التّنبیه الثّانی عشر: هل الإقدام مانع عن شمول لاضرر أو لا؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
التّنبیه الحادی عشر: تأیید للمختار فی معنی الحدیث2- قاعدة الصحّة

الحقّ أنّه لا فرق فی جریان هذه القاعدة بین تحقّق موضوع الضرر بأسباب خارجة عن اختیار المکلّف و بین تحقّقه بسوء اختیاره، کمن شرب دواءاً یضرّ معه الصّوم، أو أجنب نفسه متعمّداً فی حال یخاف من استعمال الماء; ففی جمیع هذه المقامات یجوز نفی الوجوب بأدلّة لاضرر ـ على القول بشمولها لأمثال هذه التکالیف ـ، و ذلک لعموم الأدلّة; و حصول الموضوع بسوء اختیار المکلّف غیر مانع عنه، و دعوى انصراف الإطلاقات إلى غیره ممنوعة.

نعم، فی الأمور المالیّة، و کل ما یکون من سنخها من الحقوق، إذا أقدم المکلّف بنفسه على موضوع ضرری لایجوز نفی صحّته بأدلّة لاضرر; لما أشرنا إلیه سابقاً من أنّ هذه الأمور بمقتضی طبعها الأوّلی أمرها بید المکلّف یصنع بها ما یشاء، فإذا أقدم البالغ الرّشید على البیع بما دون ثمن المثل عن علم و اختیار، کان بیعه صحیحاً، و لایمکن نفی صحته بأدلّة نفی الضرر، لا لمجرّد ورودها مورد الإمتنان و نفی الصحّة هنا مناف له ـ لما عرفت من أن ورودها فی مقام الإمتنان من قبیل الحکمة لا العلّة ـ، بل لأنّ باب الأموال و الحقوق المشابهة لها بحسب طبیعتها الأوّلیّة تقتضی ذلک، و یکون المکلّف سلطاناً علیها ینفذ تصرّفه فیها، ضرریّاً کان أم لا; فکما أنّ الهبة و الصّلح بدون العوض و أشباهها أمور ضرریّة لایجوز نفی صحّتها بأدلّة نفی الضرر، فکذلک البیع بما دون ثمن المثل و شبهه.

و من هنا تعرف النّظر فیما أفاده الشّیخ الأعظم العلاّمة الأنصاری (قدس سره)فی المقام حیث قال: «لو أقدم على أصل التضرّر کالإقدام على البیع بدون ثمن المثل عالماً، فمثل هذا خارج عن القاعدة; لأنّ الضرر حصل بفعل الشّخص لا من حکم الشّارع» إنتهى.

أقول: بل حصل الضرر بحکم الشارع و إن تحقّق موضوعه بفعل المکلّف، لأنّه لو لم یمض هذا البیع لما کان مجرد إقدام المکلّف على إنشاء البیع أمراً ضرریاً; و إن هو من هذه الجهة إلاّ کسائر الموضوعات الضرریة التی یوجدها المکلّف بسوء اختیاره، کمن أجنب متعمّداً فی حال یضرّ معه إستعمال الماء. فالوجه فی صحّة هذه المعاملات ما قدّمناه من أنّ نفوذ المعاملة من آثار السلطنة الثابتة للمالک على ماله یقلّبه کیف یشاء، و لولاه لما کان سلطاناً علیه، و هو مناف لطبیعة الملکیّة و سلطنة المالک على أمواله کما هو ظاهر.

فرع: قد أفتى غیر واحد من الأصحاب فی کتاب «الغصب»بوجوب ردّ الخشبة المغصوبة المستدخلة فی البناء، أو اللّوح المغصوب المنصوب فی السّفینة و إن تضرّر منه الغاصب; و کذلک أفتوا بوجوب قلع الشّجر و طم الحفر و ضمان کلّ نقص یحدث بسببه فیمن غرس بغیر أرضه، و إن جرّت علیه من الدواهی ما جرّت.

و استدلّ له بأنّ الغاصب هو الّذی أدخل الضرر على نفسه بسبب الغصب. و کأنّ المستدلّ بهذا ناظر إلى ما أشرنا إلیه من أنّ الضرر المقدم علیه فی باب الأموال غیر منفی بأدلّة نفی الضرر، فلا یردّ علیه ما ذکره الشّیخ (قدس سره) فی بعض کلماته فی المقام من أنّ حصول موضوع الضرر بسوء الإختیار غیر مانع من شمول أدلّته.

هذا، ولکن یرد علیه: أنّ المالک لایجوز له تضییع المال، بل له نقله إلى غیره بأیّ وجه کان; فإقدامه على أمر یوجب التضییع و الفساد لایکون ممضی من قبل الشّارع، و کون الموضوع من قبیل الأموال لایقتضی نفوذ مثل هذه الأمور، فتأمّل.

هذا، و یمکن الإستدلال له بما دلّ على أخذ الغاصب بأشقّ الأحوال، و فی بعض موارد المسألة بما دلّ على أنّه: «لیس لعرق ظالم حقّ» کما قیل; فإنّ هذه قواعد عقلائیّة قبل أن تکون شرعیّة یستند إلیها العقلاء فی أمورهم، فهى المانع من شمول أدلّة لا ضرر لمثل المقام، لاسیّما مع ملاحظة ورودها مورد الإمتنان الّذی یکون الغاصب أجنبیّاً عنه; فورودها فی هذا المقام و إن لم یکن دلیلاً على المطلوب ـ کما عرفت ـ لکنّه مؤیّد له لامحالة.

و یمکن الإستدلال له أیضاً بأنَّه داخل فی المسألة الّتی مرّ ذکرها من عدم جواز الإضرار بالغیر لدفع الضرر عن نفسه; فإنّ الأمر هنا و إن کان دائراً بین إضرار مالک السفینة و مالک اللوح، إلاّ أنّ الضرر بحسب أسبابه الشرعیّة الّتی تکون هنا کالأسباب الخارجیّة متوجّه إلى الغاصب، لأنّه الّذی جعل مال الغیر فی محل یکون مأموراً بنزعه بحکم الشرع، فالضرر أوّلاً بالذات متوجّه إلیه لا إلى المالک، فلا یجوز له دفع هذا الضرر عن نفسه بإضرار الغیر، فتأمّل.

و قد ذکر المحقّق النائینی هنا وجهاً آخر، و هو أنّ الهیئة الحاصلة من نصب اللّوح فی السفینة لیست مملوکة للغاصب، و إذا لم تکن مملوکة فرفعها لیس ضراراً علیه، لأنّ الضرر عبارة عن نقص ما کان واجداً له.

و فیه: مضافاً إلى أنّه تدقیق عقلی فی أمر عرفی کما لایخفی، أنَّ الکلام لیس فی مجرد رفع الهیئة الحاصلة من نصب اللوح فی السفینة أو الخشبة فی الدار فقط، بل فی ما یحدث من الخلل فی محمولات السفینة و سائر أجزاء الدار أیضاً الحاصل بسبب رفع هذه الهیئة الإتصالیّة; فرفعها و إن کان رفعاً لأمر غیر مملوک و من هذه الجهة لایکون ضرریاً، إلاّ أنّه منشأ لمضار کثیرة أخرى فیما یملکه الغاصب، لصیرورة السفینة بسببه معرضاً للغرق و الفساد. و کذا الحال فی الحائط المبنی على خشبة الغیر، فإنّ إخراج الخشبة لایوجب رفع الهیئة الإتّصالیّة فقط، بل یوجب الفساد فی سائر نواحی البنیان.

هذا آخر ما أردنا تحریره فی بیان هذه القاعدة المهمّة و فروعها و نتائجها، و الحمدللّه أوّلاً و آخراً.

التّنبیه الحادی عشر: تأیید للمختار فی معنی الحدیث2- قاعدة الصحّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma