30- قاعدة الطهارة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الثانی
الرابع: قاعدة الأمانةهل الطهارة والنجاسة حکمان واقعیان أو علمیان

من القواعد المشهورة أیضاً قاعدة الطهارة التی یتمسّک بها الأصحاب فی أبواب الطهارات کلّها، وحاصلها الحکم بطهارة کلّ شیء ما لم یثبت نجاسته.

وهذا الحکم على إجماله مجمع علیه بین الأصحاب کما قال صاحب الحدائق فی مقدمات حدائقه فی المقدمة الحادیة عشرة: «إنّ أصل الحکم المذکور ممّا لا خلاف فیه، ولا شبهة تعتریه»(1).

وإن وقع الخلاف فیها فی مواضع تأتی الإشارة إلیه إن شاء الله.

فلنذکر أولاً ما عثرنا علیه من الروایات الدالّة على هذا الحکم، ثمّ لنتکلم فی موارد الخلاف فیها، وهی عدّة روایات:

1 ـ موثقة عمّار، عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی حدیث قال: «کلّ شیء نظیف حتى تعلم أنّه قذر، فإذا علمت فقد قذر، وما لم تعلم فلیس علیک»(2).

2 ـ ما رواه حفص بن غیاث، عن جعفر، عن أبیه، عن علی(علیهم السلام) قال: «ما اُبالی أبول أصابنی أو ماء إذا لم أعلم»؟!(3).

3 ـ ما أرسله الصدوق فی «المقنع»: «کلّ شیء طاهر حتى تعلم أنّه قذر»(4).

والظاهر أنّها متحدة مع سبق ولا دلیل على کونها روایة أخرى.

ویستفاد عموم هذا الحکم من عدّة روایات فی خصوص أبواب المیاه أیضاً.

منها: ما رواه حمّاد بن عثمان، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «الماء کلّه طاهر حتى تعلم أنّه قذر»(5).

وما أرسله المحقق فی المعتبر قال قال(علیه السلام): «خلق الله الماء طهوراً لا ینجسه شیء، إلاّ ما غیّر لونه أو طعمه أو ریحه»(6).

وما رواه داود بن فرقد عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: ... «وجعل لکم الماء طهوراً» (إقتفاءاً لما یظهرمن آیات الذکر الحکیم من کون الماء طهوراً)(7). إلى غیر ذلک ممّا ورد فی هذا المعنى.

ولکنّ العمدة من ذلک هو «موثقة عمّار» لأنّ غیرها وردت فی موارد خاصّة لا یمکن الاستناد إلیها فی هذه القاعدة الکلیّة، ولکن کفى بها دلیلاً على المطلوب بعد العمل بها، من ناحیة الأصحاب (رضوان الله علیهم) مع إعتبار سندها فی نفسه.

إذا عرفت ذلک فاعلم: أنّه قد یشکّ فی کون شیء طاهراً أو نجساً من ناحیة الشبهة الموضوعیّة، کما إذا شکّ فی غلیان العصیر بناء على نجاسته بالغلیان، أو فی صیرورة العنب خمراً بناءاً على ما هو المشهور من نجاسة الخمر، أو فی کون إنسان کافراً أو مسلماً إذا لم یکن له حالة سابقة، بناءاً على ما هوالمعروف من نجاسة الکفّار، وکذا إذا شکّ فی تغیّر الماء بأحد أوصافه الثلاثة، أو إصابة الثوب واللباس شیء من النجاسات، أو فی البلل المشتبه بالبول والمنی فشکّ أنّه بلل طاهر أو نجس، أو غیر ذلک ممّا لا یُحصى.

ففی کلّ هذه الموارد إذا علم بالحالة السابقة فلا شکّ فی أنّه یؤخذ بها بمقتضى الإستصحاب، وإن لم یکن له حالة سابقة فیحکم بطهارتها بمقتضى هذه القاعدة، أعنی قاعدة الطهارة، فیجوز استعمالها فی کلّ ما یشترط فیه الطهارة.

هذا کله ممّا لا ریب فیه، ولم ینقل خلاف فیها من أحد من الأصحاب.

نعم، لا إشکال فی رجحان الإحتیاط فی جمیع هذه المقامات بالأدلّة العامّة الواردة فی استحباب الاحتیاط فی أمور الدین.

هذا، ولکنّ الأولى الإقتصار فی الإحتیاط فیها بما یکون الشبهة فیه قویة کشرب سؤر من لا یبالی فی الدین، أو یکون متهماً جدّاً، وأمّا الإحتیاط فی کلّ ما یؤخذ من سوق المسلمین، وأیدى أهل الدین، بمجرّد احتمال النجاسة، الموجود فی جمیع الأشیاء، فلم یثبت فی الشرع رجحانه، وإن کان قد یبدو العمل به من بعض أهل العلم والتقوى، بل الظاهر أنّه مخالف للإحتیاط، لترتّب مفاسد کثیرة علیها، من إیذاء المؤمنین، واتلاف الوقت والمال، وکونه مظنّة للوسواس المرغوب عنها، أو مثل ذلک.

بل الظاهر أنّه مخالف لسیرة النبی(صلى الله علیه وآله) والأئمة المعصومین(علیهم السلام) وأصحابهم لأنّهم کانوا یزاولون الناس، ویأکلون، ویشربون معهم، ویدخلون الحمّامات، ویشترون الألبسة، والأطعمة من سوق المسلمین، ویلبسونها، أو یأکلون منها من غیر غسلها، مع ما کانت الأسواق والحمّامات، لا سیّما فی تلک الأزمنة مشکوکة من حیث الطهارة والنجاسة، لدخول غیر المسلمین فیها، واعتقاد بعض فرق المسلمین بطهارة المیتة بالدباغة، أو طهارة العصیر العنبی المغلی، أو حکمهم بطهارة النبیذ، أو طهارة الأشیاء النجسة بزوال عین النجاسة، إلى غیر ذلک، ممّا یستفاد من الأخبار وفتاواهم فی أبواب مختلفة، من أبواب الطهارات والنجاسات.

فلو کان الإحتیاط أمراً مرغوباً فیه فی باب الطهارة والنجاسة بمجرّد الاحتمال لما خالفه المعصومون المطهرون (علیهم آلاف الصلاة والتحیة)، فالأولى ترک هذه الاحتیاطات إلاّ فی موارد الإتهام الشدید، وترجیح الأخذ بسیرة المسلمین والأئمّة الطاهرین(علیهم السلام) والحکم بطهارة الأشیاء ممّا لم یعلم نجاستها.

وأخرى یکون من جهة «الشبهة الحکمیّة» کما إذا تولّد حیوان من طاهر ونجس، ولم یصدق علیه شیء من عناوین الحیوانات الموجودة، وشکّ فی طهارته ونجاسته، وکذا إذا شک فی بعض أجزاء الحیوان کبول الطائر الذی لا یؤکلّ لحمه، وغیر ذلک ممّا لیس له حالة سابقة، حتى یتمسّک فیه بالإستصحاب فیه قولان: المحکى عن جملة من المتأخرین الحکم بالطهارة بمقتضى هذه القاعدة، وعن المحدّث الأمین الاسترآبادی فی کتاب «الفوائد المدنیة»، هو العدم، حکاهما صاحب الحدائق فی «حدائقه»(8).

وقد یقال بأنّ القدر المتیقن من الأخبار السابقة، وعمدتها موثقة عمّار، هو ما وقع الإتفاق علیه من الشبهات الموضوعیّة، لأنّ المراد من هذا الخبر وأمثاله إنّما هو دفع الوساوس الشیطانیّة، والشکوک النفسانیّة، بالنسبة إلى حالة الجهل بملاقاة النجاسة، وبیان سعة الحنیفیة السمحة السهلة، بالنسبة إلى إشتباه بعض الأفراد غیر المحصورة ببعض، فیحکم بطهارة الجمیع حتى یعلم الفرد النجس بعینه، وأمّا إجراء ذلک فی الجهل بالحکم الشرعی فلا یخلو من الإشکال، المانع من الجرأة الحکم به فی هذا المجال(9).

ویمکن الاستدلال على ما ذکره من إختصاص الخبر بالشبهات الموضوعیّة هو تقییده بقوله «حتى تعلم»، لأنّ هذا التعبیر إنّما هو فی الأحکام الظاهریّة المناسبة للشبهات الموضوعیّة، وأمّا الأحکام الواقعیّة فهی غیر مغیاة بالعلم والجهل.

اللهم إلاّ أن یقال: إنّ الروایة ناظرة إلى الحکم الظاهری فی الشبهات الموضوعیّة والحکمیّة معاً، أو إنّ صدرها عامّ بالنسبة إلى الحکم الواقعی والظاهری، وإن کان ذیلها خاصّاً فی الحکم الظاهری.

ولکن کلّ ذلک بعید، ولا أقلّ من الشکّ، فالحکم بالعموم مشکل.

وهنا بیان آخر لإثبات هذه القاعدة فی الشبهات الحکمیّة شبیه ما ذکروه فی بحث البراءة، بالنسبة إلى الأحکام التکلیفیّة، وحاصله أنّ النجاسات أمور محدودة معدودة، والأصل الأولى فی الأشیاء هو الطهارة، فلو کان شیء قذراً شرعاً ممّا لا یستقذره العرف، فعلیه البیان، فلو لم ینبّه علیه، یعامل معها معاملة الطهارة، فکما أنّ الحرام هو الذی یحتاج إلى البیان، وکذا الواجب، وأمّا المباح فغیر محتاج إلیه فی عرف العقلاء وفی عرف الشرع، فکذلک بالنسبة إلى الأحکام الوضعیّة مثل النجاسة وشبهها، وهکذا الکلام بالنسبة إلى النساء المحرّمات، فإنّهن اللواتی لابدّ من بیان حرمتهنّ، فلو لم یبیّن الشارع حرمة اخت الزوجة جاز نکاحها، لا بعنوان الحکم التکلیفی والبراءة بل بعنوان الحکم الوضعی، لأنّ جواز النکاح وضعاً لا یحتاج إلى البیان، بل الحرمة تحتاج إلیه.

ولعلّه لذا حکم غیر واحد من الأصحاب بطهارة المتولّد من الکلب والخنزیر إذا لم یتبعهما فی الاسم ولم یماثله حیوان، أو أنّ المتولد من أحدهما وغیره طاهر کذلک.

وإن شئت قلت: إنّ النجاسة وإن کانت حکماً وضعیاً على الأقوى، ولکن تنشأ منها أحکام تکلیفیّة إلتزامیّة، ویمکن التمسک بالبراءة بالنسبة إلى آثارها التکلیفیّة، کالأکل والشرب، وتلویث المسجد به، وغیر ذلک، ولکنّ هذا لا ینفع فی مثل الوضوء بماء لا دلیل على طهارته ونجاسته بحسب الحکم الشرعی، لأنّ استصحاب الحدث باق فتأمّل.

فالعمدة ما عرفت من القاعدة العقلائیّة فی أمثال المقام، وأنّ الحرمة والنجاسة الوضعیین، وشبههما تحتاج إلى البیان، فلو لم یبیّن الشارع یحکم بالحلّیة والطهارة.

وممّا ذکرنا ظهر الإشکال فیما أفاده فی «التنقیح فی شرح العروة الوثقى» فیما ذکره بقوله: «طهارة ما یشکّ فی طهارته ونجاسته من الوضوح بمکان، ولم یقع فیها خلاف، لا فی الشبهات الموضوعیّة، ولا فی الشبهات الحکمیّة، ومن جملة أدلّتها قوله فی موثقة عمّار (کلّ شیء نظیف حتى تعلم أنّه قذر الخ)»(10).

وقد عرفت المخالفة فی الحکم من صاحب الحدائق والمحدّث الاسترآبادی فی «الفوائد المدنیة» وسکوت جمع من الأصحاب منه، کما أنّک عرفت قوّة اختصاص الموثقة بالشبهات الموضوعیّة، وأنّ طریق إثبات الحکم فی الشبهات الحکمیّة طریق آخر غیر الحدیث.


1. الحدائق، ج 1، ص 134.
2. الوسائل، ج 2، أبواب النجاسات، الباب 37، ح 4.
3. المصدر السابق، 5.
4. المستدرک، ج 1، ص 164، من أبواب النجاسات، الباب 29، ح 1.
5. الوسائل، ج 1، أبواب الماء المطلق، ح 5.
6. المصدر السابق، ح 9.
7. المصدر السابق، ح 4.
8. الحدائق، ج 1، ص 135.
9. الحدائق، ج 1، ص 135.
10. التنقیح، ج 2، ص 158.
الرابع: قاعدة الأمانةهل الطهارة والنجاسة حکمان واقعیان أو علمیان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma