و هو أنّه هل تجری قاعدة «التّجاوز» فی الأعمال المستقلّة کما تجری فی أجزائها، فیحکم بتحقّقها بعد التّجاوز عن محلّها، أو الدّخول فی عمل مستقلّ بعدها، أو لا؟ مثلاً: إذا دخل فی صلاة العصر فشکّ فی أنّه صلّى الظهر أو لا؟ فهل یحکم بتحقّق صلاة الظهر بمقتضى القاعدة ـ لا من ناحیة شرطیّة ترتّب العصر علیها، فإنّ ذلک أمر راجع إلى باب الأجزاء و الشّرائط، بل من ناحیة نفس صلاة الظّهر ـ بحیث لایجب الإتیان بها و لو بعد صلاة العصر، أو یجب الإتیان بها؟
قد یقال: إنّ القاعدة کما تجری فی مثل «الأذان و الإقامة» بعد الدّخول فی الصّلاة لورود النصّ فیها کما مرّ، کذلک تجری فی مثل صلاة الظّهر فی المثال المذکور و شبهها.
نعم، بناءاً على تعدّد القاعدتین و توهّم اختصاص دلیل قاعدة التّجاوز بخصوص أجزاء الصّلاة و ما هو کالشّرط و لو لکمالها کالأذان و الإقامة، لم تجر فی غیر الأجزاء و شبهها.
هذا ولکنّ التّحقیق عدم جریان القاعدة فی مفروض المسألة، و لو قلنا باتّحاد القاعدتین و دخولهما تحت عنوان واحد شامل لجمیع الأبواب ـ کما هو المختار ـ; و ذلک لأنّ صّلاة الظهر لها اعتباران:
إعتبار من ناحیة نفسها، و اعتبار من ناحیة ترتّب العصر علیها; و موضوع «التّجاوز» فی مفروض المسألة إنّما یصدق بالإعتبار الثّانی، فإنّ محّل صلاة الظّهر من ناحیة إشتراط ترتّب العصر علیها یمضی بالدّخول فی العصر، ولکن محلّها بالإعتبار الأوّل و فی نفسها باق إلى آخر وقتها الممتدّ إلى الغروب، و لذا لو نسیها و تذکّر بعد صلاة العصر وجب الإتیان بها.
و إن شئت قلت: التّرتیب شرط لصحّة صلاة العصر لا لصحّة الظهر، فإذا لم یصدق عنوان التّجاوز علیها بهذا الإعتبار فکیف تجری القاعدة فیها؟
نعم، بعد مضیّ وقتها و دخول وقت آخر یحکم بتحقّقها بمقتضى عموم هذه القاعدة، و لو لم یکن هناک دلیل آخر یدلّ على عدم الإعتناء بالشکّ بعد الوقت.
ثمّ لایخفى علیک أنّه لافرق فی ذلک بین القول بکون القاعدة أمارة، أو أصلاً; لما عرفت سابقاً من أنّ الأمارة إنّما تثبت آثار الواقع فی خصوص موردها لا بالنّسبة إلى غیره، فراجع ما ذکر هناک.