و هی من القواعد المعمول بها فی کثیر من أبواب الفقه عند اشتباه حال الموضوعات و عدم معرفتها على ما هی علیه. و هذه القاعدة ـ مثل کثیر من القواعد الفقهیّة الأُخر ـ برغم شدّة ابتلاء الفقیه بها لم تنقّح فی کلماتهم حق التنقیح، و لم یبحث عنها بحثاً وافیاً یلیق بها، و لذا یرى فی العمل بها فی مجاریها تشویشاً و اضطراباً ظاهراً; فیعمل بها فی موارد، و تترک فی موارد أخرى مشابهة لها ظاهراً من دون أن یبیّنوا لهذه التّفرقة دلیلاً یعتمد علیه.
و من هذه النّاحیة استشکل کثیر منهم على عمومات هذه القاعدة، حتّى قالوا بعدم جواز العمل بها إلاّ فی موارد عمل الأصحاب بها!
فهل کانت عند أصحابنا الأقدمین قرائن أُخر تکشف لهم النّقاب عن وجه هذه القاعدة و حدودها، لم یتعرّضوا لذکرها فی کتبهم على کثرتها و تنوّعها و احتوائها على دقائق الفقه و عمدة مدارکه؟! و هذا أمر بعید جداً عند التّأمّل الصّادق.
أو أنّهم فهموا من نفس هذه المدارک غیر ما نفهم منها؟ فما هو ذاک المعنى الّذی فهموا عنها؟
و لعّل عمّدة الاشکال نشأت فیما ذکرنا من عدم أداء القاعدة حقها من البحث و التنقیب.
فنحن ـ بعون اللّه و هدایته ـ ناخذ فی البحث عن مهمّات هذه القاعدة الشریفة بما یسع المجال، لعلّنا نوفیها شیئاً من واجب حقّها و نوضح معضلاتها إن شاء اللّه و
نجعل البحث فی مقامات:
الأوّل: فی بیان مدارک مشروعیّة القرعة على إجمالها.
الثّانی: فی مفادها و ما یستحصل من ملاحظة مجموعها على التّفصیل.
الثّالث: فی شرائط جریانها من حیث المورد و المجرى.
الرّابع: فی کیفیّة إجراء القرعة عند الحاجة إلیها.
الخامس: فی أنّ إجرائها فی مواردها أمر جائز أو واجب؟ و على تقدیر الجواز فهل یجب العمل بها بعد إجرائها أو یجوز ذلک؟