قد عرفت أنّه من المظانّ الّتی یستحبّ فیها التقیّة، موارد العشرة مع العامّة بالمعروف، و قد عرفت دلیله، و أنّ کثیراً من الرّوایات الواردة فی الباب (26)، من أبواب الأمر بالمعروف و النّهی عن المنکر، من (الوسائل)، لاسیّما الرّوایة 2 و 4 من هذا الباب، و الرّوایة 16 من الباب (24)، و الرّوایات الکثیرة الواردة فی أبواب الجماعة و الدّخول فی جماعتهم، تدلّ على ذلک.
ولکن ذکر شیخنا العلاّمة الأنصاری فی کلام له: «و أمّا المستحبّ من التقیّة فالظّاهر وجوب الاقتصار فیه على مورد النصّ، و قد ورد النّص بالحثّ على المعاشرة مع العامّة، و عیادة مرضاهم، و تشییع جنائزهم، و الصّلاة فی مساجدهم، و الأذان لهم; فلایجوز التّعدّی عن ذلک إلى ما لم یردّ النّص من الأفعال المخالفة للحقّ، کذم بعض رؤساء الشّیعة للتحبّب إلیهم.
و یرد علیه أنّه لاخصوصیّة فی هذه الأمور، بعد التّعلیلات الواردة فیها، أو ما یشبه التّعلیل، و بعد کونها داخلة فی قاعدة «الأهمّ و المهمّ، و الأخذ بالأهمّ من المصالح و المفاسد» کما لایخفى.
إلى هنا ینتهی کلامنا فی حکم التقیّة بحسب التّکلیف، فلنشرع فی بیان حکمها الوضعی، و صحّة الأعمال المأتی بها تقیّة أو فسادها.