ما یدلّ علیها من الکتاب العزیز

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
المقام الاول: مدارک قاعدة لاحرجما یدلّ علیها من السّنة

و استدلّ لها بآیات منه:

منها: قوله تعالى: (وَ جَاهِدُواْ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاکُمْ وَ مَا جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَج مِّلَّةَ أَبیکُمْ إِبْرَاهِیمَ )(1)

و هی من أقوى الأدلّة علیها، و إلیها استند فی أخبار کثیرة لنفی تکالیف حرجیّة فی الشّریعة المقدّسة، تارة بعنوان الحکمة لتشریع بعض الأحکام، و أخرى بعنوان العلّة لها بما سیأتی نقله; و معها لایبقی ریب فی دلالتها على المطلوب; بل لاینبغی الرّیب فیها مع غضّ النّظر عن هذه الأخبار الکثیرة أیضاً، لتمامیّة دلالتها فی حدّ ذاتها.

و المراد من «المجاهدة» فیها هی المجاهدة فی امتثال الواجبات و ترک المحرّمات ـ کما اختاره اکثر المفسّرین ـ. و حقّ الجهاد إمّا هو الإخلاص فی هذه المجاهدة العظیمة ـ کما یحکى عن أکثر المفسّرین ـ، أو الإطاعة الخالیة عن المعصیة ـ کما یحکى عن بعضهم ـ; و لعلّ الجمیع یرجع إلى معنى واحد، و هو المجاهدة البالغة حدّ الکمال الخالیة عن شوائب النّقصان.

و معنى الآیة ـ و اللّه أعلم ـ أنّه لاعذر لأحد فی ترک المجاهدة فی امتثال أوامر اللّه تعالى و اجتناب نواهیه بعد ما کانت الشّریعة سمحة سهلة و لیس فی أحکام الدّین أمر حرجی یشکل إمتثاله، فکأنّه یقول: کیف لاتجاهدون فی اللّه حقّ جهاده و قد اجتباکم من بین الأمم و لم یجعل علیکم فی الشّریعة و أحکامها أمراً حرجیاً؟

و منها: قوله تعالى: (و إِنْ کُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِنْکُمْ مِنِ الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَیَمَّمُواْ صَعِیداً طَیباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِکُمْ وَ أَیْدِیْکُم مِّنْهُ مَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُم مِّنْ حَرَج وَلکِنْ یُرِیدُ لِیُطَهِّرَکُمْ وَ لِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ )(2)

و فی دلالتها على المقصود تأمّل، فإنَّ المستفاد من صدرها و ذیلها أنّ الأمر بالغسل و الوضوء عند وجدان الماء، و التیمّم عند فقدانه، إنّما هو لمصلحة تطهیر النّفوس، أو هی و الأبدان، من الأقذار الباطنة و الظاهرة; فلا یرید اللّه تعالى بتشریع هذه التّکالیف إلقاء النّاس فی مشقّة و ضیق بلا فائدة فیها، بل إنّما یرید تطهیرهم بها; فالمراد من الحرج هنا لیس مطلق المشقّة، بل المشاق الخالیة عن الفائدة و المصالح العالیة الّتی یرغب فیها لتحصیلها.

و الشاهد على ذلک کلمة «لکن» الإستدارکیة فی قوله: (وَلَکِنْ لِیُطَهِّرَکُمْ ) بعد قوله: (مَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِّنْ حَرَج )، و إن هو إلاّ نظیر قول القائل: «إشتر لی طعاماً من ذاک المکان البعید، ما أرید لأجعلک بذلک فی کلفة و مشقّة و إنّما أرید تحصیل الطعام الطیّب»; فالمراد من الحرج هنا المشاق الّتی لاطائل تحتها، و لافائدة مهمّة فیها تجبر کلفتها، فلا یمکن التمسّک بها لإثبات هذه القاعدة الکلّیة کما هو ظاهر.

و إن شئت قلت: المقصود إثبات قاعدة کلّیة دافعة للتکالیف الحرجیّة، یمکن الّتمسّک بها فی قبال العمومات المثبتة للتکالیف حتّى فی موارد العسر و الحرج، نظیر إطلاقات وجوب الوضوء و الغسل الشاملة لموارد الحرج. و من الواضح أنّ إطلاقات الأدلّة الأوّلیة کما تدل على ثبوت الحکم حتّى فی موارد العسر و الحرج کذلک تدلّ على وجود مصالح فی مواردها أو فی نفس تلک الأحکام بالملازمة القطعیّة، و حینئذ لایمکن نفی هذه التکلیف فی موارد الحرج بالآیة الشریفة، بناءاً على ما عرفت من ظهورها فی نفی المشقة الخالیة عن فائدة جابرة لها.

و منها: قوله تعالى: (وَ مَنْ کَانَ مَرِیضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَیّام أُخَرَ یُرِیدُ اللَّهُ بِکُمُ الیُسْرَ وَ لاَیُرِیدُ بِکُمُ الْعُسْرَ... ).(3)

و غایة ما یمکن أن یقال فی تقریب دلالتها على المدّعى هو أنّ الظاهر من قوله تعالى: (یُرِیدُ اللَّهَ بِکُمُ الْیُسْرَ وَ لاَیُرِیدُ بِکُمُ الْعُسْرَ ) بعد نفی وجوب الصّیام عن طائفتین، المسافرین و المرضى، أنّه بمنزلة التّعلیل لهذا الحکم، فیکون کسائر الکبریات الکلیّة الّتی یستدلّ بها لإثبات أحکام خاصّة، ولکن مفادها عام شامل لمورد الإستدلال و غیره; فتدلّ هذه الفقرة على نفی جمیع الأحکام العسرة و الحرجیّة، فتأمّل.

و منها: قوله تعالى: (رَبَّنَا وَ لاَتَحْمِلْ عَلَیْنَا إِصْراً کَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنَا... )(4)

وجه الإستدلال بها أن نبینا الأعظم(صلى الله علیه وآله) سأل ربّه لیلة المعراج أموراً حکاها اللّه تعالى فی هذه الآیة الشریفة، و منها رفع الإصر عن أمّته; و کرامته(صلى الله علیه وآله) على ربّه و مقامه عنده تعالى یقتضی إجابة هذه الدّعوة و إعطاءه ذلک، و یشهد لهذه الإجابة نقلها فی القرآن العظیم و الإهتمام بأمرها، فلولا إجابته له لم یناسب نقلها فی کتابه فی مقام الإمتنان على هذه الأمّة المرحومة، و هو ظاهر.

و حیث أنّ الإصر فی اللّغة ـ کما سیأتی عند تحقیق معنى العسر و الحرج و الإصر ـ بمعنی النّقل، أو الحبس، أو الشّدائد، کانت الآیة دلیلاً على نفی التّکالیف الحرجیّة عن هذه الأمّة.

هذا کلّه مع قطع النّظر عن الرّوایات الواردة فی تفسیرها، و أمّا بالنّظر إلیها فالأمر أوضح جدّاً، فقد وقع التّصریح فی غیر واحد منها بأنّه تعالى أجاب رسوله و أعطاه ذلک و رفع عن أمّته(صلى الله علیه وآله)الآصار; و قد ذکر فی بعض هذه الأخبار موارد کثیرة من هذه الآصار الّتی کانت فی الأمم الماضیة و رفعها اللّه عن هذه الأمّة، رحمة لها و إکراماً لنبیه الأعظم، و سیأتی نقل نماذج من هذه الأخبار عند ذکر الرّوایات الدالّة على القاعدة.

و قد ظهر من جمیع ما ذکرنا فی بیان الآیات الّتی یمکن التمسّک بها فی إثبات هذه القاعدة أنّ أظهرها دلالة على المطلوب هی الآیة الأولى، المستدلّ بها فی کثیر من الأخبار الواردة فی المسألة، الّتی یظهر من مجموعها أنَّ للآیة خصوصیّة فی هذا الباب، و إن کانت بقیّة الآیات أیضاً لاتخلو عن دلالة أو تأیید للمدّعى; ففی مجموعها غنى و کفایة، و إن لم تبلغ فی الظهور و قوّة الدلالة مرتبة الروایات التّالیة.


1. سورة الحج، الآیة 78.
2. سورة المائده، الآیة 6.
3. سورة البقرة، الآیة 185.
4. سورة البقرة، الآیة 286.
المقام الاول: مدارک قاعدة لاحرجما یدلّ علیها من السّنة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma