الأمر الأوّل: علّة هذا التأکید البلیغ فی أمر التقیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
و أمّا الروایاتالأمر الثانی: أقسام التّقیّة و غایاتها

لاشکّ أنّ الناظر فی هذه الأخبار یجد فی أوّل نظره إلیها تأکیداً بلیغاً فی التقیّة قلّما یوجد فی أشباهها، و قد یستوحش منها، أو یوجب سوء الظنّ بها أو ببعضها، کلّ ذلک جهلا بأسرارها و مواردها و مغزاها.

ولکن التّدبّر فیها و فی الظّروف الّتی صدرت لها، و فی القرائن الموجودة فی کثیر منها یرشدنا إلى سرّ هذه التأکیدات، و یرفع النّقاب عن وجهها و یفسّرها تفسیراً تاماً.

و الظّاهر أنَّ هذا الإهتمام کان لأمرین مهمین:

أحدهما: إنّ کثیراً من عوام الشّیعة، أو بعض خواصّها، کانوا یقومون فی وجه الحکومات و الأنظمة الفاسدة، الأمویّة و العبّاسیّة، بلا عِدّة و عُدّة، و لاتخطیط صحیح، و لامحجّة واضحة، فیلقون بأنفسهم إلى التّهلکة. کأنّهم یرون إعلان عقیدة الحقّ ـ و لو لم یکن نافعاً ـ واجباً، و إخفاءها ـ و لو لم یجلب إلاّ الوهن و الضّرر على المذهب و مقدّساته ـ حراماً، و إن کان حافظاً للنّفوس و الأعراض و مفیداً لحفظ المذهب و کیانه.

أو کانوا یرون التّقیّة کذباً، و مجرّد ذکر کلمة الشّرک شرکاً و کفراً، و إن کان القلب مطمئناً بالإیمان، و لذا بکى عمّار بعد إظهار کلمة الکفر تقیّة، حتّى ظنّ أنّه خرج عن الإسلام و هلک.

فنهاهم أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) عن هذه الأعمال الکاسدة الضّئیلة غیر المفیدة، و عن هذه الآراء الباطلة. و یشهد لذلک ما ورد من أنّها الجُنّة و ترس المؤمن و أمثل ذلک.

أضف إلى ذلک قول الصّادق(علیه السلام) فیما رواه حذیفه عنه فى تفسیر قوله تعالى: (و لاتُلْقُوا بِأیدِیَکُم إلى التَّهْلُکَةِ )، قال: (هذا فی التّقیّة)(1).

و لعلّ الرّوایات الحاکیة عن تقیّة الأنبیاء و جمع من الأولیاء ناظرة إلى أنّها لیست کذباً ممنوعاً، و لاموجباً للکفر و الخروج عن الدّین ـ إذا کانت فی مواردها ـ ، کما تشهد به الرّوایة التی رواها. الکلینی عن درست الواسطی قال: (قال أبوعبداللّه(علیه السلام): ما بلغت تقیّة أحد تقیّة أصحاب الکهف، إن کانوا لیشهدون الأعیاد، و یشدّون الزّنانیر، فأعطاهم اللّه أجرهم مرّتین)(2).

ثانیهما: إنّ کثیراً من عوام الشّیعة و بعض خواصّهم کانوا یترکون العشرة مع غیرهم من المسلمین من أهل السنّة; لأنّهم إن أظهروا عقیدتهم الحقّ ربّما وقعوا فى الخطر و الضّرر، و جلب البغضاء و العداوة، و إن أخفوه کانوا مقصّرین فی أداء ما علیهم من إظهار الحقّ، مرتکبین للأکاذیب، فیرون الأرجح ترک العشرة معهم وعدم

إلقاء أنفسهم فی أحد المحذورین، غفلةً عن المضارّ المتربّتة على مثل هذا العمل، من شقّ العصا، و إسنادهم إلى الخشونة و قلّة الأدب و العواطف الإنسانیّة، و ترکهم لجماعة المسلمین و آدابهم.

فندبهم الأئمّة(علیه السلام) بالعشرة معهم بالمعروف و حسن المصاحبة و الجوار، کیلا یعیّروا بترکها و لایکونوا شیناً على أئمّتهم، و ان اضطروا فی ذلک إلى التّقیّة أحیاناً.

و یشهد لذلک روایات عدیدة:

منها: ما رواه فی (الکافی) عن هشام الکندی قال: (سمعت أباعبداللّه(علیه السلام) یقول: إیّاکم أن تعملوا عملاً نعیّر به، فإنّ ولد السّوء یعیّر والده بعمله، کونوا لمن انقطعتم
إلیه زیناً، ولاتکونوا علیه شیناً، صلّوا فی عشائرهم، و عودوا مرضاهم، و اشهدوا جنائزهم، و لایسبقونکم إلى شی من الخیر، فأنتم أولى به منهم، و اللّه ما عبداللّه بشی أحبّ إلیه من الخبء، قلت: و ما الخبء؟ قال: التّقیّة)(3).

و هذه الرّوایة تنادی بأعلى صوتها بعدم الاعتزال عن القوم، و لزوم العشرة معهم بالمعروف، والصّلوة معهم، و عیادة مرضاهم، و شهادة جنائزهم، و غیر ذلک من أشباهه; کیلا یعیّروا بترکه الأئمّة(علیه السلام)، و لایجدوا طریقاً للإزراء بهم و بأتباعهم، و یجوز حینئذ التّقیّة معهم. و هذا النوع من التّقیّة تحبیبی.

و منها: و ما رواه فی (الکافی) أیضاً عن مدرک بن الهزهاز، عن أبیعبداللّه(علیه السلام) قال: (رحم اللّه عبداً اجتّر مودّة النّاس إلى نفسه، فحدّثهم بما یعرفون، و ترک ما ینکرون)(4).

فإنّ الحدیث معهم بما یعرفون و ترک ما ینکرون من مصادیق التّقیّة. و إنّما یؤتی بذلک تحبیباً.

و منها: ما فی تفسیر الإمام الحسن العسکرى(علیه السلام) قال: (و قال الحسن بن علی]بن أبی طالب[(علیه السلام): إنّ التّقیّة یصلح اللّه بها أُمّة، لصاحبها مثل ثواب أعمالهم، فإن ترکها أهلک أُمّة، تارکها شریک من أهلکهم... الحدیث)(5).

و لعلّ إرداف التّقیّة بحقوق الإخوان هنا و فی روایات أُخر إشارة إلى اشتراکهما فی حفظ الأمّة و وحدتها و حقوقها و کیانها، و إن کان التّأکید فی الأوّل لإخوانهم الخاصّة، و الثّانی للعامّة.

و قد ورد فی غیر واحد من الرّوایات (مثل الرّوایة 32 من الباب 24، و الرّوایة 33 من ذاک الباب بعینه) تفسیر قوله تعالى فی قصّة ذى القرنین حاکیاً عن القوم الّذین وجدهم عند السّدین: (...تَجْعَلَ بینَنا و بینَهُم سدَّاً )،(6) و قوله (فَمَا اسطَاعُوا أَن یَظْهَرُوهُ وَ مَا استَطَاعُوا له نَقْبَاً ).(7) أنّ هذا هو التّقیّة; فإنّها الحصن الحصین بینک و بین أعداء اللّه، و إذا عملت بها لم یقدروا على حیلة.

و هذا و إن کان ناظراً إلى تأویل الآیة و بطنها، و العدول عن ظاهرها ببعض المناسبات لکشف ما فیها من المعانی الأُخر غیر معناها الظّاهر، إلاّ أنّه على کلّ حال دلیل على أنّ التّقیّة تسدّ الأبواب على العدوّ. لاباب المضرة فقط، بل باب التّعییر و اللّوم و غیرهما. فهی الحصن الحصین الّذی لایقدرون ظهوره، و لایستطیعون له نقباً.

و یکون فیها أیضاً نجاة و صیانة للأئمّة(علیه السلام) عن سفلة الرّعیّة الّتی قد بدت البغضاء من أفواههم و ما تخفی صدورهم أکبر، فمعها لایجدون عذراً الى نیل الأعراض و هتک الحرمة، کما ورد فی روایة (المجالس) عن الإمام علی بن محمد، عن آبائه(علیهم السلام)قال: (قال الصّادق(علیه السلام): لیس منّا من لم یلزم التّقیّة، و یصوننا عن سفلة الرّعیّة)(8).


1. الوسائل، ج 11، الباب 24 من أبواب الأمر بالمعروف، ح 36.
2. المصدر السابق، الباب 26، ح 1.
3. الوسائل، ج 11، الباب 26 من أبواب الأمر بالمعروف، ح 2.
4. المصدر السابق، ح 4.
5. الوسائل، ج 11، الباب 28 من أبواب الأمر بالمعروف، ح 4.
6. سورة الکهف، الآیة 94.
7. سورة الکهف، الآیة 97.
8. الوسائل، ج 11، من أبواب الأمر بالمعروف، الباب 24، ح 28.
و أمّا الروایاتالأمر الثانی: أقسام التّقیّة و غایاتها
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma