و قد تبیّن ممّا ذکر أنَّ غایة التّقیّة لاتنحصر فی حفظ الأنفس و دفع الخطر عنها أو عن ما یتعلّق بها من الأعراض و الأموال، بل قد یکون ذلک لحفظ وحدة المسلمین، و جلب المحبّة، و دفع الضّغائن فیما لیس هناک دواع مهمّة إلى إظهار العقیدة و الدّفاع عنها.
کما أنّه قد تکون لمصالح أُخر، من تبلیغ الرّسالة بنحو أحسن کما فی قصّة إبراهیم(علیه السلام)(1) و احتجاجه على عبدة الأصنام، أو مصلحة أخرى کما فی قصّة یوسف مع إخوته.
فهی ـ بمعناها الوسیع ـ تکون على أقسام: الخوفی، و التحبیبی، و التّقیّة لمصالح أُخر مختلفة.
و غیر خفی أنّها بأجمعها تشترک فى معنى واحد و ملاک عام، و هو إخفاء العقیدة أو إظهار خلافها، لمصلحة أهمّ من الإظهار. فالأمر فی جمیعها دائر بین ترک الأهمّ و المهم، و العقل و النّقل یحکمان بفعل الأوّل و ترک الثّانی، من غیر فرق بین أن تکون المصلحة الّتی هی أهمّ حفظ النّفوس أو الأعراض و الأموال، أو جلب المحبّة و دفع عوامل الشّقاق و البغضاء، أو غیر ذلک ممّا لایحصى.