القاعدة الفقهیة و تمییزها عن المسائل الأصولیة والفقهیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
القواعد الفقهیة بین الفقه و الأصولأقسام القواعد الفقهیة

إصطلح جمع من متأخّرى الأصولیّین ـ کما یظهر من کلماتهم فی مقامات مختلفة ـ على إطلاق هذا العنوان أعنى «القاعدة الفقهیة» على أحکام عامة ترتبط بکثیر من المسائل الفقهیة، و بما أنّ المقصود هنا بیان مرادهم منها وجهة افتراقها عن المسائل الأصولیّة و الفقهیة فقبل ذلک لابدّ من الإشارة إلى تعریف المسائل الأصولیّة و الفقهیّة إجمالاً، فنقول:

أمّا المسائل الأصولیة، فقد ذکروا لها تعاریف مختلفة لایهمنا التعرّض لها و لما قیل أو یمکن أن یقال فیها، کیلا نخرج عن طور البحث الّذی أشرنا إلیه فی المقدّمة; و علیه نکتفی بذکر ما هو الحق عندنا فی المقام و ما یکون مقیاساً لتشخیص المسائل الأصولیّة عن غیرها عند الشک فی بعض مصادیقها، و نقدّم لذلک مقدمة هی:

إنّ علم «أصول الفقه» فی عصرنا الحاضر یشتمل على أنواع مختلفة من المسائل، أحدها: ما یبحث فیها عن کلیّات ترتبط بدلالة الألفاظ الواقعة فی الکتاب و السنة و معاقد الإجماعات; و تسمّى «مباحث الألفاظ».

ثانیها: ما یبحث فیها عن حجیة أدلّة کثیرة و جواز الإستناد إلیها فی کشف الأحکام الشرعیة و تسمّى: «باب الإمارات و الأدلّة الإجتهادیّة».

ثالثها: ما یبحث فیها عن وظیفة المکلّف عند الشک فی حکمه الواقعی مع عدم طریق إلیه، و هو بحث «الأصول العلمیّة».

رابعها: ما یبحث فیها عن حکم تعارض الأدلة الشرعیة و طریق علاجها و هو باب «التعادل و الترجیح».

و خامسها: أبحاث تدور حول «الإجتهاد و التقلید» و حجیة قول المجتهد للعامی و حدودها و شرائطها.

و المسائل الأخیرة قسم من بحث الحجج الشرعیة إلاّ أنّها مخصوصة بالمقلّدین، کما إنّ ما قبلها أعنی أبحاث التعادل و الترجیح ترجع إلیها أیضاً لأنّها ترجع إلى تعیین ما هی الحجّة من الأدلة المتعارضة.

ثمّ لاریب فی أنّ علم الأصول لم یکن بادئ الأمر مشتملاً على عامة تلک الأبحاث کما یظهر بمراجعة کتب الأقدمین من الأصولیّین; بل زیدت علیه تدریجاً حتى بلغ ما نشاهده الیوم، و لاشک فی أنّا نرى نحواً من الإرتباط بین هذه المسائل إجمالاً بحیث لایستنفر الطبع من جعلها علماً واحداً منفرداً بالتدوین، و هذا شی یظهر للناظر فی أوّل نظرة، کما أنّا نرى بینها إشتراکاً فی الأثر و هو أنّها تعطی الفقیه قدرة قریبة على کشف الأحکام الشرعیة من مدارکها، و إشتراک جمیع مسائلها فی هذا الأثر أیضاً ممّا لاینکر; أضف إلى ذلک أنّا نرى فرقاً واضحاً بین هذه المسائل و سائر العلوم الّتی یُحتاج إلیها فی الفقه کعلمی الرّجال و الحدیث و اللّغة و غیرها بحیث إذا عرض علینا بعض تلک المسائل لم نشک أنّها من الأصول أو لیست منها، کل ذلک معلوم بالوجدان.

و هذه الأمور، أعنی الإرتباط الّذی یوجد بین تلک المسائل، و إتّحادها فی الأثر الخاص، و تمایزها عن مسائل سائر العلوم المعلوم بالوجدان إجمالاً، کلّها حاکیة عن وجود نوع من الوحدة بین تلک المسائل یتجلّى بأنحاء مختلفة; و من الواضح أنّ جمع هذه المسائل المختلفة بهذا النّحو و جعلها علماً واحداً کما تصدّى له جمع من المحققین و قرّره الآخرون لم یکن صدفة و إتفاقاً بل لم یحملهم على ذلک إلاّ الربط الواقعی بینها.

فإذن لایمکننا القول بخروج بعض هذه الأبحاث عن المسائل الأصلیة وعدّها بحثاً إستطرادیاً کما ارتکبه کثیر منهم، حتّى جعل المحقق القمی (قدس سره) جلّ تلک المباحث إلاّ ما شذ منها خارجاً عن مسائل الأصول و داخلاً فی مبادئها، نظراً إلى أنّها لیست أبحاثاً عن عوارض الأدلّة الأربعة بل عن الأدلة بما هی أدلة. و لیت شعرى إذا کانت عامة مباحث الألفاظ و جمیع أبحاث الأدلة الإجتهادیة و کذا الأصول العملیّة خارجة عن علم الأصول فأین هذا العلم الّذی قرع الأسماع و ملأ الکتب؟ و هل هو البحث عن أحوال تعارض الدلیلین فقط؟ و ما الداعی إلى إخراج هذه المسائل المهمّة عن علم الأصول؟

و یتلوه فی الضعف قول من یرى دخول مباحث الألفاظ طراً فی مبادئ هذا العلم، مع أنّها تقرب من نصف مسائل الأصول، و لایُرى أیّ فرق بینها و بین غیرها من مسائل الأصول فیما یُرام من أهدافه. فالحق أنّ تصحیح التعاریف الّتی ذکروها للأصول أهون من إرتکاب التفکیک بین تلک المسائل.

و التّعریف الجامع بین عامة تلک المسائل و ما أشبهها، الحاکی عن الوحدة الّتی تتضمّنها، هو أن یقال: «إنّ مسائل الأصول هی القواعد العامة الممهَّدة لحاجة الفقیه إلیها فی تشخیص الوظائف الکلّیة للمکلّفین»، و على هذا تمتاز المسائل الأصولیّة عن غیرها من المسائل الفقهیة و القواعد الفقهیة و سائر العلوم بأمور:

أوّلها: أنّـها ممهّدة لحاجة الفقیه إلیها فی تشخیص وظائف المکلّفین، و بهذا تمتاز عن العلوم الأدبیّة و أمثالها الّتی یحتاجها الفقیه ایضاً، حیث لم تُمهَّد لذلک. و منه یُعلم أنّ أبحاث صیغة الأمر و مادته و المشتق و أمثاله أبحاث أصولیّة و إن کانت تشبه الأبحاث اللغویّة و الأدبیّة، لأنّها ممهَّدة لحاجة الفقیه إلیها.

ثانیها: أنّ نتائجها أحکام و وظائف کلیّة، فالبحث عن حجیة الإستصحاب فی الشّبهات الموضوعیّة و کذا أصالتی البراء و الإحتیاط الجاریتان فیها و ما شاکلها لیست أبحاثاً أصولیّة، لأنّ نتائجها أحکام و وظائف شخصیة.

ثالثها: أنّـها لاتختصّ بباب دون باب و بموضوع معیّن دون آخر، بل تشمل جمیع الموضوعات فی جمیع أبواب الفقه، مهمّا وجد لها مصداق، فإنّ البحث عن هیئة الأمر و مادته و أبحاث العموم و الخصوص و کذلک أبحاث الأدلّة الإجتهادیّة و الأصول العملیّة و أحکام التعارض و غیرها لاتختصّ بموضوع دون آخر و بباب من أبواب الفقه دون باب، و بهذا تمتاز عن القواعد الفقهیّة کما سیأتی شرحه إن شاء اللّه.

و ممّا ذکرنا تعرف أنّه لیس من شرط المسألة الأصولیّة الوقوع فی طریق إستنباط الحکم الشرعی، کما یظهر من غیر واحد من الأعلام، و ذلک لأنّ البحث فی کثیر من مسائله بحثّ عن نفس الحکم الشرعی لاعمّا یقع فی طریق استنباطه، کالبحث عن البراءة الشرعیة فی الشبهات الحکمیّة المستفادة من قوله(علیه السلام) «کل شی لک حلال» ـ بناءاً على شموله للشّبهات الحکمیة ـ فإنّه بحث عن حکم شرعی عام، و هو الإباحة، غایة الأمر أنّه لایختصّ بباب دون باب و بموضوع دون آخر، بخلاف الأحکام المبحوث عنها فی الفقه. و کذا الکلام فی غیر البراءة من الأصول العملیّة عقلیة کانت أو شرعیّة، فإن ما اشتمل منها على حکم ظاهری شرعی کان البحث عنه بحثاً عن نفس الحکم الشرعی، و أمّا فی غیره فالبحث یدور مدار بیان وظیفة الشاک عند الحیرة و الشکّ على نحو کلّی عام من دون إختصاص بباب دون باب و بموضوع دون آخر، کما هو شأن المسائل الفرعیّة.

و أمّا المسائل الفقهیّة; فهی «المسائل الباحثة عن الأحکام و الوظائف العملیة الشرعیة و ما یؤول الیها و عن موضوعاتها الشرعیة». فالمسائل الباحثة عن الأحکام الخمسة المشهورة، و کذا ما یبحث عن الأحکام الوضعیّة، و ما یبحث عن ماهیة العبادات، و کذا البحث عن مثل طهارة و النّجاسة الثابتتین لموضوعات خاصّة، ممّا یؤول إلى الأحکام تکلیفیة أو وضعیة تتعلّق بأفعال المکلّفین، کلّها أبحاث فقهیة داخلة فیما ذکرناه. کما أنّ البحث عن عبادات الصبی و سائر الأحکام الّتی تشمله أیضاً کذلک، فموضوع المسألة الفقهیّة إذن لیس خصوص الأفعال، و لا أفعال المکلّفین، لاستلزامه القول بالإستطراد فی کثیر من مسائله، کالأبحاث المتعلّقة بعبادات الصبی و سائر أفعاله، و کالمسائل الباحثة عن أحکام وضعیة متعلّقة بأعیان خارجیة کأحکام المیاه و المطهّرات و النّجاسات، و لا داعی الى إخراجها من الفقه مع کثرتها، کما أنّه لا وجه لصرفها عن ظاهرها و إرجاعها إلى البحث عن أفعال المکلّفین بالتعسّف و التکلّف.

و من هنا تعرف أنّ القواعد الفقهیّة «هی أحکام عامّة فقهیة تجری فی أبواب مختلفة»، و موضوعاتها و إن کانت أخصّ من المسائل الأصولیّة إلاّ أنّـها أعمّ من المسائل الفقهیّة. فهی کالبرزخ بین الأصول و الفقه، حیث إنّـها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جمیعها، کقاعدة الطهارة الجاریة فی أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجاریة فی أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما یضمن و ما لایضمن الجاریة فی أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غیرها; و إمّا مختصة بموضوعات معیّنة خارجیة و إن عمّت أبواب الفقه کلّها، کقاعدتی لاضرر و لا حرج; فإنّهما و إن کانتا تجریان فی جلّ أبواب الفقه أو کلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هی الموضوعات الضرریّة و الحرجیة.

و هذا بخلاف المسائل الأصولیّة، فإنّها إمّا لاتشتمل على حکم شرعی أصلاً بل تکون واقعةً فی طریق إستنباطه، ککثیر من مسائله; و إمّا تتضمّن حکماً عاماً کالبراءة الشرعیّة الجاریة فیما لانصّ فیه ـ على ما عرفت ـ من غیر إختصاص بموضوع دون آخر، بل تجری فی جمیع الموضوعات إذا فقد فیها النصّ.

لایقال: إنّها تختص أیضاً بموضوع خاصّ و هو ما لانصّ فیه.

فإنّا نقول: إنّ هذه الخصوصیّة لیست خصوصیّة خارجیّة من قِبل ذات الموضوع، و إنّما هی خصوصیّة ناشئة من ملاحظة حکم الشرع کما لایخفى على الخبیر.

و الغرض من جمیع ما ذکرنا فی تعریف المسألة الأصولیّة و الفقهیّة و القاعدة الفقهیّة تشخیص حال بعض المسائل المتشابهة الّتی قد یقع البحث عنها، و أنّـها من الأصول أو من القواعد الفقهیة أو من الفقه نفسه. و من المعلوم أنَّ تمعیص حال المسألة و إندراجها فی أی واحد من العلوم له دخلّ تامّ فی طور البحث عنها و کیفیّة استفادتها عن مبادئها الخاصة; فإنّ کلّ واحد من هذه العلوم یمتاز بنوع من البحث لایجری فی غیره، کما أشرنا إلیه فی المقدّمة فکن على بصیرة منها.

فائدة: إشتهر فی ألسنة جماعة من الأصولیّین أنَّ المسائل الأصولیّة تنفع المجتهد دون المقلِّد، بخلاف المسائل الفقهیّة فإنّها تنفع المجتهد و المقلِّد کلیهما، و قد یُجعل هذا طریقاً لتمییز المسألة الأصولیّة عن الفقهیة.

و من نتائج هذا البحث ـکما صرّحوا به ـ هو أنَّ تطبیق کبریات المسائل الفقهیة على مصادیقها الجزئیة لیس من شأن الفقیه، بل علیه بیان الأحکام الفرعیّة الکلیّة الدائرة على موضوعاتها العامّة، و أمّا تشخیص مصادیقها و تطبیقها علیها عند الحاجة إلیها فهو موکول إلى المقلِّد، ولیس للفقیه فیه نصیب أصلاً ـ اللّهم إلاّ فی عمل نفسه ـ; و على هذا لو کان تشخیص المقلِّد فی بعض الموضوعات مخالفاً لمجتهده فلیس قوله حجة فی حقّه، بل کلٌ یعمل على شاکلته.

و فیه إشکال واضح، فإنّه مخالف لما استقرّ علیه دیدنهم فى طیات کتب الفقه، حیث نراهم یکثرون البحث عن تشخیص المصادیق الخارجیة و صدق العناوین العرفیة الواردة فی أدلّة الأحکام الشرعیّة على مصادیق مشکوکة و عدم صدقها ثم الإفتاء بما تستقرّ علیه أنظارهم.

فنراهم مثلاً یبحثون عن «التّغییر» الموجب لنجاسة الماء و أنّه صادق على التقدیری حتّى یحکم بنجاسته إذا تغیّر تقدیراً أم لا؟ و عن الماء الّذی نقص عن الکرّ بمقدار یسیر أنَّ إطلاق «الکرّ» علیه هل هو من باب المجاز و المسامحة أم أنّه حقیقة بنظر العرف حتّى یجری علیه أحکام الکر؟ و کذا ما أشبهه من التحدیدات الواردة فی الشریعة; و عن الأحجار المأخوذة من المعادن، و أنّه هل یصدق علیها عنوان «الأرض» الوارد فی أبواب ما یصحّ السجود علیه حتّى یصحّ السجود علیها أم لا؟ و أنّه هل یجوز السّجود على قشور الفواکه مطلقاً أو بعد انفصالها، نظراً إلى صدق عنوان «ما أُکل» الوارد فی أخبار الباب علیها أم لا؟... إلى غیر ذلک ممّا لایُحصى کثرة، فإنّ جمیع ذلک فی الحقیقة راجع إلى تشخیص الموضوعات العرفیّة الخارجیّة.

فلولا أنَّ هذه التطبیقات موکولة إلى نظر الفقیه لکان من الواجب الإفتاء بالکلیّات فقط، بأنّ یقال: الماء إذا تغیّر بالنّجاسة نجس، و: الکر طاهر مطهِّر، و: یجب السّجود على الأرض و ما خرج منها إلاّ ما أُکل و لُبس; و یخلّى بین المقلّدین و بین مصادیق هذه الکبریات الکلّیة.

و السرّ فی جریان سیرتهم فی الفقه على ذلک أنَّ ملاک التقلید ـ و هو لزوم رجوع الجاهل إلى العالم ـ لایختصّ بالأحکام الکلیّة، بل قد یحتاج تطبیق کثیر من الموضوعات العرفیّة على مصادیقها إلى دقّة فی النّظر و تعمّق فی الفکر کالأمثلة المذکورة، و ذلک خارج عن قدرة العوام فعلیهم الرّجوع فیها إلى نظر المجتهد و رأیه; و المجتهد یرجع فی تشخیصها إلى ارتکازاتهم المغفولة الموجودة فی أعماق أذهانهم و أذهان جمیع أهل العرف ـ و منهم مقلِّدیه ـ فیستخرجها و یکشف بها صدق هذه العناوین على المصادیق المشکوکة و عدمه، و یفتی بمقتضاه.

نعم، فی المفاهیم الواضحة الّتی لافرق فیها بین المجتهد و العامی ـ کمفهوم الماء و الدّم و أمثالهما ـ کلٌّ یرجع إلى تشخیصه و لیس تشخیص واحد منهما حجة فی حق غیره.

و منه یظهر وجه عدم جواز تفویض أمر الاستصحاب و غیره من الأصول العملیّة فی الشّبهات الموضوعیّة إلى المقلّدین، مع أنّـها لیست من المسائل الأصولیّة قطعاً، و الوجه فیه أنّ تشخیص مجاریها و معارضاتها و الحاکم و المحکوم منها ممّا لایقدر علیه العامی، فهو جاهل بها و یجب علیه الرّجوع إلى العالم بها; و قد عرفت أنّ رجوع الجاهل إلى العالم لایختصّ بالأحکام الکلیّة، بل یعمّها و الموضوعات المشکلة و ما شاکلها لإتّحاد ملاک الرّجوع فی الجمیع.

القواعد الفقهیة بین الفقه و الأصولأقسام القواعد الفقهیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma