التنبیه الخامس: نفی الحرج هل هو رخصة أو عزیمة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الاولی
التنبیه الرابع: هل تشمل القاعدة العدمیّات أو لا؟التّنبیه السّادس: فی اختلاف العسر و الحرج باختلاف العوارض والاحوال

إذا تحمّل الحرج و أتى بالعمل الّذی فیه ضیق و شدّة منفیّة ـ کالوضوء و الغسل الحرجیین ـ فهل یجزی عنه، لکون المرفوع وجوبه لا أصل مشروعیّته، أو لایجزی، لکونه باطلاً لعدم الأمر به رأساً فیکون تشریعاً محرماً؟

و هذه المسألة کأصل القاعدة غیر معنونة فی کلمات القوم مستقلاًّ، حتّى أنّ المحقّق النراقی الّذی انفرد بذکر هذه القاعدة فی عوائده لم یتعرّض لهذه المسألة و لا لغیر واحد من التّنبیهات الّتی ذکرناها، إلاّ أنّ الّذی یظهر من غیر واحد من أعاظم المتأخّرین فی الفروع الفقهیّة المتفرّعة على هذه القاعدة کونها من باب الرّخصة لا العزیمة، فلنذکر بعض ما وصل إلینا من کلماتهم ثم نتبعها بما هو المختار.

قال الفقیه المتتبّع الماهر صاحب الجواهر (قدّس سرّه الشریف) فی ذیل مسألة سقوط الصیام عن الشیخ و الشیخة و ذی العطاش ما نصّ عبارته:

«ثمّ لایخفى علیک أنّ الحکم فی المقام و نظائره من العزائم لا الرّخص، ضرورة کون المدرک فیه نفی الحرج و نحوه ممّا یقضی برفع التکلیف... مع عدم ظهور خلاف فیه من أحد من أصحابنا عدا ما عساه یظهر من المحدّث البحرانی، فجعل المرتفع التعیین خاصّة تمسّکاً بظاهر قوله تعالى: (وَ عَلَى الَّذِینَ یُطِیقُونَهُ طَعَامُ ) إلى قوله: (وَ أَنْ تَصُومُوا خیرٌ لَکُمْ ).(1)

و ظاهر کلامه أنّ دلالة عمومات نفی الحرج على ارتفاع التکلیف کلیّة، و کونه من باب العزیمة أمر مفروع عنه، حتى أنّ ذهاب المحدّث البحرانی إلى الرّخصة فی هذا المورد الخاصّ إنّما هو لقیام دلیل خاصّ علیه، و هو قوله تعالى: (وَ أَنْ تَصُومُوا خیرٌ لَکُم ).

و قال المحقّق الهمدانی فی مصباحه فی بعض التّنبیهات الّتی ذکرها فی مسوّغات التیمّم ما حاصله:

لأجل ورودها فی مقام الإمتنان و بیان توسعة الدّین لاتصلح دلیلاً إلاّ لنفی الوجوب لا لرفع الجواز.

ثمّ أورد على نفسه بقوله: «فإن قلت: إذا إنتفى وجوب الطّهارة فی موارد الحرج فلایبقى جوازها حتّى تصحّ عبادة، فإنّ الجنس یذهب بذهاب فصله، و بعبارة أخرى: أدلّة نفی الحرج حاکمة على العمومات المثبتة للتکالیف فتخصّصها بغیر موارد الحرج فإتیانها فی تلک الموارد بقصد الإمتثال تشریع محرم».

ثمّ أجاب عنه بأنّه: «إذا کان منشأ التّخصیص کون التّکلیف بالوضوء و الغسل حرجیّاً من دون أن یترتّب علیهما عدا المشقّة الرافعة للتکلیف مفسدة أخرى لایجوز الإقدام علیها شرعاً کالضرر و نحوه، فهو لایقتضی إلاّ رفع مطلوبیّة الفعل على سبیل الإلزام لا رفع ما یقتضی الطلب و محبوبیّة الفعل، و کیف کان فلا یفهم من أدلّة نفی الحرج عرفاً و عقلاً إلاّ ما عرفت».(2)

و قال السیّد السند المحقّق الطباطبائی الیزدی فی (العروة) فی المسألة 18 من مسوّغات التیمّم: «إذا تحمّل الضرر و توضأ و اغتسل فإن کان الضرر فی المقدّمات من تحصیل الماء و نحوه وجب الوضوء و الغسل و صحّ، و إن کان فی استعمال الماء فی أحدهما بطل، و أمّا اذا لم یکن استعمال الماء مضرّاً بل کان موجباً للحرج و المشقّة کتحمّل ألم البرد أو الشّین مثلاً فلا یبعد الصحّة، و إن کان یجوز معه التیمّم; لأنّ نفی الحرج من باب الرّخصة لا العزیمة، ولکن الأحوط ترک الإستعمال و عدم الإکتفاء به على فرضه فیتمّ أیضاً).

و أشکل علیه کثیر من المحشّین و صرّحو بوجوب التیمّم أو بعدم ترک الإحتیاط به.

أقول: قد ظهر لک ممّا ذکرنا سابقاً أنَّ أدلّة نفی الحرج و إن لم تکن حاکمة على عمومات الأحکام إلاّ أنّها مقدّمة علیها لقوّة دلالتها بالنّسبة إلیها فتخصّص العمومات المثبتة للأحکام بها، و من الواضح أنّه لا دلالة لتلک العمومات عرفاً على إثبات أمرین: الإلزام و المطلوبیّة، حتّى یرتفع أحدهما و یبقى الآخر، بل المستفاد منها حکم واحد إثباتاً و نفیاً; فإمّا أن یخصص فینتفی من أصله; و إمّا أن یبقى بحاله. و لا دخل لذلک بمسألة عدم جواز بقاء الجنس من دون فصله، فإنّ ذلک مسألة عقلیّة و الکلام هنا فی دلالة لفظیّة بحسب متفاهم العرف. فالّذی تقتضیه القاعدة الأوّلیّة هو نفی المشروعیّة رأساً فی موارد الحرج أو الضرر أو غیرهما ممّا یستلزم تخصیصاً فی أدلّة الأحکام.

و ورودها فی مقام الإمتنان و إن کان معلوماً لاریب فیه إلاّ أنّه لایقتضی ما ذکره من نفی خصوص الإلزام; لما حقّقناه فی بعض أبحاث قاعدة لاضرر من أنّ الإمتنان یجوز أن یکون فی أصل الحکم، فلایجب وجود ملاکه فی جزئیّات موارده.

مثلاً رفعُ أثر الإکراه بحدیث الرّفع یوجب بطلان البیع الحاصل عن إکراه، و إن کان فی هذا البیع منافع کثیرة للمکرَه فی بعض موارد الإکراه، کما إذا کان الثمن أکثر من ثمن المثل بأضعاف و کان لا یعلمه البایع المکرَه، فإنّه لا إشکال فی أنّ حدیث الرّفع من أظهر مصادیق ما ورد مورد الإمتنان ولکنّ الإمتنان فی رفع آثار الإکراه إنّما یکون بنحو کلّی عام، لا فی کلّ واحد واحد من مصادیقه و جزئیّاته. فلو انکشف بعد بیع المکره أنّه کان مشتملاًّ على منافع کثیرة له لم یکشف ذلک عن صحّة البیع المذکور، من حیث إنّ رفع أثر هذا الإکراه مخالف للإمتنان لما فی مورده من المنافع الهامة، بل یتوقّف على الإجازة اللاحقة بلا إشکال.

فالمعیار هو کون الحکم الکلّی ـ و هو رفع أثر الإکراه على نحو عام و بعنوان ضرب قانون کلّی ـ إمتناناً على المکلّف، و إن کان بملاحظة بعض مصادیقه النّادرة مخالفاً له. و هکذا الکلام فی باقی التسعة.

و کذا الحال فی حجّیة کثیر من الأمارات الشرعیّة کسوق المسلمین و أیدیهم و غیرهما ممّا یستفاد من أدلّتها أو من قرائن خارجیّة أنَّ حجّیتها إنّما هی من باب التوسعة على المکلّفین، و أنَّ اللّه قد منَّ علیهم بذلک; فإنّ ذلک لاینافی ثبوت بعض التکالیف من ناحیتها علیهم أحیاناً، بحیث لولاها لم یکن طریقٌ إلى إثباتها.

و الحاصل إنّ الإمتنان بهذه الأمور إنّما هو باعتبار مجموع الوقائع الّتی تشملها. فورود عمومات نفی الحرج مورد الإمتنان لایصلح قرینة على صرفها عن ظاهرها من نفی الأحکام الحرجیّة رأساً، وجوباً کان أو تحریماً أو غیرهما. فلاوجه للقول بنفی خصوص الإلزام فی بعض مواردها مع بقاء أصل المحبوبیّة.

و أمّا ما أفاده فی جواب المستشکل فهو بمنزلة قرینة أخرى لصرف عمومات لاحرج عن نفی الجواز فی موارد الأحکام الوجوبیّة الحرجیّة و انحصار مفادها فی نفی الوجوب، و حاصله ببیان منّا:

أنّا نعلم خارجاً أنّ الوضوء و الغسل الحرجیین و أشباههما لایترتّب علیها أیّ مفسدة موجبة لنقصان ملاک المحبوبیّة فیها، إلاّ أنّ إیجابها لمّا کان موجباً للضیق و الحرج على المکلّفین رفعه الشّارع منّة علیهم مع وجود ملاکه فیها; فعدم وجوبها لیس من ناحیة عدم المقتضی بل من جهة ابتلائه بالمانع، و هو ما أراده الشّارع المقدّس من الإمتنان على هذه الأمّة. و من المعلوم أنّ هذا مانع عن الأمر الإلزامی دون غیره، فوجود ملاک المطلوبیّة فیها مع عدم المانع عن الأمر غیر الإلزامی بها یکشف عن تعلّق أمر بها کذلک، بل یکفی فی صحّتها و صحّة قصد القربة بها مجرّد وجود ملاک المحبوبیّة فیها و لو لم یکشف عن تعلّق أمر بها.

ولکن یرد علیه، أنّ دعوى العلم بعدم المفسدة فیها دعوى بلا بیّنة و لابرهان، لاحتمال وجود بعض المفاسد فیها بعد کونها حرجیّة، و لااقلّ من أن التّکلیف إذا کان حرجیّاً و ثقیلاً على المکلّفین أوجب کثرة المخالفة و العصیان، و هی مفسدة عظیمة. و لهذا ذهب بعضهم إلى أنّ نفی الحرج لازم على الواجب الحکیم من باب وجوب اللّطف، فتأمّل.

أضف إلى ذلک أن تحمّل الحرج و تکلّف الفعل الحرجی بعدما منَّ اللّه تعالى على عباده بنفیه رفضٌ لمّا تصدّق و ما منَّ به علیهم، و یمکن أن یکون فی هذا مفسدة; کما ورد فی باب عدم صحّة التمام فی مواطن القصر من التّعلیل بأنّه ردّ لتصدّق اللّه على الأمّة، مثل ما رواه ابن أبی عمیر عن بعض أصحابنا عن أبی عبداللّه(علیه السلام) قال سمعته یقول: قال رسول اللّه(صلى الله علیه وآله): إنّ اللّه عزّ و جلّ تصدّق على مرضى أمّتی و مسافریها بالتقصیر و الإفطار، أیسرُّ أحدَکم إذا تصدّق بصدقة أن تردّ علیه؟

و فی معناه روایة أخرى رواها الصدوق فی الخصال عن السکونی.(3)

و الغرض من ذلک کلّه إبداء إحتمال وجود مفسدة فی تحمّل الحرج و الإتیان بالتکالیف الحرجیّة; و معه لایصحّ دعوى القطع بعدم وجود مفسدة فیها و بقاءِ ملاک المحبوبیة على حاله، و من المعلوم أنّ مجرّد الإحتمال کافّ فی المقام.

و أمّا مسألة التیمّم فی الموارد الّتی ثبت جوازه فیها بدلیل نفی الحرج ففیها إشکال آخر مضافاً إلى ما ذکرنا فی الجمیع، و هو أنّ المستفاد من أدلّة تشریع التیمّم و المرکوز فی أذهان المتشرّعة کون التیمّم بدلاً طولیّاً عن الوضوء و الغسل، لاعرضیّاً، فلا یجتمعان فى مورد. و من المعلوم أنّ القول بالرّخصة یستلزم کونهما فی عرض واحد فی الموارد الّتی ثبت جواز التیمّم فیها بأدلّة نفی الحرج، فیجوز فی حال واحد التیمّم و الغسل، أو هو و الوضوء; و الإلتزام به مشکلٌ جدّاً.

فتحصّل من جمیع ما ذکرنا أنّ الأقوى بحسب ما یستفاد من ظاهر أدلّة نفی الحرج کونه من باب العزیمة لا الرّخصة، کما فهمه الشیخ الأجلّ صاحب (الجواهر) و جعله أمراً مفروغاً عنه، فحینئذ لایجوز تحمّل الحرج و الإتیان بالفعل الحرجی، و لو فعله لا یجتزى به.


1. الجواهر، ج 17، ص 150.
2. کتاب الطّهارة من المصباح، ص 463.
3. الوسائل، ج 5، کتاب الصلاة، أبواب صلاة المسافر، ح 7 و ح 11.
التنبیه الرابع: هل تشمل القاعدة العدمیّات أو لا؟التّنبیه السّادس: فی اختلاف العسر و الحرج باختلاف العوارض والاحوال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma