قاعدة «من ملک شیئاً ملک الإقرار به»، هی العمدة فی المقام، وقلّما یبحث عنها فی کلماتهم، فلو کان مسلطاً على عقد أو إیقاع، أو غیر ذلک من الأفعال، وکان ذلک جائزاً له، ممضى فی حقّه لو فعله، فإذا أقرّ بأنّه فعله یقبل إقراره منه، من دون أیّ فرق، بین أن یکون له أو علیه، أو لم یکن لا له ولا علیه، کما إذا أقرّ الوکیل ببیع أو شراء لموکّله مع شرط کذا وثمن کذا.
وفی الحقیقة نسبة بین مفاد القاعدتین هی التباین، والنسبة بین مواردهما هی العموم من وجه، ومادة الإجتماع هو ما إذا کان مالکاً لأمر یکون نتیجته علیه، کملک الإنسان للوصیّة بماله، أو الوقف أو الهبة، فإذا أقرّ بأنّه وهب ماله لفلان، فهذا یدخل فی القاعدتین: قاعدة إقرار العقلاء على أنفسهم، وقاعدة من ملک، أمّا الأول فواضح، وأمّا الثانی فلأنّه مالک ومسلّط على هبة أمواله فیقبل إقراره إذا أقرّ.
وأمّا مادة الإفتراق من ناحیة قاعدة إقرار العقلاء، فکما إذا أقرّ بقتل شخص، أو ضربه، عمداً أو خطأ، وهو داخل فی القاعدة الأولى، لا فی الثانیة فإنّه لیس هنا مالکاً ومسلطاً على هذا الفعل.
ومادة الإفتراق من ناحیة الثانیة ما إذا أقرّ الوکیل عن شخص بتجارة له أو علیه فإنّه لا یدخل فی قاعدة إقرار العقلاء على أنفسهم، ولکنّه داخل فی قاعدة من ملک.
ومن هنا یعلم من أنّ ما توهمه غیر واحد من جواز الاستدلال على الثانیة بأدلّة الأولى، بل ربّما توهموهما قاعدة واحدة بعضها من بعض لیس فی محله، بل مثل ذلک شاهد على عدم الدقّة اللازمة فی محتوى قاعدة من ملک.
إذا عرفت هذا فنعود إلى بیان محتوى هذه القاعدة وأدلتها، فنقول ومن الله التوفیق والهدایة:
