المختار فی حلّ الإشکال

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
الوجوه المذکورة فی دفع هذا الإشکال:التنبیه الثانی: هل العبرة بالحرج الشخصی أو النوعی؟

الوجه الخامس: ـ و هو المختار فی حسم مادّة الإشکال ـ أنّ ما یدّعى من التّکالیف الحرجیّة الواردة فی الشّریعة على أقسام:

منها: ما لیس حرجیاً و إن ادُّعیَ کونها کذلک، کحجّ بیت اللّه الحرام و أداء الخمس و الزّکاة ـ لاسیّما مع ما عرفت عند ذکر معنى «الحرج» من أنّ المراد منه هنا لیس مطلق المشقّة و الضّیق، بل المشقّة الّتی لاتتحمّل عادة على ما بسطنا الکلام فیه ـ; فإنّ إخراج خمس أرباح المکاسب یکون بعد وضع مؤنة السّنة بجمیع أنحائها، و کذا إخراج خمس غیرها من المعادن و الکنوز، و الزّکوات المقدّرة فی الشّرع الّتی هی قلیل من کثیر لیست أموراً شاقّة لاتتحمّل عادة، لاسیّما مع صرفها فی مصارف یعود نفعها غالباً إلى المجتمع أجمع حتّى المعطین، کصرفها فی إصلاح حال الفقراء و المساکین و أبناء السّبیل، و عمارة الشّوارع، و بناء القناطر، و حفظ ثغور الإسلام، و تقویّة جیوش المسلمین، و أمن السبیل; فهذه فی الحقیقة مثل سائر ما یصرفونه فی حاجاتهم الشّخصیّة و إصلاح أمورهم الخاصّة، ممّا لایعدّونه ضرراً و حرجاً بل إصلاحاً و نفعاً.

و هذا المعنى و إن کان عند بعض الأذهان البادیة من الإستحسانات، إلاّ أنّه الیوم ظاهر لکل خبیر بوضع المجتمعات البشریّة و ما فیه نجاحها و فلاحها; و لذا ترى العقلاء من جمیع الأمم یسلکون هذا المسلک و یکلّفون أفرادها بأداء واجبات مالیّة یصلحون بها حال الضّعفاء و ذوی الحاجات و سائر الأمور العامّة الّتی یعود نفعها إلى مجتمعهم أجمع; و لایعدّونه ضرراً و لاحرجاً، بل قد عرفت أنّها فی الحقیقة من قبیل مصارفهم الشّخصیّة.

و إن أبیت عن ذلک فقد عرفت أنّ الواجبات المالیّة فی أنفسها و مع قطع النّظر عن هذا لیست أموراً شاقّة حرجیّة لاتتحمّل عادة، فلا یکون فیها ما هو الملاک فی هذا الباب.

أضف إلى ذلک أنّ إطلاق العسر و الحرج على الأمور المالیّة مطلقاً لایخلو عن إشکال ـ کما أشار إلیه المحقّق النّائینی فی آخر رسالته المعمولة فی قاعدة لاضرر ـ ; لظهور عنوان الحرج فی المشقّة فی الجوارح لا فی الجوانح، و من المعلوم أنّ بذل الأموال لیس فیه مشقّة بهذا المعنى و لو بلغ ما بلغ، اللّهمّ إلاّ فیما تسری فیه المشاق الرّوحیّة إلى البدن، کمن لاینام طول لیلته إذا بذل مالاً کثیراً، على تأمّل فی ذلک أیضاً.

و منها: ما یکون من ناحیة فعل المکلّف و سوء اختیاره، کالقصاص و الحدود و ما شاکلهما، فإنّ المکلّف بسوء اختیاره یقع فی هذه الأمور الحرجیّة; فلو لم یقتل نفساً بغیر نفس أو فساد فی الأرض، أو لم یجن علیها بجنایة أخرى توجب القصاص أو الحدّ، أو لم یعتد على غیره بمال أو بعرض; فإنّه لایعتدى علیه بمثله و لایعاقب به.

و انصراف أدلّة نفی العسر و الحرج عمّا أقدم علیه بسوء اختیاره واضحٌ، لا سیّما فی هذه الموارد الّتی لایکون نفی العسر و الحرج فیها منّة على من ارتکبها إلاّ بترک الإمتنان بل الظّلم الفاحش على غیره. فهذه الموارد لم تکن داخلة تحت عمومات نفی الحرج حتّى یکون خروجها عنها بالتّخصیص.

و منها: ما هو قابل للإنکار; فمثل التوضی بالماء البارد فی لیالی الشّتاء، أو الصّیام فی الأیّام الحارّة من الصّیف إذا بلغت مشقّته حدّاً لا تتحمّل عادة، لا یبعد القول بعدم وجوبه. ولکنّ بلوغه هذا الحدّ لغالب النّاس ممنوع.

و منها: ما یبقى من الموارد النّادرة الّتی یمکن إلتزام تخصیص القاعدة بها إذا کان دلیله أخصّ من أدلّة نفی الحرج أو بمنزلة الأخصّ، کالجهاد الّذی فیه من المشقّة و الحرج ما لایخفى; قال اللّه تعالى: (کُتِبَ عَلَیْکُمُ الْقِتَالُ وَ هُوَ کُرْهٌ لَکُمْ )(1) و قال تعالى حاکیاً عن وقعة الأحزاب: (إِذْ جَآؤُکُمْ مِنْ فَوْقِکُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْکُمْ وَ إِذْ زَاغَتِ الاَْبْصَارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ )،(2) و قد سمّى سبحانه فی کتابه العزیز السّاعات الّتی کانت قبل غزوة تبوک «ساعة العسرة»; ففی هذا المورد و شبهه نلتزم بتخصیص عمومات لاحرج بها.

فإن قیل: کیف یجوز تخصیص عمومات نفی الحرج بهذه الموارد و لو کانت قلیلة بالنّسبة إلى ما یبقى تحتها مع اعترافک بورودها مورد الإمتنان الآبی عن التّخصیص؟

قلنا: عدم جواز تخصیص العمومات الواردة فی مقام البیان إنّما هو فی موارد یکون تخصیصها منافیاً للمنّة، و أمّا إذا کان موافقاً لها فلا مانع منه، و ما نحن فیه من هذا القبیل; فإنّ منافع الجهاد و مصالحه من ظهور المسلمین على الأعداء، و حفظ ثغورهم، و بقاء عزّهم، و جعل کلمة اللّه هی العلیا، و تفریق أحزاب الکفر، و جعل کلمتهم هی السفلى، لمّا کانت ظاهرة واضحة لکلّ أحد صار هذا قرینة عرفیّة على جواز التّخصیص، و لم یناف ورود العامّ مورد الإمتنان; بل إنَّ ترک تشریع هذا الحکم الظّاهر المصلحة مناف له; و کلّ ما کان من هذا القبیل جاز تخصیص عمومه من دون أی محذور.

و الحاصل أنّ حال العمومات الواردة فی مقام البیان لیست حال سائر العمومات الّتی یجوز تخصیصها بکلّ مخصّص; کما أنّه لیس حالها حال بعض العمومات المعلّلة بعلل عقلیّة عامّة لایجوز تخصیصها أبداً بأیّ مخصّص کان، بل حکمها فی جواز التّخصیص و عدمه جوازه بما لاینافی الإمتنان و عدم جوازه فیما ینافیه.


1. سورة البقرة، الآیة 216.
2. سورة الأحزاب، الآیة 10.
الوجوه المذکورة فی دفع هذا الإشکال:التنبیه الثانی: هل العبرة بالحرج الشخصی أو النوعی؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma