ویمکن الاستدلال لها بالآیات التالیة:
1 ـ قوله تعالى: (فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَیْکُمْ...)(1).
فإنّ إطلاقها یشمل الإعتداء فی الأنفس، والأموال، ومن الواضح أنّ ما یعطى به قصاصاً أو تقاصاً وشبهه لیس من الإعتداء ولکن أطلق علیه هذا العنوان فی الآیة تغلیباً، کما أنّ من الواضح أنّه لیس معنى الإعتداء بالمثل أن یکسر إناءاً فی مقابل کسر إناء، بل أن یؤخذ قیمة إناء فی مقابل کسر إناء، فهذا هو الإعتداء بالمثل فی هذه الموارد عرفاً، وکذلک من أحرق بیت إنسان لیس له الإعتداء بمثل إحراق بیته، بل یأخذ قیمته وما یعاد له.
وأمّا أنّ الآیة هل تدلّ على ضمان المثل، أو الأعمّ منها؟ فهو بحث آخر لسنا بصدده فعلاً، إنّما الکلام فی دلالتها على المقصود إجمالاً.
2 قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَیْرٌ لِلصَّابِرِینَ)(2).
بناءاً على أنّ المعاقبة تشمل الأموال والأنفس فإنَّها فی اللغة بمعنى المجازاة، والأخذ بالذنب، والإقتصاص، ولکنّ شمولها للأموال لا یخلو عن إشکال.
قال الراغب فی «المفردات»: «والعقوبة والمعاقبة والعقاب یختصّ بالعذاب کما أنّ العقب والعقبى یختصّان بالثواب»، ویستفاد من کلامه أنّ إطلاق العقوبة والعقبى على الثواب والعقاب من جهة کونهما فی عقب المعصیة والطاعة.
3 ـ قوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَیِّئَة سَیِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لاَ یُحِبُّ الظَّالِمِینَ)(3).
بناء على إطلاق السیئة وعمومها لإتلاف الأموال والمنافع، وحینئذ جزاء سیئة سیئة مثلها، لکن لا بمعنى إتلاف مال أو منفعة فی مقابله، بل بمعنى أخذه، فإنّ القصاص بماله بالمعنى الخاصّ مخصوص بالأنفس لعلّة لا تخفى، وأمّا فی الأموال، فإنّ إتلافها حرام لا یکون التقاصّ إلاّ بأخذ مال مثله أو بقدر قیمته.
هذا ما یمکن الإستدلال به من آیات الذکر الحکیم، ولکنّ العمدة فی هذا المقام لیست هذه الآیات لإجمالها بل الروایات التالیة.