أحدهما: أنّه هل یعتبر الوثوق الفعلی (الشخصی) أو یکفی الوثوق النّوعی؟
المصرّح به عن غیر واحد منهم فی باب حجیّة خبر الواحد فی الأحکام، وعن بعضهم فی الموضوعات، کفایة الوثوق النّوعی، وعدم الحاجة إلى الوثوق الفعلی الشخصی.
والظاهر أنّ الدلیل علیه هو بناء العقلاء واحتجاجهم بخبر الثّقات فیما إذا أخبروا بموضوع أو حکم، فإنّهم یرونه حجّة على العبید، ومن شابههم، ولا یصغون إلى إعتذارهم بعدم حصول الوثوق الفعلی، اللّهم إلاّ أن یکون هناک قرائن خاصّة توجب اتهام المخبر فی خبره، وحینئذ لا یبعد ردّه، قبول العذر بوجودها.
ثانیهما: هل یکفی مجرّد الوثوق بالروایة، وان لم یوثق بالرّاوی، بأن کان الراوی فاسقاً کذّاباً، أو مجهول الحال، ولکن حصل من القرائن الخارجیّة وثوق بنفس الرّوایة، فهل تکون حجّة؟ وهل یحتجّ به أم لا؟
الظاهر أنّه کذلک لجریان سیرة العقلاء أیضاً علیه، فإنّهم یعتمدون على أخبار تدلّ القرائن على صحة مضمونها، بحیث یحصل الوثوق بها، وإن لم تبلغ حدّ العلم، ویحتجّون بمثل هذه الأخبار.
ومن هذا الباب ما هو المعروف من المتأخّرین والمعاصرین من حجیّة خبر الضعیف أو المجهول إذا عمل به المشهور، فینجبر ضعفه بعملهم، ولیس هذا إلاّ من جهة الوثوق بنفس الرّوایة، وإن کان الرّاوی غیرموثوق به.
وکذلک ما قال به بعضهم من الإعتماد على الأخبار المرویّة فی الکتب المعتبرة المعروفة، وإن کانت هذه القرینة محّلاً للکلام بینهم من حیث الصّغرى، وأنّها توجب الوثوق أم لا؟
ومن هذا الباب أیضاً ما ترویه وکالات الأنباء فی عصرنا من الأخبار المختلفة المرتبطة بموضوعات شتّى فی العالم، فکثیراً ما یعتمدون على أخبارهم فی نقل بعض الأمور، وإن کانوا فاسقین وکذّابین، ولیس ذلک إلاّ من جهة الوثوق الحاصل بنفس الخبر بالقرائن المختلفة فی مواضع خاصّة.
هذا تمام الکلام فی حجیّة خبر الواحد فی الموضوعات وما یتربط بها، (والحمدُ للّه).
