الأول: فی معنى الأمانة فی المقام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الثانی
الثالث: بناء العقلاءالثانی: هل یجوز اشتراط ضمان الأمین؟

قد مرّ فی صدر البحث أنّ الأمانة تستعمل هنا فی معنیین: الأمانة فی مقابل الغصب، والأمانة بمعنى الوثاقة.

کما عرفت أنّ الکلام فی القاعدة أولاً: وبالذات فی المعنى الأول، ولکن قد وقع الخلط فی کثیر من کلماتهم من المعنیین، نظراً إلى وقوع هذا التعبیر بعینه فی روایات القاعده تارةً فی المعنى الأول، وأخرى فی المعنى الثانی، وقد ذکرنا أنّ المعنى الأول راجع إلى «مقام الثبوت».

والثانی: إلى «مقام الإثبات»، وحیث إنّ البحث تم مستوفی فی المقام الأول، فنتکلم الآن فی المقام الثانی.

وحاصله: أنّه لا شکّ أنّ الأمانة بمنى عدم الغصب کافیة فی نفی الضمان، فلو کان التسلّط على مال أو منفعة بإذن من المالک، أو باجازة من الشارع، ولم یحصل من الإنسان تعدّ وتفریط فی حفظه لم یکن ضامناً، سواء کان ثقة مأموناً أو فاسقاً کذّاباً.

ولکن إذا حصل الشّک فی أنّه خان فی الأمانة أو لم یخن، وتعدّى فیها أو لم یتعدّ، وفرّط أو لم یفرّط، فهل یقبل قوله مطلقاً؟ أو إذا کان له بیّنة؟ أو یکفی إخباره إذا کان ثقة، وهذا أمر آخر یرجع إلى الشکّ فی المصداق، وأنّه داخل فی عموم القاعدة أو خارج عنها، وبعبارة أخرى هذا من قبیل الشبهة المصداقیة للمخصص.

واللازم أن یتکلم فیه أولاً: بحسب القواعد، وثانیاً: نبحث عن النصوص الواردة فی هذا المعنى فی الأبواب المختلفة، فنقول ومن الله التوفیق والهدایة.

إنّه قد یتوهم الرجوع إلى أصالة البراءة عن الضمان هنا بعد عدم جواز التمسّک بعموم العام بالشبهات المصداقیة للمخصص.

کما أنّه قد یتوهم أنّ مقتضى الاستصحاب، وأصالة عدم التعدی والتفریط تقتضی عدم الضمان، لکن یشکل الأول بأنّ المقام لیس مقام البراءة، بل الأصل فی الأموال کما عرفت، کونها محترمة إلاّ بإذن مالکها أو الشارع الذی هو مالک الملوک، وحیث لا نعلم أنّ التلف کان بتعدّ وتفریط أو لم یکن، فعلى الأخذ إثبات کونه مأذوناً غیر متعد ولا مفرط.

ولذا لا نجد أحداً من العقلاء یکتفی بقول الأجیر: إنّ متاعک الذی کان عندی ضاع، أو سرق، من غیر إقامة دلیل علیه، ولو امکن ذلک کان لکلّ أجیر، ومضارب، ومستعیر، ووکیل دعوى حصول التلف، ولزم منه الهرج، والمرج، والفوضى بین الناس، ولم یستقرّ حجر على حجر، وانفتح باب الخیانة أمام الناس ولم یعتمد أحد على أحد.

والحاصل أنّ إحترام الأموال یوجب الضمان فی موارد الشک إلاّ أنّ یأتی الأخذ بدلیل، أو کان ثقة مأموناً، فلذا لا یجوز الرجوع إلى أصالة البراءة.

ومن هنا تعرف الکلام فی الاستصحاب وأنّه على فرض اجرائه محکوم بقاعدة احترام الأموال، مضافاً إلى أنّ الاستصحاب قد یدلّ على الضمان کما إذا استصحب عدم الحفظ لها وعدم العنایة بالاحتفاظ بها فتامل، والحاصل أنّه لیس المقام ممّا یرجع فیه إلى الأصول العملیّة بعد وجود الدلیل الخاص.

وأمّا الروایات فهناک طوائف تدلّ على الضمان عند الشّک.

الطائفة الأولى: ما دلّ على ضمانهم إلاّ أنّ یقیموا البیّنة:

1 ـ ما رواه أبو بصیر، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «سألته عن قصّار دفعت إلیه ثوباً، فزعم أنّه سرق من بین متاعه، قال: فعلیه أن یقیم البیّنة أنّه سرق من بین متاعه، ولیس علیه شیء، فإنّ سرق متاعه کلّه فلیس علیه شیء»(1).

2 ـ وما رواه الحلبی، عن أبی عبدالله(علیه السلام): فی حمال یحمل معه الزیت، فیقول: قد ذهب أو أهرق أو قطع علیه الطریق، فإنّ جاء ببیّنة عادلة أنّه قطع علیه، أو ذهب، فلیس علیه شیء، وإلاّ ضمن»(2).

3 ـ وما رواه علی بن جعفر فی کتابه، عن أخیه موسى بن جعفر(علیه السلام) قال: «سألته عن رجل استأجر دابّة فوقعت فی بئر فانکسرت، ما علیه؟ قال: هو ضامن إن کان لم یستوثق منها فانّ أقام البیّنة أنّه ربطها فاستوثق منها، فلیس علیه شیء»(3).

4 ـ وما رواه الحلبی، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «سئل عن رجل حمّال استکرى منه إبلاً وبعث معه بزیت إلى إرض وزعم أنّ بعض زقاق الزیت انخرق فاهراق ما فیه، فقال: أنّه إن شاء أخذ الزیت، وقال إنّه انخرق، ولکنّه لا یصدق إلاّ ببیّنة عادلة»(4).

ومن بین هذه الروایات روایات صحاح معتمد علیها، بحسب السند، ویستفاد من مجموعها أنّ دعوى الحمّال ومثله التلف لا تقبل بدون البیّنة، والأصل کونه ضامناً.

الطائفة الثانیة: ما دلّ على عدم ضمانهم إذا کانوا ثقاة، وهی روایات کثیرة نکتفی بذکر شطر منها:

1 ـ مثل ما رواه أبو بصیر، عن أبی عبدالله(علیه السلام): «فی الحمّال یکسر الذی یحمل أو یهریقه؟ قال: إن کان مأموناً فلیس علیه شیء، وإن کان غیر مأمون فهو له ضامن»(5).

ومن الواضح أنّه لیس المراد منه صورة العلم بإتلافه، لعدم دخل الأمانة والوثاقة فی مسألة الإتلاف، وإنّما المراد منها بقرینة ذیلها صورة الشک فی صحّة دعواه.

2 ـ ما رواه خالد بن الحجاج قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الملاّح أحمّله الطعام ثم أقبضه منه، فینقصه، قال: إن کان مأموناً فلا تضمنه»(6).

3 ـ ما رواه حذیفة بن منصور قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الرجل یحمل المتاع بالأجر، فیضیع المتاع، فتطیب نفسه أن یغرمه لأهله، أیأخذونه؟ قال: فقال لی: أمین هو؟ قلت نعم، قال: فلا یأخذ منه شیئاً»(7).

4 ـ ما رواه الحلبی، عن أبی عبدالله(علیه السلام): «أیّما رجل تکارى دابّة، فأخذته الذئبة، فشقت کرشها، فنفقت، فهو ضامن، إلاّ أن یکون مسلماً عدلاً»(8).

وکیفیة الاستدلال بها کالروایة الاولى، فانّ المفروض الشکّ فی صدق دعوى الأجیر وإلاّ لو علم بصدقه فی دعواه لم یکن وجه لضمانه.

5 ـ ما ورد فی أبواب العاریة عن عبدالله بن سنان قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن العاریة، فقال: لا غرم على مستعیر عاریة إذا هلکت إذا کان مأموناً»(9).

وما ورد فی أبواب الودیعة أرسله الکلینی فی الکافی قال فی حدیث آخر إذا کان مسلماً عدلا فلیس علیه ضمان(10)

إلى غیر ذلک ممّا ورد فی أبواب مختلفة.

الطائفة الثالثة: ما دلّ على جواز استخدامه إذا کان متّهماً، وان لم یکن متّهماً فلیس علیه شیء: ما رواه بکر بن حبیب قال: «قلت لأبی عبدالله(علیه السلام): أعطیت جبّة إلى القصّار، فذهبت بزعمه، قال: إن أتهمته فاسحلفه، وان لم تتهمه فلیس علیه شیء»(11). ما رواه جعفر بن عثمان قال: «حمل أبی متاعاً إلى الشام مع جمّال، فذکر أنّ حملاً منه ضاع، فذکرت ذلک لأبی عبدالله(علیه السلام) فقال: أتتهمه؟ قلت: لا، قال: فلا تضمنه».(12)

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه وقع الکلام بین فقهائنا فی أبواب الإجارة فی أنّ الأجیر مثل الصانع، أو الملاّح، أو المکاری إذا ادّعى هلاک المتاع من غیر تعدّ ولا تفریط، وأنکر المالک، هل یقبل قوله بغیر البیّنة أم لا؟ حکى عن المشهور کما عن المسالک ضمانه بغیر البیّنة، بل إدّعی الإجماع علیه، ولکن اختار جماعة قبول قولهم مع الیمین، لأنّهم اُمناء، بل ادّعى المحقق فی الشرایع أنّه اشهر الروایتین، وحکى هذا القول عن الشیخ فی غیر واحد من کتبه، و«المراسم»،و«الکافی» و«السرائر» و«التذکرة» و«القواعد» و«إیضاحها»، و«أیضاًح النافع» و«جامع المقاصد» و«الریاض» وغیرها.

واستدلّ علیه بما قد عرفت من روایة بکر بن حبیب فی الطائفة الثالثة، وبما رواه معاویة بن عمّار فی الصحیح، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «سألته عن الصبّاغ والقصّار، فقال: لیس یضمنان»(13).

وما رواه أبوبصیر المرادی، عن الصادق(علیه السلام) أیضاً قال: «لا یضمن الصائغ ولا القصّار، ولا الحائک، اِلاّ أن یکونوا متّهمین فیخوّف بالبیّنة، ویستحلف، ولعله یستخرج منه شیئاً»(14).

ولکن من المعلوم أنّ الدقّة فی الطوائف الثلاثة من الروایات التی مرّت علیک تدلّ دلالة واضحة على القول الأول وأنّ أرباب الحرف وغیرهم ضامنون لما یعطون إذا شکّ فی صدق دعواهم فی التلف، والحرق، أو الغرق، وأنّ الذی ینفی ضمانهم أحد أمرین: إقامة البیّنة على صدق دعواهم، وکونهم اُمناء، والمراد بالأمین هنا لیس الأمین فی مقابل الغاصب، بل الأمین بمعنى الثقة، ومن لا یکون متهماً فی قوله کما صرّحت به الروایات السابقة.

وبالجملة، لا یبقى أی شک لمن راجعها وفسرّ بعضها ببعض، وقیّد اطلاق بعضها ببعض آخر أنّ المراد من الجمیع شیء واحد، وهو نفی الضمان إذا لم یکن هناک قرائن التهمة، بل لو لم یکن هناک بیّنة ولا وثوق، ولکن قامت أمارات من الخارج على عدم اتهامهم، مثل ما إذا سرق جمیع أمواله، أو وقع حریق وذهبت أمواله أجمع، ومن بینها أموال الناس، وحینئذ لا یضمن کما وقع التصریح به بعنوان الشیء الغالب (کالغرق والحرق) فی روایة أمیرالمؤمنین(علیه السلام)(15)، ومثله ما ورد فی حدیث أبی بصیر أنّه إن سرق متاعه کلّه فلیس علیه شیء(16).

وقد عرفت أنّ مدار العمل بین العقلاء أیضاً على ذلک، فلا تقبل دعوى التلف من المستعیر والأجیر، والودعى، وغیرهم، ولو قبل ذلک لم یستقرّ حجر على حجر، نعم، إذا کانوا غیر متّهمین أو کان هناک قرائن خارجیّة على عدم الإتهام یقبل قولهم.

والحاصل أنّ المسألة أوضح من أنّ تحتاج إلى بحث کثیر، ولعلّ وقوع الخلط بین الأمانة بالمعین فی کلماتهم صارت منشأ لکثیر من الأقوال المخالفة (والله العالم).

وممّا ذکرنا یعلم أنّه لا یمکن الإعتماد على ما رواه فی «المقنع» من عدم الضمان، ولو کان غیر ثقة، مع ضعف الحدیث بالإرسال(17).

نعم، یظهر من بعض روایات الباب أنّه یستحب التطوّل علیهم بعدم أخذ المال منهم عند الشکّ فی صدق کلامهم إذا لم یکونوا أمناء،(18) ولا بأس بالعمل به.


1. الوسائل، ج 13، أحکام الإجارة، الباب 29، ح 5.
2. الوسائل، ج 13، أحکام الإجارة، الباب 29، ح 19.
3. المصدر السابق، ح 32.
4. المصدر السابق، ح 1.
5. المصدر السابق، ح 7.
6. المصدر السابق، ح 3.
7. الوسائل، ج 13، أحکام الإجارة، الباب 29، ح 12.
8. المصدر السابق، الباب 32، ح 3.
9. المصدر السابق، أبواب العاریة، الباب 1، ح 3.
10. المصدر السابق، أحکام الودیعة، الباب 4، ح 3.
11. المصدر السابق، أحکام الإجارة، الباب 29، ح 16.
12. المصدر السابق، الباب 30، ح 6.
13. الوسائل، ج 13، أحکام الإجارة، الباب 29، ح 14.
14. المصدر السابق، ح 11.
15. الوسائل، ج 13، أحکام الإجارة، الباب 29، ح 6.
16. المصدر السابق، ح 5.
17. المصدر السابق، کتاب الودیعة، الباب 4، ح 7.
18. المصدر السابق، ح 7.
الثالث: بناء العقلاءالثانی: هل یجوز اشتراط ضمان الأمین؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma