المعروف أنّ الإتلاف موجب للضمان سواء صدر عن علم وعمد، أو عن جهل وغفلة، حتى فی حال النوم، لإطلاق بعض الأدلّة السابقة وإن کان بعضها مختصّاً بحال الاختیار، وما ذکره بعض أعاظم العصر من عدم ضمان النائم إذا انقلب واتلف نفساً أو طفلاً منها لا فی ماله ولا على عاقلته(1) قول تفرّد به فی مقابل القائلین بالضمان على النحو الأول أو الثانی، فکأنّه ناشیء عن عدم شمول أدلّة القتل العمد والخطأ له، ولما قصر الدلیلان حکم بالبراءة.
وهذا الکلام لو سلّمناه فی باب النفوس لا یجری فی باب الأموال، فإنّ بعض أدلّة ضمان المال عند الإتلاف عامّ شامل لجمیع أقسامه بدون فرق، هذا مع أنّ ما أفاده غیر تام فی مورد النفوس أیضاً، فإنّ النفوس والأطراف لا یمکن ذهابها بغیر شیء إذا حصل بسبب إنسان.
هذا هو الذی یستفاد من مجموع أدلّة أبواب الدیات، ولذا ورد النّص من باب الظئر أنّها ضامنة على کلّ حال لو أتلفت طفلا وهی نائمة، ولکن إن کانت إنّما ظایرت طلب العزّ والفخر فالدیة من مالها خاصّة، وإن کانت إنّما ظایرت من الفقر فانّ الدیة على عاقلته(2).
ولیت شعری أی فرق بین النائم والغافل، فکما أنّ الغافل إذا قتل إنساناً أو أفسد مالاً وجب تدارکه، فکذلک النائم.
والعمدة أنّ استثناء التلف فی جمیع هذه الموارد إلى سببه ثابت عرفاً بلا ریب، ومع الاستناد الضمان ثابت، غایة الأمر أنّ الحکم فی أبواب الدیات یختلف بین العمد وغیره، ولکن فی أبواب ضمان المال والمنافع والحقوق لا فرق بینهما أصلاً.