2ـ السّیرة العقلائیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
1ـ الأخبار العامة و الخاصّةالمقام الثانی: فی أنّها قاعدة واحدة أو قاعدتان؟

و یدلّ على المقصود أیضاً إستقرار سیرة العقلاء و أهل العرف ـ فی الجملة ـ على البناء على صحّة العمل بعد مضیّه، و لعلّه فی الحقیقة راجع إلى عمومیّة أصالة الصحّة لفعل النّفس کما مرّ فی بحث «قاعدة الصحّة»، و أنّه لافرق فیها بین فعل الغیر و فعل النّفس، خلافاً لما یستفاد من صریح کلمات بعضهم و ظاهر آخرین من تخصیصها بفعل الغیر فقط، و لذا ذکروا فی عناوین کلماتهم هناک: «أصالة الصحّة فی فعل الغیر».

و قد عرفت أنّ دقیق النّظر یعطی عدم اختصاص بعض أدلّتها به و شمولها لأصالة الصحّة فی فعل النّفس أیضاً.

و لذا قال فخر المحقّقین قدّس سرّه الشریف فی (إیضاح القواعد) فی مسألة الشکّ فی بعض أفعال الطّهارة: إنّ الأصل فی فعل العاقل المکلّف الّذی یقصد براءة ذمّته بفعل صحیح و هو یعلم الکمّیة و الکیفیّة الصّحّة.

و هذا الکلام منه ـ کما ترى ـ إشارة إلى قاعدة عامّة تجری فی فعل الإنسان نفسه و غیره، و هو مبنی على ظهور حال الفاعل الّذی هو بصدد تفریغ ذمّته بفعل صحیح مع علمه بأجزاء الفعل و شرائطه.

و هی قاعدة عقلائیّة عامّة فی جمیع الأفعال و جمیع الأبواب. ولذا لو فرضنا واحداً منّا کتب کتاباً أو حاسب حساباً أو أقدم على ترکیب معجون و هو عالم بأجزائه و شرائطه ثمّ مضت علیه أیّام أو شهور فشکّ فی صحّة الکتاب أو المحاسبة أو ترکیب المعجون من جهة احتمال الإخلال ببعض شرائطه و أجزائه غفلةً منه فهل تراه یعتنی بهذا الشکّ و یعید النّظر الیها مرّة بعد مرّة کلّما شکّ فی شیء ممّا یعتبر فیها؟

مع أنّ احتمال الفساد من ناحیة الغفلة موجود فی غالب أفعال الإنسان، کیف و قد صار الغفلة و النّسیان کالطّبیعة الثّانیة له، کما قال الشاعر: وَ لَلْغَفَلاَت تَعْرضُ لِلاْرِیِبِ.

و کلّما کان الفعل أدقّ و کانت أجزاؤه و شرائطه أکثر کان هذا الإحتمال فیه أقوى; فإذا کتب کاتب کتاباً ضخماً کان احتمال الغلط فیه من ناحیة الغفلة و الإشتباه فیه قویًّا جداً، ولکن إذا کان الکاتب ذو بصیرة فی فعله و نیّة صادقة فی کتابته عازماً على بذل مجهوده فی تصحیح الکتاب لایعتنی باحتمال الفساد فیه إذا فرغ منه و جاوز عنه، إلاّ أن یکون هناک قرائن و أمارات توجب الظنّ بوجود الخلل فی بعض نواحیه.

و لافرق فی ذلک بین أن یکون الکاتب غیره أو نفسه فشکّ فی عمل نفسه. نعم، إذا کان هو مشتغلاًّ بعمله فشکّ فی شیء منه فی محلّه یعید النّظر إلیه حتّى یکون على ثقة من صحّته و أدائه کما هو حقّه.

و لعمر الحقّ أنّ هذا أمر ظاهر لاسترة علیه لمن راجع أفعال العقلاء و دیدنهم فی أمورهم المختلفة فی الجملة; و إن کان باب المناقشة فی جزئیّات المسألة و حدودها سعة و ضیقاً واسعاً، ولکنّ أصل هذه القاعدة ـ على إجمالها ـ محفوظة عندهم.

و الظّاهر أنَّ الوجه فی بنائهم هذا أنّ احتمال الغفلة حین الإشتغال بالعمل فی حدّ ذاته أمر مرجوح لایعتنى به. أضف إلیه أنّ العاقل الشّاعر الذاکر حین الفعل لایأتی بما هو مخالف لأغراضه و أهدافه.

و هذا هو بعینه ما أشار إلیه الإمام(علیه السلام) فی عبارة و جیزة لطیفة فی روایة «بکیر بن أعین» الماضیة(1) حیث قال: «هو حین یتوضأ أذکر منه حین یشکّ».

فإنّه کالصغرى لکبرى محذوفة تعرف من سیاق الکلام، و هی أنّ الذاکر لفعله لایأتی بما هو مخالف لمقصوده و غرضه. و إذا انضمت هذه الکبرى إلى صغرى مذکورة فی کلامه(علیه السلام) و هی أنّه «حین یتوضّأ أذکر منه حین یشکّ» لأنّ احتمال الغفلة أمر مرجوح بالنّسبة إلى المشتغلّ بالعمل حینه، کان قضیتها صحّة العمل و عدم الإعتناء بالشّکّ. فالصغرى تسدّ احتمال الغفلة، و الکبرى تسدّ احتمال العمد فی فعل ما هو مخلّ بغرضه.

و کذلک قوله فی روایة محمد بن مسلم: «و کان حین انصرف أقرب إلى الحقّ منه بعد ذلک»(2)

هذا کلّه مضافاً إلى ما فی هذا الأصل من رفع الحرج عن النّاس الّذی هو الملاک فی کثیر من الطرق و الأصول العقلائیّة. و ببالی أنّ صاحب الجواهرقدّس سرّه تمسّک بقاعدة الحرج أیضاً فی مسألة الشکّ فی عدد أشواط الطّواف الّتی مضى ذکرها آنفاً; و کأنّه قدّس سرّه أیضاً ناظرٌ إلى هذا المعنى، لأنّ مسألة الشکّ فی عدد أشواط الطواف لاخصوصیّة لها من هذه الجهة.

و إن قال قائل: کیف یکون الذّکر هو الأصل فی حال الفاعل مع أنّا کثیراً ما نغفل عن تفاصیل أعمالنا، و هل یوجد بین النّاس من یکون حاضر القلب، ذاکراً لجمیع أفعال صلاته و سائر عباداته دائماً، الّلهمّ إلاّ الأوحدی منهم؟ فالغفلة عن تفاصیل الفعل و أجزائه و شرائطه حین العمل لعلّها الغالب، من غیر فرق بین الصّلاة و الصّیام و الطّهارات و الحجّ.

بل یظهر من غیر واحد من الروایات الواردة فی باب حضور القلب فی الصّلاة، و أبواب الشکوک، أنّ الأمر کان على هذا الحال عند کثیر من أصحاب الأئمّة، و کانوا یشکون عندهم(علیه السلام)إنصراف قلوبهم عن تفاصیل العمل ـ أو عن اللّه ـ فی صلواتهم أو غیرها.

قلنا: هذه الغفلات لیست غفلة محضاً بل هی مشوبة بنوع من الذکر الإجمالی، و ذلک لأنّ الإنسان إذا کان بصدد إتیان شیء من المرکّبات الخارجیّة، و لم یکن له عهدٌ به من قبل ـ کمن یصلّی لأوّل مرّة ـ فلا مناص له من الذکر الکامل و العلم التّفصیلی عند الإتیان بکلّ جزء جزء منه، بحیث کلّما غفل عنه وقف عن العمل، لعدم اعتیاده علیه. ولکن بعد الإتیان به مرّات عدیدة ـ تتفاوت بتفاوت الأعمال و الأشخاص ـ یحصل له ملکة خاصّة، و نوع من الإرتکاز الإجمالی بالنّسبة إلى تفاصیل العمل و خصوصیّاته و أجزائه، و یقوم ذلک مقام الذکر الکامل و العلم بتفاصیله.

و حینئذ صورة العمل و خصوصیّاته و إن انمحت عن صفحة ذهنه عند غلبة الغفلة، لکنّها بعدُ مرتکزة فی أعماق ذهنه و باطن شعوره، و لذا یأتی بالعمل غالباً على وجه الصّحّة حینئذ، ولایقف عنه عند انصراف ذهنه و غلبة الغفلة کالمتردّد الحائر; کیف لا، و الفعل فعل إرادی إختیاری لابدّ من استناده إلى إرادة ما قطعاً.

و الحاصل أنّ الفاعل فی هذه المقامات لیس ساهیاً غافلاً بالمرّة، بل هو ذاکر بنوع من الذّکر، سمّه: «الذّکر الإجمالی» أو ما شئت.

بقی هنا أمران.

الأوّل: إنّ بناء العقلاء على هذه القاعدة فی أمورهم لایلازم القول باتّحاد سعة دائرتها عند الشّرع مع ما هو عندهم، فلو دلت الإطلاقات السّابقة على جریانها فی موارد لم یثبت استقرار السیرة العقلائیّة علیها فإنّه یُبنى علیها، فکم من أصل أو قاعدة أو أمارة ثبتت فی الشّرع بنحو أوسع أو أضیق ممّا عند العرف و العقلاء مع کون أصولها متّخذة منهم؟

الثّانی: الظّاهر أنَّ بناء العقلاء على هذه القاعدة فی أفعالهم إنّما هو فی الموارد التی لم یکن فیها قرائن ظنّیّة یُعتنى بها على خلافها; فلو کان الفاعل ممّن یکثر علیه السّهو، أو نحو ذلک من القرائن و الأمارات الظنّیّة الغالبة، أشکل الرکون إلیها عند الشکّ فی العمل و لو بعد الفراغ و التّجاوز منه.


1. نقلناها تحت الرّقم 5 فی الروایات العامّة.
2.نقلنا تحت الرّقم 6 فی الرّوایات العامّة
1ـ الأخبار العامة و الخاصّةالمقام الثانی: فی أنّها قاعدة واحدة أو قاعدتان؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma