قلنا إنّ الرّسول(صلى الله علیه وآله) وإن کان هو المخاطب فی هذه الآیات، ولکن آخر السورة یشیر إلى وجود مؤمنین کانوا معه فی هذا العمل، والسؤال هو هل أنّ إحیاء اللیل کان واجباً على الجمیع فی أوائل دعوته أم لا؟ قال البعض: إنّ هذا الأمر کان واجباً فی البدء ثمّ نسخ بالآیة الأخیرة للسورة ومدّة ذلک حوالی السنة، حتى أنّ البعض ذهب إلى أنّ هذا الحکم کان قبل تشریع الصلوات الخمس، ثمّ نسخ هذا الحکم بعد تشریعها، ولکن المرحوم الطبرسی(رحمه الله) کما ذکر فی تفسیره «مجمع البیان» أنّ ظاهر آیات هذه السورة لا یشیر إلى النسخ، الأفضل هو القول بأنّ هذه العبادة مستحبة وسنّة مؤکّدة، ولم یکن لها طابع الوجوب إلاّ لشخص النّبی(صلى الله علیه وآله) کما فی بعض الآیات الاُخرى للقرآن، ولا مانع من وجوبها على النّبی(صلى الله علیه وآله)واستحبابها على المؤمنین، ومضافاً إلى أنّ الآیات المذکورة لا تنحصر بصلاة اللیل، لأنّها لم تشغل نصف من اللیل أو ثلثی اللیل بل وحتى ثلثه، وما ذکر فی الآیة هو النهوض لترتیل القرآن.
فعلى هذا کان الحکم فی البدء مستحبّاً مؤکّداً ثمّ خفف، وبما أنّ بدایة کلّ عمل بالخصوص بدایة الثورة العظیمة، یحتاج إلى قدرة وقوّة أکثر من أی وقت، فلا عجب من أن یصدر مثل الأمر العظیم للنّبی(صلى الله علیه وآله) وأصحابه، وذلک أن یقوموا لقسط وافر من اللیل لیتعرفوا ویتفهموا محتوى هذا العمل الجدید وعلى تعالیمه الثوریة، ولتطبیق ذلک لابدّ أن یروضوا أرواحهم بالعلم والمعرفة.
