قد ذکر العلاّمة الأنصاری(قدس سره) فی بعض کلماته مدارک أُخرى للقاعدة:
منها: روایة منصور بن حازم المرویّة فی أبواب القراءة قال: (قلت لأبی عبد اللّه(علیه السلام): إنّی صلیّت المکتوبة، فنسیت أن اقرأ فی صلاتی کلها؟ فقال: ألیس قد أتممت الرکوع و السجود؟ قلت: بلى، قال: قد تمّت صلاتک إذا کان نسیاناً).(1)
و مفاد الروایة أنَّ من أتمّ رکوعه و سجوده تمّت صلاته، و لا یضرّه الإخلال بغیرهما من الأجزاء الأُخَر.
و منها: ما رواه ابن أبی عمیر، عن بعض أصحابنا، عن سفیان بن السمط، عن أبی عبد اللّه(علیه السلام)(تسجد سجدتی السهو فی کل زیادة تدخل علیک أو نقصان).(2)
و هذه الروایة لو تمّت لکانت أوسع من حدیث لا تعاد; بناءاً على ما عرفت من التشکیک فی شمولها للزیادة، و لکن هذه تدل على أنَّ الزیادة و النقیصة السهویتین لا تضّران بالصلاة، بل یمکن علاجهما بسجدة السهو، فإنّها جابرة لهما، فلا تجب الإعادة لا محالة.
و الذی یوهن الاستدلال بالأولى منهما ما ورد فی ذاک الباب بعینه من إجزاء تسبیح الرکوع و السجود عن القراءة، فعن أبی بصیر، عن أبی عبد اللّه(علیه السلام) قال: (إن نسی أنْ یقرأ فی الأولى و الثانیة أجزأه تسبیح الرکوع و السجود...الحدیث).(3)
و هذا دلیل على بدلیة التسبیح عن القراءة، لا جواز ترکها مطلقا مع إتمام الرکوع و السجود.
و بالجملة لا تتجاوز دلالة الحدیث ـ لو قلنا بها ـ عن حدّ الإشعار على کفایة الرکوع و السجود عن غیرهما عند النسیان، فلا یمکن الاستدلال به، لا سیّما مع عدم عموم فیه یشمل غیر القراءة من الأجزاء.
و یوهَّن الثانی، مضافاً إلى وهنه بالإرسال ـ ومع الغض عنه لکون المرسل ابن أبی عمیر، هو ضعیف بوجود سفیان بن السمط الذی هو من المجاهیل ـ بأنَّ الروایة لیست فی مقام بیان قاعدة کلیة حاکمة بعدم فساد الصلاة بالزیادة و النقیصة فی أجزائها، بل هی ناظرة إلى بیان تدارک ما عرضه من النقیصة و الزیادة بعد الفراغ عن صحتها معه.
و الحاصل أنَّ الحکم بصحة الصلاة فی کل زیادة و نقیصة سهویة شیء، و الحکم بلزوم تدارکها بعد الفراغ عن صحتها بسجدة السهو شیء، آخر، و الظاهر أنَّ الروایة بصدد بیان الثانی لا الأول.
فإذا ثبتت صحة الصلاة مع الإخلال ببعض ما یعتبر فیها نقیصةً و زیادة وجب تدارکه بسجدة السهو، و هذا لا ربط له بما نحن فیه.