و هو أنّ القول بأماریة القاعدة ـ کما هو المختارـ لایوجب الحکم بثبوت جیمع لوازمها و ملازماتها، کما دار فی ألسنة کثیر من المتأخّرین و المعاصرین فی باب الأمارات، و أنّه یثبت بها جمیع ذلک.
مثلاً: إذا شکّ بعد الفراغ عن الظّهر فی صحّتها من جهة الشک فی الطّهارة، فلا إشکال فی الحکم بصحّتها و صحّة ما یترتّب على فعلها من صلاة العصر; و أمّا الحکم بتحقّق الطّهارة حتّى لایجب تحصیلها للصّلوات الآتیة فلا، بل یجب علیه تحصیلها للصلاة العصر و غیرها; فإنّ مورد جریان القاعدة هو نفس صلاة الظهر و هی تدلّ على صحّتها کأنّها أمر معلوم بالوجدان من هذه الجهة ـ أیّ من حیث اشتمالها على الطّهارة المعتبرة فیها ـ، و أمّا تحقّق نفس الطّهارة مع قطع النّظر عن هذه الحیثیّة فلا. تأمّل فإنّه لایخلو عن دقّة.
نعم لو أجرى القاعدة فی نفس الطّهارة، بأن شکّ فی صحّتها بعد إحراز أصل وجودها، کانت کأنّها حصلت بالوجدان، فلا یجب تحصیلها للصّلوات الآتیة.
و السّر فی جمیع ذلک، ما ذکرناه فی محلّه من أن کون شیء أمارة لایلازم إثبات جمیع ملازماته. و ما یقال من إثباتها جمیع اللوازم و الملازمات و لو بألف واسطة حدیث ظاهری خال عن التّحقیق، و لو بُنی علیه لزم فقه جدید کما لایخفى على الخبیر. بل إنّما یترتّب علیها من الآثار الواقعیّة و لوزامها فی موردها بمقدار ما ینصرف إلیه إطلاق أدلّتها، و یختلف ذلک باختلاف المقامات.
مثلاً: لاشکّ فی کون البیّنة من أوضح الأمارات و أتمّها دلیلاً وسعة، ولکن هل یمکن الأخذ بجمیع لوازمها و ملازماتها و القول بحجّیّة مثبتاتها کیف کانت؟ مثلاً: إذا شهد شاهدان أو أکثر بأنّ زیداً کان جالساً فی مکان فلانی، ثمّ جاء رجل و رمى إلى جانبه سهماً لو کان جالساً فی مکانه لأصابه و قتله، فهل ترى بمجرّد شهادة الشهود إجراء حکم القتل ـ عمداً أو خطأً ـ فی حقّه و لو لم یحصل القطع بوقوع القتل من الأمارة المذکورة، إستناداً إلى أنّ ذلک من آثارها الشرعیّة و لو بوسائط؟
أو أنَّه إذا قامت البیّنة بأنّ هذا الیوم هو أوّل یوم من شوال و یوم فطر، و علمنا أن زیداً یجیء من سفره ذاک الیوم بعینه، فهل یمکن ترتیب آثار مجیء زید بمجرّد هذه الشّهادة؟ فتدبّر فإنّه حقیق به.
