الّذی یجب البحث و التنقیب عنه قبل کلّ شیء أنّ قاعدة الفراغ و التجاوز و إن کانت ثابتة فی النصوص الواردة عن أئمّة أهل البیت(علیهم السلام)، لکنّها لم تکن معروفة عند قدماء الأصحاب، کمعروفیّتها عند المتأخّرین، و إن استند إلیها بعضهم أحیاناً فی بعض أبواب الطّهارة أو الصّلاة بعنوان حکم جزئی لاقاعدة کلیّة ساریة فی أبواب کثیرة من الفقه أو کلّها.
و لاغرو فی ذلک فإنّ لها نظائر من القواعد الفقهیّة و أدلّة الأحکام; فهل کانت أخبار الإستصحاب المتّکى علیها الیوم معروفة عند الأوائل؟ إنّ أوّل من استدلّ بها هو والد شیخنا البهائی على ما حُکی عنه. إلى غیر ذلک من أشباهه.
ولکن من الواضح أنَّ غفلتهم عنها، أو عدم استنادهم إلیها فی کثیر من کتبهم، لاتؤثّر فی اعتبار القاعدة بعد تمامیّة دلالة الأخبار علیها کما هو ظاهر; فإنّ ذلک لایسقطها عن الإعتبار من جهة إعراض الأصحاب عنها، لعدم ثبوت الإعراض فی أمثالها بعدما کانت استفادتها من الأخبار تحتاج إلى دقّة خاصّة فی الأخبار لاتحصل إلاّ بتلاقح الأفکار بعد برهة طویلة من الزمان.
مضافاً إلى أنّ عدم تعرضهم لها بهذه الصّورة المعمولة فی هذه الأعصار، لایدلّ على عدم اعتبارها عندهم، فإنّه لم یکن من دأبهم إیداع جمیع القواعد و الأصول الّتی یستند إلیها فی استنباط الأحکام فی کتبهم فی صورة خاصّة مشروحة.
و کیف کان یمکن الإستدلال على هذه القاعدة بأمور: