنّا قلیلی العدّة والعدد... فإنّنا سننتصر بالجهاد والسعی والتوکّل على الله تعالى.

وذکر بعض المفسّرین أنّ سبب نزول الآیة أعلاه أنّ قسماً من المسلمین تنبّأوا أنّ الله سیفتح لهم أرض الروم وفارس، بعد ما شاهدوا بعض قرى الحجاز، إلاّ أنّ المنافقین والمرجفین قالوا لهم: أتتصوّرون أنّ فارس والروم کقرى الحجاز، وأنّ بإمکانهم فتحها، عند ذلک نزلت الآیة أعلاه ووعدتهم بالنصر.

آخر آیة مورد البحث ـ والتی هی آخر آیة من سورة المجادلة ـ تعدّ من أقوى الآیات القرآنیة التی تحذّر المؤمنین من إمکانیة الجمع بین حبّ الله وحبّ أعدائه، إذ لابدّ من اختیار طریق واحد لا غیر، وإذا ما کانوا حقّاً مؤمنین صادقین فعلیهم اجتناب حبّ أعداء الله، یقول تعالى: (لا تجد قوماً یؤمنون بالله والیوم الآخرین یوادّون من حادّ الله ورسوله ولو کانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشیرتهم).

نعم، لا یجتمع حبّان متضادّان فی قلب واحد، والذین یدّعون إمکانیة الجمع بین الإثنین، فإنّهم إمّا ضعفاء الإیمان أو منافقون، ولذلک نلاحظ فی الغزوات الإسلامیة أنّ جمعاً من أقرباء المسلمین کانوا فی صفّ المخالفین والأعداء، ومع ذلک قاتلهم المسلمون حتى قتلوا قسماً منهم.

إنّ حبّ الآباء والأبناء والاُخوان والعشیرة شیء ممدوح، ودلیل على عمق العواطف الإنسانیة، إلاّ أنّ هذه المحبّة حینما تکون بعیدة عن حبّ الله فإنّها ستفقد خاصیّتها.

وطبیعی أنّ من یتعلّق بهم الإنسان لیس مختصاً بالأقسام الأربعة التی استعرضتها الآیة الکریمة، ولکن هؤلاء أقرب عاطفیاً من غیرهم للإنسان، وبملاحظة الموقف من هؤلاء سیتّضح الموقف من الآخرین.

ولذلک لم یأت الحدیث عن الزوجات والأموال والتجارة والممتلکات، فی حین أنّ ذلک قد لوحظ فی الآیة 24 من سورة التوبة، حیث یقول سبحانه: (قل إن کان آباؤکم وأبناؤکم واخوانکم وأزواجکم وعشیرتکم وأموال اقترفتموها وتجارةٌ تخشون کسادها ومساکن ترضونها أحبّ إلیکم من الله ورسوله وجهاد فی سبیله فتربصوا حتى یأتی الله بأمره والله لا یهدی القوم الفاسقین).

والسبب الآخر فی عدم ذکر المتعلّقات الاُخرى بالإنسان فی الآیة مورد البحث، هو ما ورد فی سبب نزول الآیة الکریمة والتی من جملتها أنّ «حاطب بن أبی بلتعة» کتب رسالة إلى أهل مکّة ینذرهم بقدوم رسول الله إلیهم، ولمّا إنکشفت الوشایة وعرف أنّ حاطب بن أبی بلتعة وراء هذا الأمر، إعتذر قائلا: «أهلی بمکّة أحببت أن یحوطوهم بید تکون لی عندهم»(7).

وقیل: إنّ هذه الآیة قد نزلت بشأن «عبدالله بن اُبی»، الذی کان له ولد مؤمن أراد الخیر لأبیه، حیث رأى رسول الله(صلى الله علیه وآله) یوماً یشرب الماء، فطلب من رسول الله سؤره المتبقّی فی الإناء لیعطیه لأبیه، عسى أن یطهّر قلبه، إلاّ أنّ الأب إمتنع من شربه وتجاسر على رسول الله، عند ذلک جاء الولد یطلب من رسول الله الإذن فی قتل أبیه، فلم یسمح له(صلى الله علیه وآله) بذلک وقال: «بل ترفّق به» یداریه، (وأن یتبرّأ من أعماله فی قلبه).

ثمّ یتطرّق القرآن الکریم إلى الجزاء العظیم لهذه المجموعة التی سخّرت قلوبها لعشق الله تعالى، حیث یستعرض خمسة من أوصافهم والتی یمثّل بعضها مدداً وتوفیقاً من الله تعالى، والآخر نتیجة العمل الخالص له سبحانه...

وفی بیان القسم الأوّل والثانی یقول تعالى: (اُولئک کتب فی قلوبهم الإیمان وأیّدهم بروح منه).

ومن الطبیعی أنّ هذا الإمداد واللطف الإلهی لا یتنافی أبداً مع أصل حریة الارادة واختیار الإنسان، لأنّ الخطوات الاُولى فی ترک أعداء الله قد قرّرها المؤمنون ابتداءً، ثمّ جاء الإمداد الإلهی بصورة استقرار الإیمان حیث عبّر عنه بـ (کتب).

هل هذه الروح الإلهیّة التی یؤیّد الله سبحانه المؤمنین بها هی تقویة الاُسس الإیمانیة، أو أنّها الدلائل العقلیة، أو القرآن، أو أنّها ملک إلهی عظیم یسمّى بالروح؟ ذکرت لذلک احتمالات وتفاسیر مختلفة، إلاّ أنّه یمکن الجمع بینها، وخلاصة الأمر أنّ هذه الروح نوع من الحیاة المعنویة الجدیدة التی أفاضها الله تعالى على المؤمنین.

ویقول تعالى فی ثالث مرحلة: (ویدخلهم جنّات تجری من تحتها الأنهار خالدین فیه).

ویضیف فی رابع مرحلة لهم: (رضی الله عنهم ورضوا عنه).

إنّ أعظم ثواب معنوی وجزاء روحانی لأصحاب الجنّة فی مقابل النعم المادیّة العظیمة فی القیامة من جنان وحور وقصور هو شعورهم وإحساسهم أنّ الله راض عنهم وأنّ رضى مولاهم ومعبودهم یعنی أنّهم مقبولون عنده، وفی کنف حمایته وأمنه، حیث یجلسهم على بساط قربه، وهذا أعظم إحساس ینتابهم، ونتیجته رضاهم الکامل عن الله سبحانه.

نعم، لا تصل أی نعمة إلى هذا الرضا ذی الجانبین المادّی والمعنوی، والذی هو مفتاح للهبات والعطایا الإلهیّة الاُخرى، لأنّه سبحانه عندما یرضى عن عبد فإنّه یعطیه ما یطلب منه، فهو القادر والکریم.

وما أروع التعبیر القرآنی: (رضی الله عنهم ورضوا عنه) أی أنّ مقامهم رفیع إلى درجة بحیث إنّ أسماءهم تکون مقترنة باسمه، ورضاهم إلى جانب رضاه تعالى.

وفی آخر مرحلة یضیف تعالى بصورة إخبار عام یحکی عن نعم وهبات اُخرى حیث یقول: (اُولئک حزب الله ألا إنّ حزب الله هم المفلحون).

ولیس المقصود بالفلاح هنا ما یکون فی عالم الآخرة ونیل النعم المادیة والمعنویة فی یوم القیامة فحسب، بل کما جاء فی الآیات السابقة أنّ الله تعالى ینصرهم بلطفه فی هذه الدنیا أیضاً على أعدائهم وستکون بأیدیهم حکومة الحقّ والعدل التی تستوعب هذا العالم أخیراً


1. «یحادّون» من مادّة «محادّة» بمعنى الحرب المسلّح وغیر المسلّح، أو بمعنى الممانعة (وقد أعطینا توضیحاً آخر فی هذا المجال، ذیل الآیة 5 من نفس السورة).
2. الصافات، 171 ـ 173.
3. للتوضیح الأشمل فی هذا المجال یراجع تفسیر الآیة 171 من سورة الصافات.
4. المؤمن، 51.
5. آل عمران، 139.
6. الأنفال، 53.
7. تفسیر مجمع البیان، ج 9، ص 255.
سورة المجادلة / الآیة 20 ـ 22 1ـ العلامة الفارقة بین حزب الله وحزب الشیطان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma