قد عرفت أنّ الأصل فی الطریق هو الإستطراق، وأمّا المنافع الأخر فهی تابعة له، وتجوز بحسب ما جرت به العادة والسّیرة التی هی منصرف عمومات السّبق فی المقام، والانصاف أنّ العادة هنا أیضاً تختلف بحسب الأزمنة والأمکنة، ففی سابق
الزمان کان المتعارف هو الاستفادة من الطرق بجمیع أنحائها، حتى ببناء الساباط والرواشن، فلو کان طرفا الطریق العام ملکاً لشخص، کان یبنی على الطریق ما یرید،
ممّا لا یزاحم المارة، بل قد کان فی هذا الأمر مصلحة للعابرین، وأمّا الآن فهو أمر منکر فی کثیر من البلدان، ولا یُعدّ مقبولاً من قبل العرف، ولیس معاتداً عندهم، ویعدّ من المزاحمة، وحینئذ لا شکّ فی عدم جوازه، لا لتبدّل الحکم، بل لتغیّر الموضوع.
وأمّا الرواشن فإذا لم تتعدّ إلى فضاء الطرق کثیراً فهو أمر رائج حتى فی زماننا هذا، وأمّا إذا تعدّت کثیراً بحیث بلغت إلى الجدار المقابل أو نحو ذلک، فهذا أیضاً غیر متعارف فی هذه الأزمنة ویعدّ من الأمور المزاحمة غالباً، وبالجملة فإنّ المدار هو على ما عرفت، ولا یجوز التعدّی عنه.