التّنبیه الثّامن: هل یجوز الإضرار بالغیر لدفع الضرر عن النّفس؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
التنبیه السابع: هل المراد بالضرر هو الضرر الشخصی أو النوعی؟التّنبیه التّاسع: حکم تعارض الضررین

قال شیخنا الأعظم العلاّمة الأنصاری فی رسالته المعمولة فی المسألة فی ملحقات مکاسبه، فی «التّنبیه الرّابع» من التّنبیهات الّتی أوردها هناک مالفظه: «مقتضى القاعدة أن لایجوز لأحد إضرار إنسان لدفع الضرر المتوجّه إلیه، و أنّه لایجب على أحد دفع الضرر عن الغیر بإضرار نفسه; لأنّ الجواز فی الأوّل و الوجوب
فی الثّانی حکمان ضرریان». ثمّ فرّع على الأوّل ما ذکروه من عدم جواز إسناد الحائط المخوف وقوعه على جذع الجار، و على الثّانی جواز إضرار الغیر عند الإکراه و التّقیّة; بمعنى أنّه إذا أمر الظّالم بإضرار أحد و أوعد على ترکه، جاز للمأمور إضراره لدفع الضرر المتوعّد عن نفسه، و لایجب علیه تحمّل ذلک الضرر لدفع الضرر عن الغیر.

و ذکر فی (الفرائد) فی هذا المقام ما لفظه: «أنّه قد یتعارض الضرران بالنسبة إلى شخص واحد أو شخصین، فمع فقد المرّجح یرجع إلى الأصول و القواعد الأُخر، کما أنّه إذا أکره على الولایة من قبل الجائر المستلزمة للإضرار على النّاس، فإنّه یرجع إلى قاعدة «نفی الحرج»; لأنّ إلزام الشخص بتحمّل الضرر لدفع الضرر عن غیره حرج. و قد ذکرنا توضیح ذلک فی مسألة التولّی من قبل الجائر من کتاب المکاسب» إنتهى.

و ذکر هناک ما حاصله: «إنّ الضرر إذا توجّه إلى شخص ـ بمعنى حصل مقتضیه ـ فلا یجوز دفعه عن نفسه بإضرار غیره، کما إذا أجبره الظالم على دفع مال من أمواله، فإنّه لایجوز له نهب مال غیره لدفع الضرر عن نفسه; أمّا إذا کان الضرر أوّلاً و بالذات متوجّهاً إلى الغیر، کما إذا أجبره على نهب مال الغیر و أوعده على ترک النّهب بأخذ مال نفسه، فیجوز له ذلک، و لایجب علیه بذل مال من أمواله و تحمّل الضرر عن الغیر; لأنّ الضرر بحسب قصد المکره بالکسر و إرادته الحتمیّة متوجّه نحو الغیر، و المکره بالفتح و إن کان مباشراً للإضرار إلاّ أنّه ضعیف لاینسب إلیه الإضرار حتّى یقال: إنّه أضرّ بالغیر لئلاّ یتضرّر نفسه. نعم، لو تحمّل الضرر و لم یضرّ بالغیر فقد صرف الضرر عنه إلى نفسه عرفاً، ولکن الشّارع لم یوجب علیه هذا المعنى، و الإمتنان بهذا على الأمّة لا قبح فیه. هذا مع أنّ أدلّة نفی الحرج کافیة فی الفرق بین المقامین، فإنّه لاحرج فی عدم الرخصة فی دفع الضرر عن النّفس بإضرار الغیر، بخلاف إلزام تحمّل الضرر عن الغیر بإضرار النّفس فإنّه حرجی قطعاً» إنتهى ملخّصاً.

أقول: إعلم أنَّ هنا مسائل ثلاث:

أحداها: عدم جواز الإضرار بالغیر لدفع الضرر عن النّفس، و هذا مستفاد من حدیث لاضرر بلا کلام.

ثانیتها: عدم وجوب تحمّل الضرر عن الغیر بإضرار النّفس، و هذا مستفاد من أدلّة البراءة، ولایحتاج إلى قاعدة لاضرر; لأنّه لیس لنا دلیل یقتضی ـ بعمومه أو إطلاقه ـ وجوب تحمّل الضرر عن الغیر، حتّى یحتاج فی نفیه إلى أدلّة نفی الضرر، بخلاف المسألة الأولى; لأنّ إطلاقات البراءة هناک تدلّ على الجواز على عکس ما نحن فیه، فیحتاج فی نفیه إلى قاعدة لاضرر.

ثالثتها: مسألة تعارض الضررین فی حق شخصین أو شخص واحد، و سیأتی حکمه فی التنبیه الآتی إن شاء اللّه، و لادخل له بالمسألتین السّابقتین. و من العجب أن شیخنا العلاّمة الأنصاری (قدس سره) قد جمع فی الفرائد بین هذه المسائل الثلاث فی عبارة واحدة کما عرفت; ولکنّه(قدس سره) فرّق بینها فی رسالته المطبوعة فی ملحقات، (المکاسب)، فعقد للمسألتین الاولیّین التنبیه الرّابع، و لتعارض الضررین التنبیه السّادس من التّنبیهات الّتی ذکرها.

و أعجب منه ما أفاده المحقق النّائینی فی المقام، حیث أورد على کلام الشیخ فی رسالته المذکورة بأنّه لاوجه لعقد مسألة واحدة للجمیع، و أنّ الصّواب جعل عنوان مسألة تعارض الضررین عنواناً مستقلاًّ، و مسألة الإضرار بالغیر کالولایة من قبل الجائر عنواناً آخر.

أقول: کأنّه زاغ بصره الشّریف عن الأمر الرّابع الّذی ذکره الشیخ(قدس سره) فی تلک الرّسالة، فإنّه بعینه ما رامه. و على کل حال، فلنرجع إلى البحث عن المسألتین الأولیّین اللّتین عقد لهما هذا التّنبیه، ثمّ لنبحث عن الثالثة فی التّنبیه الآتی إن شاء اللّه، فنقول و منه سبحانه نستمد التوفیق و العنایة:

أمّا الاضرار بالغیر لدفع الضرر عن النّفس فهو أمر غیر جائز بلا إشکال، فلا یجوز توجیه السیل إلى دار الغیر دفعاً له عن داره، و لا إلقاء الغیر عند السبع لصرفه عن نفسه. و یدلّ علیه أدلّة نفی الضرر لاسیّما على المختار فی معناها.

لایقال: إنّ ترک الإضرار بالغیر فی مفروض البحث أیضاً یشتمل على الضرر، فکما أنّ فعله مستلزم للضرر على الغیر فکذلک ترکه أیضاً مستلزم للضرر على نفسه، فیکون داخلا فی مسألة تعارض الضررین، و لعلّ هذا هو الوجه فی جعل الجمیع مسألة واحدة.

لأنّا نقول: ترک الإضرار بالغیر فی مفروض البحث لیس فی حدّ ذاته ضرریّاً، و إنّما هو ترک للمانع عن مقتضی الضرر، توضیحه: إنّ مقتضی الضرر فی مفروض الکلام ـ و هو توجّه السیل أو السّبع مثلاً ـ موجود بحسب أسبابه الطبیعیّة لابسبب فعل المکلّف، ولکن یمکن خارجاً دفع أثره بتوجیهه نحو الغیر و صرفه عن نفسه، فترک هذا إنّما هو ترک للمانع لا إیجاد للمقتضی کما لایخفى.

و من هنا تعرف أنّ أدلّة لاضرر لاتشمل هذه الترک رأساً، لعدم موضوع له هنا، فلا یحتاج إلى القول بانصرافها بقرینة ورودها مورد الإمتنان ـ کما یظهر من بعض کلماتهم ـ، لأنّ ذلک فرع وجود الموضوع و المقتضی لها، و قد عرفت عدمه فی المقام. هذا بالنّسبة إلى المسألة الأولى.

و أمّا المسألة الثّانیة ـ و هی تحمّل الضرر بنفسه لدفعه عن غیره، کما إذا توجّه السیل بحسب أسبابه الطبیعیّة نحو الغیر فدفعه إلى داره حفظاً لدار الغیر عن الضرر ـ، فقد عرفت أنّه لادلیل یقتضی وجوب ذلک و لو بالإطلاق کی یحتاج إلى نفیه إلى قاعدة نفی الضرر أو قاعدة نفی الحرج; فالقاعدة أجنبیّة عنه، و المرجع فیه هو البراءة. نعم، لو کان هناک عموم أو إطلاق یقتضی وجوبه أمکن التمسّک بالقاعدة على نفیه.

بقی فی المقام مسألة «الإضرار بالغیر عند الإکراه»، کالتولّی من قبل الجائر مکرهاً إذا استلزم إضراراً و ظلماً على بعض العباد، الّذی صرح الشّیخ(قدس سره) بجوازه فی مقامات مختلفة، مدعیاً أنّ الضرر بحسب طبعه الأوّلی و إرادة المکره (بالکسر) متوجّه نحو الغیر، فلایجب ترک الإضرار به و تحمّله عنه، فهو عنده من صغریات المسألة السابقة، و قد تبعه على هذا المعنى کثیر من متأخّریه.

ولکن ما ذکره ممنوع جداً لأنّا نمنع من اندراجه تحت تلک المسألة، بیان ذلک: إنّ الضرر فی هذه الموارد إنّما یتوجّه نحو الغیر من ناحیة فعل المکره (بالفتح)، فمع قطع النظر عن فعله لایتوجّه إلیه شیء. و إن شئت قلت: عدم وجوب تحمّل الضرر عن الغیر إنّما هو فی المواطن الّتی یکون مقتضی الضرر بحسب أسبابه الطبیعیّة و الخارجیّة مع قطع النّظر عن فعل هذا المکلّف موجوداً و متوجّهاً نحو الغیر، ولکن مکلّفاً آخر یقدر على إیجاد المانع عن تأثیره بتوجیه الضرر إلى نفسه، و فی باب الإکراه لیس الأمر کذلک، فإنّ الضرر بحسب أسبابه الطبیعیّة و الخارجیّة لم یتوجّه نحو الغیر، و إنّما یتوجّه إلیه بسبب إرادة المکره (بالفتح).

و أمّا ما أفاده العلاّمة المذکور (قدس سره) فی بعض کلماته من أن توجّه الضرر نحو الغیر فی موارد الإکراه إنّما هو بسبب إرادة المکره بالکسر فهو ممنوع جداً، لأنّ مجرد إرادة المکره بالکسر لایوجب توجیه الضرر نحو الغیر ما لم یکن المکره (بالفتح) کالالة. نعم، لو کان المکره بالفتح مقهوراً للمکِره بحیث یعد مضطراً على العمل على وفق إرادته أمکن القول بذلک، لأنّ الضرر بحسب أسبابه الخارجیّة ـ و منها إرادة المکره (بالکسر) ـ توجه نحو الغیر، و لم تتوسّط فیه إرادة المکره (بالفتح) و إختیاره. ولکن الأمر فی موارد الإلجاء و الإضطرار سهل، لأنّه لایبقى هناک مجال للبحث عن جواز الإضرار و عدمه، لارتفاع التکلیف فیها رأساً.

أمّا إذا لم یکن المکلّف ملجئاً، بل کان مکرها، مع بقاء إرادته و اختیاره المقابل للإضطرار و الإلجاء، فتوجّه الضرر نحو الغیر لایکون إلاّ بتوسیط إرادته; فإرادته و اختیاره متوسّط فی البین، و بدونه لایکون الضرر متوجّهاً نحو الغیر. و ما یظهر من کلماته (قدس سره) من أنّ الفعل لایسند إلى المکره (بالفتح) و إن کان مباشراً ـ لضعفه و قوّة السبب و هو المکره (بالکسر) ـ أیضاً ضعیف; فإنّ إسناد الفعل فی المقام إنّما هو إلى المباشر قطعاً بحسب أنظار أهل العرف لمقام إرادته و اختیاره، و إنّما لاینسب إلیه إذا کان مضطراً و ملجئاً و کان کالالة لفعل المکره بالکسر أو ما یجری مجراه.

و من أشنع ما یلزم هذا القول أنَّ مقتضاه جواز الإضرار بالغیر فی موارد الإکراه بما دون النّفس مطلقاً، و لو کان بالمضار المؤلمة المشجیة فی الأموال و الأنفس، و إن بلغت ما بلغت، لدفع ضرر یسیر عن نفس المکره (بالفتح) و ماله و عرضه; فإنّ ذلک هو مقتضى الحکم فی باب تحمّل الضرر عن الغیر، إذ لایجب تحمّل ضرر یسیر على نفسه دفعاً لضرر کثیر عن غیره ـ إلاّ فی موارد مستثناة کالنّفوس و شبهها ـ، و قد عرفت أنّ باب الإکراه عند العلاّمة الأنصاری (قدس سره) و من تبعه من مصادیق مسألة تحمّل الضرر المتوجّه إلى الغیر، فتدبّر تعرف.

و قد تلخّص من جمیع ما ذکرنا أنّ مسألة الإکراه على الضرر ـ کما فی التولّی من قبل الجائر و أشباهه ـ لاتکون من باب تحمّل الضرر عن الغیر بتضرّر النّفس، و إنّما تکون من باب تعارض الضررین، فیجری علیها الأحکام الآتیة فی التنبیه الآتی إن شاء اللّه، فکن على بصیرة منه.

التنبیه السابع: هل المراد بالضرر هو الضرر الشخصی أو النوعی؟التّنبیه التّاسع: حکم تعارض الضررین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma