یعتبر فی إجراء هذه القاعدة إحراز عنوان الفعل و کون الفاعل بصدده، إذا کان ممّا یصلح لانطباق عناوین مختلفة علیه، و لایمتاز بعضها من بعض إلاّ بقصد فاعله; فغسل الثوب تارةً یکون بعنوان التطهیر الشرعی، و أخرى بعنوان إزالة قذارته العرفیّة، و فی الأوّل یراعى إطلاق الماء و طهارته شرعاً دون الثّانی. و کذلک حال قراءة الحمد بعنوان جزئیّتها للصّلاة و قراءتها بعنوان قراءة القرآن، و لاشکّ فی أنّ الحمل على الصحّة من ناحیة عنوان خاص یحتاج إلى إحراز کون الفاعل بصدده.
و الأصل فی ذلک ما مرّ مراراً من لزوم صدق العنوان الأعمّ من الصحیح و الفاسد فی إجراء هذه القاعدة، فإذا کان العنوان من العناوین القصدیّة لایکاد یصدق إلاّ إذا کان فاعله قاصداً له.
کذلک ـ ، ففی مثله یمکن القول بتوقّف صدق أحد العنوانین علیه على قصده.
و بناءاً على هذا المبنى، یکون الدلیل على اعتبار إحراز قصد الفاعل لهذه العناوین عدمُ جریان القاعدة فی غیر الأفعال الإختیاریّة، لعدم بناء العقلاء علیه کما هو واضح; و قد عرفت أنّ الفعل فی هذه الموارد لایکون إختیاریّاً إلا بقصد عنوانه.
نعم لایبعد أن یقال بأنّه لایجب إحرازه بطرق علمیّة، بل یکفی الظنّ الحاصل من ظاهر الحال، بأن یکون ظاهر حال الفاعل أنّه بصدد العنوان الفلانی; فإنَّ هذا الظنّ ممّا استقرّ بناء العقلاء على العمل به فی مورد الصّفات الباطنیّة، کالقصد و العلم و العدالة، ممّا لاطریق إلیها غالباً إلاّ ظواهر الحالات، و یستندون إلیها فی کثیر من احتجاجاتهم کما لایخفى على من سبر أحوالهم. نعم، فی غیر هذه المقامات من الصّفات الظاهرة الّتی یمکن إثباتها بطرق علمیّة غالباً لا اعتبار بالظن عندهم.
و الظهور المزبور معتبر عندهم و إن لم یکن هناک شکّ فی صحّة العمل على فرض قصده، فحجّیّة ظهور حال الفاعل فی هذه المقامات أجنبیّة عن قاعدة الصحّة و إن کان یظهر بعض ثمراتها فی إجراء القاعدة کما عرفت و من هنا یظهر وجه النّظر فی بعض ما إفاده المحقّق الإصفهانی(قدس سره) فی المقام بما لانطیل الکلام بذکره، فراجعه و تأمّل.
و إنّما عقدنا تنبیهاً خاصاً لهذا البحث مع أنّ شیخنا العلاّمة الأنصاری و غیره من المحقّقین أدرجوه فی التّنبیه الآتی، لما فیه من الآثار الخاصّة الّتی تظهر فی إجراء القاعدة فی مقامات مختلفة.