هل تشمل القاعدة أصلاً وعکساً جمیع العقود أو تتعدى ذلک إلى ما یشبه الایقاعات، بل والایقاعات أیضاً، أو أنّ القاعدة تختصّ ببعض ذلک دون البعض الآخر؟
قد یُقال بأنّه لو کان مفاد القاعدة هو عبارة: «کلّ عقد یضمن بصحیحه...» فإنّها تکون مشاملة للعقود فحسب، وأمّا لو کان مفاد القاعدة هو عبارة: «ما یضمن بصحیحه...» فإنّها تتعدى ذلک إلى غیر العقود أیضاً.
ولکنّک قد عرفت أنّ هذه العبارة لم ترد فی نصّ، ولا فی معقد إجماع، وأنّه لا تدور الأحکام مدارها، فشمول هذه العبارة أو قصورها لا یدلّ على عموم الحکم وعدمه، بل المدار على الدلیل الذی استندنا إلیه فی إثبات القاعدة أصلاً وعکساً.
ولما کان العمدة فی إثبات «أصل القاعدة» هو «قاعدة احترام مال المسلم، والمنافع المتعلقة بأمواله، بل وأعماله» فالحکم یدور مدار هذا العنوان، فکلّ من استولى على أموال الغیر ومنافعه بأیّ عنوان کان، کان ضامناً له إذا تلف فی یده، أو أتلفه، إلاّ أن یکون المالک هو الذی سلّطه على ماله بغیر عوض، سواء علم بفساد العقد، أو لم یعلم، ولکن کان غیر مبال بأحکام الشرع من جهة الصحة والفساد، نعم إذا سلّطه جاهلاً بفساده حتى أنّه لو علم به لما سلّطه، وکان الأخذ عالماً بذلک، فتسلیطه علیه لا یکون رافعاً للضمان.
وبناءاً على ما ذکر لا تختصّ القاعدة بباب دون باب، وتجری فی جمیع الموارد حتى فی الإیقاعات، کمن أعتق عبده بعتق فاسد فی الشرع وخلّى سبیله، وکان غیر مبال بالصحة والفساد فی الشرع، فإذا عمل العبد أعمالاً واستوفى منافعاً من منافع نفسه، فالظاهر أنّه غیر ضامن، لأنّه إنّما أتلف المنافع برضا مولاه، وإن کان بانیاً على صحة العتق، لأنّ المفروض أنّه غیر مبال لحکم الشرع، ورضاه لا یدور مداره.