التنبیه الأوّل: هل المراد من «الصحة» الصحّة الواقعیّة أو الصحّة عند الفاعل؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
الرّابع: دلیل العقلالتّنبیه الثّانی: فی وجوب إحراز صورة العمل

فیه خلاف مشهور، و قد یعبّر عن الصحّة الواقعیّة بالصحّة عند «الحامل»، نظراً إلى أنّ الصحیح الواقعی فی نظره هو ما بنی على صحّته إجتهاداً أو تقلیداً; فلا فرق بین هذین التعبیرین فیما یراد فی المقام.

و على کل حال، المحکی عن المشهور هو البناء على الصحّة الواقعیّة، و یحکى عن صاحب (المدارک) (قدس سره) الأوّل. ولکن قد عرفت عند حکایة الإجماع على الحجّیّة أنَّ هذه القاعدة بکلیّتها غیر معنونة فی کلمات المشهور، فإسناد القول الثّانی إلیهم هنا لعلّه لظهور کلماتهم فیه فی مقامات خاصّة، کفروع التنازع فی أبواب المعاملات; حیث أطلقوا القول بتقدیم قول مدّعی الصحّة و لم یقیّدوه بکونه عالماً بالصحّة و الفساد الواقعیین، لکی یکون الحمل على الحصّة عند الفاعل مساوقاً للحمل على الصحة الواقعیة، ولو کان مرادهم من الصحة الصحة عند الفاعل لم یکن هناک بدٌّ من التقیید به. و من البعید جداً أن یفرّق بین الأبواب المختلفة، فیحمل على الصحّة الواقعیّة فی مقام و الصحّة الفاعلیّة فی مقام آخر، فإسناد هذا القول إلى المشهور بهذا الإعتبار قریب.

و تظهر الثمرة بین القولین فیما إذا کان معتقد الفاعل مخالفاً لمعتقد الحامل، کما إذا کان البائع ممّن یرى جواز العقد بالفارسیّة، أو بغیر صیغة الماضی، أو جواز تقدیم القبول على الإیجاب أو غیر ذلک; على خلاف ما یعتقده الحامل، فإذا شکّ فی صحّة بیعه و فساده لم یفده حمل فعل البائع على الصحّة على القول الأوّل، و یفیده على الثّانی. فإذن تنحصر فائدة هذه القاعدة على القول الأوّل بالموارد الّتی تطابق الصحّة عند الفاعل الصحّة عند الحامل، و أمّا فی غیرها فإنّما تفید بالنسبة إلى الآثار الّتی یکون موضوعها الصحّة الفاعلیّة کالإئتمام ـ على قول ـ .

ثمّ اعلم أنّ المدرک الوحید فی هذه المسألة هو ملاحظة الدلیل الّذی إستندنا إلیه فی إثبات أصل القاعدة; و حیث أنّ عمدته ـ کما عرفت ـ هی السیرة المستمرة بین العقلاء من جمیع الأمم و فی جمیع الأعصار على اختلافهم فی المذاهب و الآراء، فالحق هو الحمل على الصحّة الواقعیّة; لأنّه لم یعهد منهم أن یتساءلوا بینهم عن معتقد الفاعلین فی المسائل المختلفة عند حمل أفعالهم على الصحّة. و یزیدک وضوحاً ملاحظة حال المسلمین فی الأعصار المختلفة مع تشعّبهم فی المذهب، و إختلافهم فی المسائل الفرعیّة، فلم یعهد منهم السؤال عن معتقد الفاعل إذا کان وکیلاً فی البیع و غیره، أو وصیّاً عن میّت، أو ولیّاً على صغیر أو غیر ذلک، بل تحمل أفعالهم على الصحیح عند الشکّ من غیر فحص عن حال فاعلها.

و لعلّ قائلاً یقول: إنَّ منشأ هذه السیرة کما ذکرت أحد أمور ثلاثة: إمّا الغلبة; أو إقتضاء طبیعة العمل; أو التعبّد العقلائی دفعاً للحرج و حفظاً لنظام المجتمع، و لاشکّ أنّ شیئاً منها لایقتضی أزید من الصحّة الفاعلیّة; ضرورة أنّ الدواعی الباعثة على العمل إنّما تدعو إلى الصحیح فی نظر الفاعل و بحسب معتقده، و الغلبة إنّما تکون فی موافقة عمله لما هو الصحیح عنده، و الحرج و الإختلال یندفعان بالحمل على الصحّة الفاعلیّة، لتطابق الصحّة عند الفاعل و الحامل فی کثیر من الموارد، و کفى بها فی دفع محذور الحرج و الإختلال.

و فیه: أنّه إنما ذکرنا هذه الأمور بعنوان الحکمة و الداعی لبناء العقلاء على هذا الأصل، لا العلّة الّتی یدور الحکم مدارها. و قد عرفت أنّ ما نشاهده من سیرتهم هذه لاتنحصر بالموارد الّتی تطابق الصحّة الفاعلیّة و الصحّة عند الحامل، بل تعمّها و غیرها. و قد عرفت أنّ استمرار سیرة المسلمین على هذه القاعدة المتّخذة من سیرة العقلاء یؤکّد هذا المعنى; لأنّها جرت على ترتیب آثار الصحّة الواقعیّة على العقود و الإیقاعات الصادرة عن الغیر، و عباداتهم النیابیّة، و أداء الواجبات الکفائیّة و غیرها، من غیر تحقیق و تفحّص عن حال فاعلیها و معتقدهم، مع ما یرى من الإختلاف الشدید بینهم فی أحکام العبادات و المعاملات، لاسیّما مع ملاحظة أنّ هذه القاعدة تعمّ المخالفین أیضاً، و تدلّ على حمل أفعالهم على الصحّة و ترتیب آثارها علیها فی ما لایشترط فیه الولایة، و مخالفتهم لنا فی کثیر من الفروع الفقهیّة واضح لکلّ أحد، و لم یعهد السؤال عن مذهب الفاعل أو الفحص عنه بطریق آخر.

نعم هاهنا صورتان قابلتان للبحث:

الأولى: ما إذا علم تفصیلاً إعتقاد الفاعل و مخالفته لمعتقد الحامل بالکلیّة، بحیث لم یجمعهما جامع; کما إذا اعتقد الفاعل وجوب الجهر بالبسملة فی الصلوات الإخفاتیّة حینما یعتقد الحامل حرمته. فإنّ حمل فعله على الصحّة هنا ـ من باب احتمال مصادفته للواقع ولو سهواً منه ـ مشکل جداً، لعدم جریان شی من الأدلّة السابقة فیه، و إن هو إلاّ الحمل على الفساد بالنّظر إلى معتقد فاعله.

الثّانیة: ما إذا علم جهل الفاعل بالحکم أو الموضوع أو کلیّهما علماً تفصیلیاً، کمن لایعلم ترتیب أجزاء الوضوء أو الصّلاة أو غیرهما، و یأتی بها من غیر علم بأحکامها، ولکن یحتمل مطابقتها للواقع أحیاناً من باب الصدفة و الإتّفاق. و الحمل على الصحّة الواقعیّة هنا أیضاً مشکل، و إن کان أخفّ إشکالاً من الصورة الأولى; و لذا اختار المحقّق الإصفهانی (قدس سره) فی تعلیقاته على (الکفایة) الحمل علیها فی هذه الصورة، و ادّعى قیام السیرة علیها، خصوصاً بعد ملاحظة جهل غالب العوام بالأحکام.

و فیه: أنّه لم یثبت إستقرار السیرة فی الموارد الّتی یعلم فیها علماً تفصیلیاً بجهل الفاعلین فی خصوص مسائل معیّنة. نعم، لایبعد جریانها فی موارد یعلم إجمالاً بجهلهم ببعض المسائل أو بکثیر منها، لأنّ غالب العوام ـ لاسیّما أهل البوادی و من ضاهاهم ـ من هذا القبیل، مع أنّه لا إشکال فی حمل أفعالهم على الصحّة الواقعیّة و ترتیب آثارها علیها.

و یمکن إستظهار المقصود ـ أعنی لزوم الحمل على الصحّة الواقعیّة لا الصحّة بنظر الفاعل ـ من غیر واحد من الرّوایات الواردة فی موارد خاصة: مثل ما رواه الشیخ (رضوان الله علیه) فی (التهذیب) ـ و الصدوق (ره) فی الفقیه ـ بإسناده عن إسماعیل بن عیسى قال: (سألت أبالحسن(علیه السلام) عن جلود الفرا یشتریها الرّجل فی سوق من أسواق الجبل، أیسأل عن ذکاته إذا کان البائع مسلماً غیر عارف؟ قال:... و إذا رأیتم یصلّون فیه فلا تسألوا عنه).(1)

بناءاً على شموله لصورة العلم بکون معتقد الفاعل جواز الصّلاة فی ما دبغ من الجلود و إن کانت غیر مذکّاة، لاشتهار فتاوى أبی حنیفة فی العراق فی ذاک العصر، و مفروض سؤال الراوی أیضاً هو الشراء من المخالفین; فالعمل بهذه الأمارة ـ أعنی الصلاة فیها ـ لیس إلاّ من جهة حمل أفعال المسلمین على الصحّة الواقعیّة، فبالصلاة فیها یستکشف کونها مذکّاة، لإعتبار التذکیة فی لباس المصلّی واقعاً.

اللّهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الروایة غیر معمول بها، لکفایة الأخذ من سوق المسلمین و من ید المسلم من غیر اعتبار الصلاة فیها، فیحمل هذا الحکم على الإستحباب و ضرب من الإحتیاط. ولکن یمکن القول بکفایة الحکم المذکور فی إثبات المدّعى و إن کان حکماً إستحبابیاً، فتأمّل.

نعم یظهر من بعض الرّوایات خلاف ذلک، و أنَّ الحمل على الصحّة إنّما یجوز فی ما یوافق معتقد الفاعل لمعتقد الحامل، کالروایات الکثیرة الواردة فی باب «تحریم العصیر إذا أخذ مطبوخاً ممّن یستحلّه»; مثل ما وراه الکلینی (رضوان اللّه علیه) بإسناده عن عمر بن یزید قال: قلت لأبی عبداللّه (علیه السلام): الرّجل یهدی إلیَّ البختج(1) من غیر أصحابنا؟ فقال: إن کان ممّن یستحلّ المسکر فلا تشربه، و إن کان ممّن
لایستحلّ شربه فاقبله، أو قال: إشربه)(2) و مثله غیره.

فإنّ حمل فعل المسلم على الصحیح الواقعی یقتضی الحکم بالحلیة هنا. و لیست هذه الصورة من الصورتین اللّتین اخترنا إستثناءهما من هذه القاعدة; لوجود الجامع بین العقیدتین، لاستحلال الفریقین المطبوخ على الثلث.

و یمکن الجواب عنه بأنّ المورد من موارد التهمة، و سیأتی الإشکال فی جریان القاعدة فیها، و ذلک لأنّ مستحلّ المسکر لا داعی له إلى طبخ العصیر على الثلث غالباً، فتسقط القاعدة فی مورده، و یکون المرجع فیه هو الإستصحاب، و لاشکّ فی أنّه یقتضی الحرمة.


1. الوسائل، ج 1، کتاب الطهارة من ابواب النجاسات، الباب 50، ح 7.
الرّابع: دلیل العقلالتّنبیه الثّانی: فی وجوب إحراز صورة العمل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma