انظروا إلى الطیر فوقکم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الملک / الآیة 19 ـ 21 العوامل الأربعة فی محرومیة البشر:

فی الآیات الاُولى لهذه السورة کان البحث عن قدرة الله سبحانه ومالکیته، وعن السموات السبع والنجوم والکواکب... ویستمرّ هذا اللون من الحدیث فی أوّل آیة ـ مورد البحث ـ وذلک بذکر مفردة اُخرى من کائنات هذا الوجود، والتی تبدو فی ظاهرها صغیرة ویقول تعالى: (أو لم یروا إلى الطیر فوقهم صافات ویقبضن)(1).

هذه الأجسام بالرغم من قانون الجاذبیة الأرضیة تنطلق من الأرض وتحلّق ساعات فی السماء بکلّ راحة، وأحیاناً أیّاماً وأسابیع وشهوراً، وتستمر بحرکتها السریعة المرنة وبدون أی مشاکل.

فالبعض منها یفتح جناحیه عند الطیران (صافات) وکأنّ هنالک قوّة خفیّة تحرّکه، والاُخرى ترفرف بأجنحتها عند الطیران بصورة مستمرة وقد تکون (یقبضن) إشارة إلى هذا المعنى.

وتطیر مجامیع اُخرى بتحریک أجنحتها تارةً وفتحها اُخرى، کما أنّ هنالک قسماً آخر یحرّک أجنحته لفترة عند الطیران، وعندما یحقّق سرعة معیّنة یجمعها بصورة کلیة کـ (العصفور).

وخلاصة القول: فإنّ الطیران واحد، إلاّ أنّ صوره مختلفة ولکلّ طریقته وبرنامجه الخاصّ به.

فمن یاترى خلق أجسام هذه الطیور بهذه الصورة التی جعلها تستطیع السیر فی الهواء بکلّ سهولة وراحة؟ ومن ذا الذی وهبها هذه القدرة وعلّمها الطیران، خصوصاً حالات الطیران الجماعی المعقد للطیور المهاجرة، التی تستمرّ ـ أحیاناً ـ شهوراً عدیدة، وتقطع فی رحلتها هذه آلاف الکیلومترات، وتمرّ بأجواء بلدان کثیرة، وتجتاز الجبال والودیان والغابات والبحار حتى تصل إلى مقصدها؟ فمن یاترى علم وأعطى هذه الطیور کلّ هذه القوّة، وهذا الوعی والمعرفة؟

لذا یقول فی ختام الآیة (ما یمسکهنّ إلاّ الرحمن إنّه بکلّ شیء بصیر).

إنّه الله تعالى الذی وضع باختیارها الوسائل والقوى والإمکانات المختلفة للطیران، نعم، إنّ الله الرحمن الذی شملت رحمته الواسعة جمیع الکائنات، وأعطى للطیور ما هو موضع حاجتها فی الطیران، وحافظ علیها فی السماء، هو بذاته المقدّسة یحفظ الأرض والکائنات الاُخرى، وعندما یشاء غیر ذلک فلن یکون عندئذ للطیور قدرة الطیران ولا للأرض حالة الهدوء والاستقرار.

التعبیر بـ (الصافات ویقبضن) لعلّه إشارة إلى طیور مختلفة أو لحالات متنوّعة من الطیران(2).

ولقد بحثنا بشکل تفصیلی عجائب عالم الطیور وغرائب مسألة الطیران فی تفسیر الآیة 79 من سورة النحل.

ثمّ یشیر تعالى فی الآیة اللاحقة إلى أنّ الکافرین لیس لهم أی عون أو مدد مقابل قدرة الله عزّوجلّ حیث یقول: (أمّن هذا الذی هو جند لکم ینصرکم من دون الرحمن)(3).

إنّ هؤلاء الذین هم (جند لکم) لیسوا عاجزین عن مساعدتکم ونصرتکم فحسب، بل إذا شاء الرحمن جعلها سبب عذابکم ودمارکم، وحتى هذه النعم المسخّرة لسعادتکم کالماء والهواء والتراب والنار والتی تمثّل رکناً أساسیاً من أرکان حیاتکم لا یمکنها أن تنقذکم من البلاء، بل إنّها نفسها إذا اُمرت فإنّها ستکون موضع عذابکم وموتکم ونقمة علیکم.

نعم لقد کانت هذه النعم سبباً لهلاک ودمار کثیر من الأقوام العاصین ویحدّثنا التاریخ أنّ الکثیر من الجبابرة والطغاة والمتمرّدین على أوامر الله کان هلاکهم على ید أقرب الناس إلیهم، وهذا ما یلاحظ کذلک فی عصرنا أیضاً، حیث إنّ أکثر المجامیع وفاءً للسلطة تثور ضدّهم وینتقم الله من هؤلاء الظالمین بالظالمین الذین کانوا عوناً لهم.

ألا (إنّ الکافرون إلاّ فی غرور) فلقد أعمت عقولهم حجب الجهل والغرور، ولا یعتبرون أو یتّعظون بما حصل للأقوام البائدة السابقة، ولا لما یصیب الآخرین فی حیاتنا المعاصرة.

«جند» فی الأصل بمعنى الأرض غیر المستویة والقویّة، والتی تتجمّع فیها الصخور الکثیرة، ولهذا السبب فإنّ هذه الکلمة (جند) تطلق على العدد الکثیر من الجیش.

وقد اعتبر بعض المفسّرین کلمة (جند) فی الآیة ـ مورد البحث ـ إشارة إلى الأصنام، التی لا تستطیع مطلقاً تقدیم العون للمشرکین فی یوم القیامة، إلاّ أنّ للآیة فی الظاهر مفهوماً واسعاً والأصنام أحد مصادیقها.

ثمّ یضیف سبحانه مؤکّداً ما سبق: (أمّن هذا الذی یرزقکم إن أمسک رزقه)(4).

فإذا أمر الله السماء أن تمتنع عن المطر، والأرض عن الإنبات، وأمر الآفات الزراعیة بالفتک بالمحاصیل... فمن القادر غیره أن یطعمکم الطعام؟

وإذا ما قطع الله الرزق المعنوی عنکم والوحی السماوی من الوصول إلیکم، فمن القادر غیره على إرشادکم وإنقاذکم من براثن الضلال؟ إنّها لحقائق واضحة وأدلّة دامغة، إلاّ أنّ العناد هو الذی یشکّل حجاباً للإدراک وللشعور الحقّ: (بل لجّوا فی عتو ونفور).

وحتى فی حیاتنا المعاصرة ومع کلّ ألوان التقدّم العلمی فی الجوانب المختلفة، خصوصاً فی مجال الصناعة الغذائیة، فإذا ما منع الله المطر عن الأرض سنة واحدة فیا لها من فاجعة عظمى تحلّ بالعالم، وإذا ما اُصیبت النباتات بالجراد والآفات سنة واحدة فیا لها من کارثة کبرى تحلّ بالبشریة.


1. «الطیر» جمع «طائر»; ولذا ورد فعله ووصفه بصورة جمع، وما قاله البعض: إن کلمة «طیر» مفردة خلافاً صرّح به أرباب اللغة.
2. سبب ذکر «الصافات» بصورة صفة و«یقبضن» بصورة فعل مضارع، لأنّ إنفتاح أجنحة الطیور برنامج على نمط واحد ولا یحصل فیه تغییر، فی الوقت الذی نلاحظ فیه أنّ إنفتاح وإنقباض الأجنحة یکون عملا مکرّراً (فتأمّل).
3. «أم» فی هذه الجملة حرف عطف، و«من» مبتدأ و«هذا» مبتدأ ثان و«الذی» خبرها و(هو جند لکم)صلتها، و«ینصرکم» یکون وصفاً للـ «جند»، والجملة هی خبر للمبتدأ الأوّل. (البیان فی غریب إعراب القرآن، ج 2، ص 459) إلاّ أنّ المناسب هو أن یکون «الذی» عطف بیان و«ینصرکم» خبر، لأنّ الجملة بدونه ناقصة. (فتأمّل).
4. نلاحظ أنّ جزاء الشرط فی الآیة محذوف، وتقدیره: (إن أمسک رزقه من یرزقکم غیره).
سورة الملک / الآیة 19 ـ 21 العوامل الأربعة فی محرومیة البشر:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma