المقام الثّانی: فی مفاد القاعدة و حدودها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
الرّابع: الإجماعالمقام الثّالث: فی شرائط جریانها

لقد تحصّل من جمیع ما ذکرنا من الأدلّة أنّ مشروعیّة القرعة على إجمالها ممّا لاشکّ فیها، و إنّما الکلام فی أمور:

2ـ أنّه هل یشترط فى العمل بها فی کلّ مورد عمل الأصحاب بها فیه ـ کما قیل ـ أو لا؟

3ـ أنّها من الأمارات، أو من الأصول العملیّة، أو فیها تفصیل؟

4ـ نسبتها مع غیرها من الأمارات و الأصول.

فنقول ـ و من اللّه سبحانه نستمد التّوفیق و الهدایة ـ:

أمّا الأوّل: فالحقّ أنّه لیس فی عناوین الأدلّة من عنوان: «المشکل» عین و لاأثر، و إنّما المذکور فیها عنوان: «کلّ مجهول». کما فی روایة محمد بن حکیم عن أبی الحسن موسى(علیه السلام)، و کما فی مرسلة الشّیخ فی (النّهایة) عنه(علیه السلام) و عن غیره من آبائه و أبنائه(علیهم السلام).

و قد قال المحقّق النّراقی(قدس سره) بأنّ الرّوایة الأولى قد حُکی الإجماع على ثبوتها و على روایتها.(1)

و قد ورد فی مرسلة (فقه الرّضا) ـ بناءاً على کونها روایة عن المعصوم ـ: (و کلّ ما لایتهیّأ فیه الإشهاد علیه).

و الظّاهر أنّ المراد بالمجهول هو المجهول المطلق، أعنی: ما لا طریق إلى معرفة حاله لا من الأدلّة القطعیّة و لا الظنّیة، و لا من الأصول العملیّة; بأن لایکون مجراها، أو کان ولکن کان فی العمل بها فیه محذور، کما فی مورد الغنم الموطؤة المشتبهة فی قطیع غنم; فإنّ الأصل العملی فیها و إن کان هو الإحتیاط بالاجتناب عن الجمیع إلاّ أنّه مستلزم للعسر و الحرج و الضّرر الکثیر فألغاه الشّارع، فصار مجهولاً مطلقاً، فأمر بالرّجوع فیها إلى القرعة.

 

و على هذا کلّ ما کان حاله معلوماً بأحد الطّرق و الموازین الشّرعیّة، قطعیّة کانت أو ظنّیة، أمارة کانت أو أصلاً، لم یکن داخلاً تحت عنوان «المجهول» الوارد فی أخبار الباب.

و یؤیّد ذلک جداً أنّ مجرى القرعة عند العقلاء أیضاً ما لایمکن حلّه بشیء من الطّرق و الأصول الدّائرة بینهم، بحیث کان ترجیح بعض الاحتمالات على بعض من قبیل التّرجیح بلا مرجح. و قد عرفت أنّ الشّارع المقدّس قد أمضى طریقتهم، و إن أضاف إلیها بعض ما سیأتی الإشارة إلیه إن شاء اللّه.

ثمّ انّه، لا إشکال و لا کلام فی اختصاص القاعدة بالشّبهات الموضوعیّة، و عدم جریانها عند الشّکّ فی الأحکام الکلّیة الشّرعیّة; لاختصاصها عند العقلاء و العرف بها. کما أنّه لیس فی شىء من الموارد الخاصّة الّتی ورد فی الشّرع إجراء القرعة فیها غیر الشّبهات الموضوعیّة کما عرفت.

نعم، الظّاهر من قضیّة عبدالمطلّب و استکشاف مقدار فداء ولده بالقرعة، جریانها فی الشّبهات الحکمیّة أحیاناً، ولکن لابدّ من توجیهها بما ذکرناه عند نقل روایات الباب عند ذکر هذا الحدیث، أو بغیره.

ثمّ، انّ الظّاهر أنّها لا تختصّ بأبواب المنازعات و تنازع الحقوق، و إن کان أکثر مواردها من هذ القبیل; حتّى ظنّ بعضهم أنّها من مدارک القضاء الشّرعی لا غیر، و أنّه لایعتمد على القرعة فی غیره; و ذلک لما رآه من ورود جلّ روایاتها فی هذا الباب.

ولکن الإنصاف أنّ هذا القول ضعیف جدّاً و مثله فی الضّعف ما حکاه فی (القواعد) عن بعض العامّة أنّ مورد القرعة هو خصوص ما یجوز التّراضی علیه ـ ; لأنّه یرد علیه:

أوّلاً; أنّ فیها ما لا ربط له بباب التّنازع و القضاء. و ذلک مثل ما نقلنا فی الطّائفة السّابعة من الأخبار الخاصّة الواردة فی اشتباه «الشّاة الموطؤة و أنّها إذا اشتبهت استخرجت بالقرعة.

و قد عرفت أنّ الأصحاب عملوا بها حتّى قال فی (الجواهر): «إنّه لاخلاف فی هذا الحکم; للخبرین المنجبرین».

و من الواضح أنّ مسألة اشتباه الشّاة الموطوءة بغیرها لیست من أبواب المنازعات المحتاجة إلى القضاء الشّرعی، بل هی من الأمور المجهولة المطلقة. و قد عرفت أنّ إجراء القرعة فیها، و جعلها من الأمور المشکلة ـ بحسب القوم ـ ، مع أنّ الحکم فی أمثالها من الشّبهات المحصورة هو الاحتیاط، و لا فرق ظاهراً بین الشبهة فی المقام و بین غیرها من الشّبهات المحصورة الّتی نحکم فیها بالاحتیاط بمقتضى العقل و النّقل، لعلّه من جهة أنّ الاحتیاط بذبح جمیع الشّیاة الواقعة فی أطراف الشّبهة ضررٌ أو حرجٌ عظیم على صاحبها، و ارتکاب الجمیع و عدم الإحتیاط فی شیء منها مخالف للعلم الإجمالی.

فإذا انتفى طریق الإحتیاط و البراءة، و کذا الاستصحاب ـ کما هو ظاهر ـ ، إنحصر الطّریق فی التّخییر. ولکن الشّارع المقدّس ألغى التّخییر هنا; لأنّ القرعة و إن لم تکن أمارة على نحو سائر الأمارات الشّرعیّة و العقلائیّة، إلا أنّ فیها نوعاً من الکاشفیّة ـ کما یظهر من أخبارها و سیأتی شرحه إن شاء اللّه ـ . و هی توجب ترجیح أحد الطّرفین على الأخر، فتکون مانعاً عن التّخییر. مضافاً إلى ما فیها من رفع الحیرة و سکون النّفس، ممّا لیس فی الحکم بالتّخییر کما لایخفى.

أمّا القول بجریانها فی المقام تعبّداً، و اختصاصها بمسألة الشّاة الموطوءة، و عدم جریانها فی غیرها من أشباهها من الأمور المشکلة، فهو کماترى; لعدم خصوصیّة فیه.

ثانیاً: إنّ الرّوایات الخاصّة الواردة فی غیر واحد من الأبواب، و إن کانت واردة فی موارد تزاحم الحقوق، إلا أنّه لیس فیها من التّنازع عین و لا أثر. مثل ما ورد فیمن قال: أوّل مملوک أملکه فهو حرّ، فورث سبعة، قال: یقرع بینهم و یعتق الّذی قرع).(2)

فإنّ إطلاقها یشمل ما إذا لم یطّلع العبید على نذره، و لم یقع التّشاح بینهم أبداً. بل لعلّها ظاهرة فی خصوص هذا الفرض، فأراد السّائل استکشاف حکمه فیما بینه و بین اللّه. و مثلها غیرها.

و کذا ما ورد فی باب الوصیة بعتق بعض الممالیک، و أنّه یستخرج بالقرعة(3). فإنّ إطلاقها أیضاً یشمل ما إذا لم یقع التنازع بینهم أصلا، لولم نقل بظهورها فی ذلک; فیکون السؤال لاستکشاف الحکم الشّرعی للمسألة، لاحکمه فی مقام القضاء.

فهذه الرّوایات و شبهها و إن کانت واردة فی أبواب تزاحم الحقوق المحتملة، إلا أنّ مجرّد وقوع التّزاحم فی شىء لایلازم التّنازع و التّشاح فیه، حتّى یحتاج إلى القضاء، و لیس دائماً مظنّة له. فهی أیضاً دلیل على عدم اختصاص القرعة بأبواب القضاء.

لاسیّما و أنَّ مورد هذه الطّائفة من الرّوایات هو ممّا لا واقع له مجهول، بل هناک حقّ متساوی النّسبة إلى الجمیع، و لایمکن إعطاؤه ألا واحداً منهم. ولکن لمّا کان إیکال الأمر إلى التّخییر مظنّة للإجحاف، و ترجیحاً بلا مرجّح، أو ترجیحاً بالمیول و الأهواء أوکل الأمر فیها إلى القرعة الّتی لایکون فیها شیء من ذلک.

ثالثاً: إطلاق بعض الأخبار العامّة غیر الواردة فی أبواب التّنازع أیضاً دلیل على عدم اختصاص القرعة بباب القضاء، مثل قوله: (کلّ مجهول ففیه القرعة). فإنّ ظاهره یشمل المجهولات کلّها، وقع فیها التّشاح أم لا. بل الرّوایات العامّة الّتی وقعت عقب السّؤال عن بعض مسائل التّنازع أیضاً ظاهرة فی ذلک; فإنّ المورد لایکون مخصصّاً، فتدبّر.

رابعاً: الظّاهر أنَّ بناء العقلاء علیها أیضاً لایختصّ بأبواب المنازعات، بل یعتمدون علیها فی مطلق تزاحم الحقوق، و إن لم یکن مظنّة للتّنازع، فتأمّل.

و بالجملة القول باختصاص هذه القاعدة بها مع أنّه مخالف لظواهر کلّمات الأصحاب و إطلاقات روایات الباب، بل صریح بعضها، لادلیل علیه یعتّد به کما عرفت.


1. عوائد الأیام، 659.
2. الوسائل، ج 16، کتاب العنف، باب من نذر عنف أوّل مملوک، ح 1.
3. راجع روایات الطائفة الثالثة.
الرّابع: الإجماعالمقام الثّالث: فی شرائط جریانها
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma