المقام السادس: المحلّ الّذی یعتبر التّجاوز عنه شرعی أو عقلی أو عادی؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
المقام الخامس: ما هو المراد من «الغیر»؟المقام السابع: عموم القاعدة لجمیع أبواب الفقه

قد عرفت أنّ ظاهر إطلاقات أخبار الباب عدم الإعتناء بالشّکّ فی الشیء بعد مضیّه، أو التّجاوز عنه، أو الخروج منه، و أنّ هذه العناوین المضیّ و التّجاوز و الخروج إنّما تصدق حقیقة فی موارد یعلم بوجود أصل الشیء مع الشّکّ فی تحقّق بعض ما یعتبر فیه من الأجزاء و الشّرائط; فهی غیر صادقة فی الموارد الّتی یشکّ فی أصل وجود الشیء حقیقة، فلا تشمل مورد قاعدة التّجاوز الّذی یکون الشکّ فیه فی أصل وجود الرّکوع أو السّجود أو غیرهما مثلاً.

إلاّ أنَّ تطبیق هذه الکبرى فی غیر واحد من الأخبار على هذه الموارد، یدلّ على أنّ المراد من التّجاوز عن الشّئ أعمّ من التّجاوز عنه حقیقة و بالعنایة ـ أیّ بالتّجاوز عن محلّه ـ، و هذا إطلاق شائع ذائع.

فحینئذ یقع الکلام فی أنّ المراد بـ«محل الشّیء» ماذا؟ فإنّه یتصوّر على أنحاء:

1ـ المحلّ الشّرعی: و هو المحلّ المقرّر للشیء شرعاً.

و لایخفى أنّ المراد منه هو المحلّ الّذی یعتبر إتیانه فیه أوّلاً و بالذّات و بحسب حال الذّکر و الإختیار، فمحلّ السّجود قبل الدّخول فی القیام بحسب جعله الأوّلی الشّرعی، و إن کان یجوز الرّجوع إلیه و إتیانه بعد الدّخول فی القیام إذا تذکر قبل الرّکوع.

فما یقال من أنّ محلّ السّجود باق قبل الدّخول فی رکوع الرّکعة الآتیة فاسد; لأنّه محلٌ له فی حال السّهو و النّسیان، و لذا لایجوز تأخیره کذلک عمداً.

2ـ المحل العقلی: و هو المحلّ المقرّر له بحکم العقل و بحسب الطّبع. و قد مثّل له شیخنا العلاّمة الأنصاری(قدس سره) بمحلّ «الرّاء» من تکبیرة الإحرام، فإنّه لابدّ أن یؤتى بها بلا فصل، و إلاّ لزام الإبتداء بالسّاکن المحال عقلاً.

و لایخفى أنّ هذا القسم ـ مع غمض النّظر عن المثال الّذی ذکره (قدس سره); فإنّ الإبتداء بالسّاکن لیس محالاً عقلاً بل هو کالتقاء السّاکن بل ثلاث ساکنات أمرٌ ممکنٌ فی لغتنا و إن لم یقع فیها، بینما وقع فی غیرها من لغات الأجانب ـ راجعٌ إلى المحلّ الشرعی بالمآل; فإنّ الأمر إنّما یتعلّق بالأفراد الممکنة لاغیر، فتأمّل.

3ـ المحلّ العرفی: و هو المحلّ الّذی قررّ له بحکم الطریقة المألوفة، کمحلّ أجزاء الجملة و آیات السّورة، فإنّه لابدّ أن یؤتى بها قبل فصل طویل یوجب انمحاء صورتها کما مُثِّل له.

ولکن غیر خفی أنّ هذا أیضاً راجع إلى المحلّ الشرعی، فإنّ المعتبر شرعاً فی القراءة إتیانها على الطریقة المألوفة، فلو أُتی بها على غیرها کانت فاسدة غیر مأمور بها شرعاً، لعدم صدق إسم الکلام أو السورة أو القراءة علیها عرفاً.

4ـ المحلّ العادی: و هو المحلّ المقرّر له بحسب العادة.

و العادة إمّا «عادة نوعیّة» أو «شخصیّة»، و الأولى مثل الإتیان بأجزاء الغسل متوالیة; فإنّ التّوالی و إن لم یکن معتبراً فیها شرعاً و یجوز الفصل بینها بساعة أو یوم أو أیّام إلاّ أنّه جرت عادة النّاس بإتیانها متوالیة غالباً. و الثّانی کمن اعتاد أداء الصّلاة فی أوّل وقتها; فإنّ أوّل الوقت بالنّسبة إلیه محل عادی.

و لا إشکال و لا کلام فی الإقسام الثلاثة الأولى; لما عرفت من رجوعها إلى المحلّ الشّرعی، و إنّما الکلام فی القسم الأخیر بکلا شقّیه، فقد نفاه کثیرٌ من أعلام المتأخّرین کشیخنا العلاّمة الأنصاری، و المحقّق الخراسانی، و المحقّق الإصفهانی و غیرهم (قدّس اللّه أسرارهم.)

إلاّ أنّه قد یُحکى عن غیر واحد من الأعاظم ممّن تقدّم ـ کفخر المحقّقین و غیره ـ المیل إلى إجراء قاعدة الفراغ و التّجاوز هنا، حتّى أنّهم مثّلوا له بمعتاد الموالاة فی غسل الجنابة إذا شکّ فی الجزء الأخیر منه. بل یُحکى عن الفخر الإستدلال له بخبر «زرارة»، و بأنّ خرق العادة على خلاف الأصل.

و الّذی ینبغی أن یقال: إنّه کما عرفت لیس فی أخبار الباب من لفظ «المحلّ» عینٌ و لا أثر، حتّى یتکلّم فی المراد منه; و إنّما المذکور فیها عنوان «الخروج» و «المضی» و «التّجاوز» بمعناها الأعمّ من الحقیقی و المجازی کما عرفت، و فی صدق هذه العناوین على التّجاوز عن المحلّ المعتاد إشکال; لأنّ القدر المعلوم منها المستکشف من الأمثلة المذکورة فی الرّوایات هو المحلّ الشّرعی، أو ما یرجع إلیه، و لا إطلاق یعتمد علیه بالنّسبة إلى غیره کما لایخفى.

هذا ولکنَّ المکلّف إذا کان من قصده الإتیان بأجزاء الغسل ـ مثلاً ـ متوالیةً، کان داخلاً تحت ملاک التّعلیل الوارد فی الرّوایات بقوله: «هو حین یتوضّأ أذکر منه حین یشکّ»، و قوله فی روایة محمد بن مسلم: «کان حین انصرف أقرب إلى الحقّ منه بعد ذلک»; لما قد عرفت من أنّه کالصّغرى لکبرى محذوفة، و هی أنّ الذاکر لایأتی بما یخالف مقصده و مرامه.

و من الواضح أنّ المحلّ الشّرعی أو العقلی أو العرفی بما هو لا دخل فی هذا المعنى، و إنّما هو مقدّمة لقصد الفاعل إلیه; فإنّ الفاعل إذا کان بصدد الإتیان بعمل و کان عالماً بأنّ أجزاءه مترتّبة شرعاً على نحو خاص فلا محالة یقصده بهذا التّرتیب، و إذا کان قاصداً له بهذا التّرتیب ـ و العاقل لایأتی بما هو مخالف لمرامه ـ کان فعله الخارجی منطبقاً على قصده، إلاّ أن یکون غافلاً أثناء العمل، و هو خلاف أصالة عدم الغفلة المأخوذة من ظهور حال الفاعل.

و الحاصل أنّ المحلّ الشرعی أو ما یشبهه لا دخل له فی هذا التّعلیل أصلاً، بل هو مبنی على قصد الفاعل ونیّته فقط; فلو حصل هذا القصد بعلل أخرى غیر التّرتّب الشّرعی، کالعادة، کانت العلّة جاریة فیها.

و من هنا تعرف أنّ المحلّ العادی بما هو لا أثر لها فی جریان القاعدة، إلاّ أن تکون العادة کاشفة عن قصد الفاعل; فإنّ الفاعل إذا کان معتاداً بعادة نوعیّة أو شخصیّة بإتیان عمل کالغسل ـ مثلاً ـ متوالیاً، کشفت هذا العادة عن أنّه حین الفعل قصده بهذا النّحو، فیجری التّعلیل فی حقّه; و لو فرض عدم کشف العادة عنه فی مقام، لم یعتدّ بها أصلاً، فتدبّر فإنّه حقیقٌ به.

هذا و یمکن الإستدلال على اعتبار المحلّ العادی، بالمعنى الّذی ذکرنا، بالسّیرة العقلائیّة الّتی استدلّلنا بها لأصل القاعدة; فهل ترى من نفسک إذا کنت بصدد کتابة کتاب أو ترکیب معاجین أو حساب أمور عدیدة، و کنت عالماً بأجزائها و شرائطها، و بعد ذلک شککت فی أنّک أتیت بها صحیحة تامّة، فهل ترجع إلیها مرّة بعد مرّة و إن کان محلّها العقلی باق بعدُ، أو تعتمد على ما کنت بصدده و تتعامل مع ما فعلت معاملة الفعل الصّحیح؟

و هل ترى من نفسک إذا أتیت بغسل الجنابة بقصد رفع الجنابة ثمّ مضى أیّام أو شهور، ثمّ شککت فی الإتیان بالجزء الأخیر منه، تعود إلیه مرّة بعد مرّة لأنّ أجزاء غسل الجنابة فی نفسها لیس لها محلّ شرعی یفوت بالفصل الطّویل؟

فالإنصاف أنّ الإعتماد على المحلّ العادی فی إجراء القاعدة بالمعنى الّذی ذکرنا قریب جدّاً، و لعلّ ما حُکی عن الفخر و غیره من أعاظم أصحابنا أیضاً ناظر إلى هذا المعنى.

هذا ولکنّ الّذی منع غیر واحد من کُبراء الأصحاب عن إختیار هذا القول و جعلهم فی وحشة منه، أنّ فتح هذا الباب یوجب فقهاً جدیداً; فإنّ لازمه أنّه إذا کان من عادة الإنسان الإتیان بالصّلاة أوّل وقتها، أو الوضوء بعد الحدث فوراً، الحکم بعدم وجوب الإتیان بها علیه لو شکّ آخر وقتها و کذا عدم وجوب تحصیل الطّهارة لو شکّ بعد حدثه بفصل طویل.

ولکنّه توهّم باطل; فإنّ ما ذکرنا من البیان یختصّ بما إذا أحرز إقدام الفاعل على العمل قاصداً لإتیان تمام أجزائه و شرائطه، ثمّ بعد ذلک شکّ فی تمامیتها; فإنّ هذا الفعل محکوم بالصحّة و التمامیّة، و لو کان المحلّ الشّرعی لتدارک بعض أجزائه باقیاً، فإنّ العادّة کافیة هنا. و أمّا إذا شکّ فی أصل وجوده و لم یحرز إقدام المکلّف على العمل قاصداً له کذلک فلا.

و لعلّ ما حُکی عن الفخر و غیر واحد من أعاظم الأصحاب أیضاً ناظرٌ إلى هذا المعنى; فإنّهم مثّلوا بغسل الجنابة لمعتاد الموالاة إذا شکّ فى الجزء الأخیر منه، و من الواضح أنّ هذا لایوجب فقهاً جدیداً و لا ما یستوحش منه من الفتاوى، فافهم.

المقام الخامس: ما هو المراد من «الغیر»؟المقام السابع: عموم القاعدة لجمیع أبواب الفقه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma