قد ذکروا لسماع الدعوى من المدّعی شرائط کثیرة، أوصلها بعضهم إلى عشرة أو أکثر:
منها: کونه واجداً لشرائط التکلیف مثل البلوغ والعقل.
ومنها: اعتبار الرشد فیه على إشکال. ومنها: أن یکون ما یدّعیه على خصمه لنفسه، أو لموکله، أولمن له الولایة علیه بأحد أنواع الولایة أو یکون حاکماً فی الحسبیات. ومنها: أن یکون ما یدّعیه أمراً ممکناً عقلاً وعادة، وجائزاً شرعاً. ومنها: أن یکون مورد الدعوى غیر مجهول ولا مبهم، بل معلوماً بالنوع، والوصف، والقدر.
ومنها: أن تکون الدعوى صریحة فی استحقاق المدّعی شیئاً. ومنها: أن یکون فی مقابله خصم ینکر ما یدّعیه. ومنها: أن یکون دعواه عن بتّ وجزم.
ومنها: أنّه لابدّ من تعیین المدّعى علیه بشخصه... إلى غیرذلک ممّا ذکروه.
ولکنّ الإنصاف أنّ جلّ هذه الأمور لیست من قبیل الشرائط الزائدة على ماهیة الدعوى وصیرورة المدّعی مدعیاً، بل أمور مستفادة من هذا المفهوم، وتحلیل مغزاه بعینه، فمثل صراحة الدعوى (أو ظهوره) وکذلک کونه عن بتّ وجزم، لا عن احتمال وظن، معتبر فی مفهوم الدعوى، فانّها بدونه لا تعدّ دعوى، وکذلک إذا کان ما یدّعیه أمراً غیر ممکن عقلاً، فلا یعدّ عند العقلاء دعوى، وکذا إذا لم یکن فی مقابله خصم.
وهکذا إذا لم تکن الدعوى لنفسه أو لمن إلیه أمره، بل کانت غیر مرتبطة به فإنّ هذا أیضاً لا یعدّ دعوى عند العقلاء، وهکذا غیره من أشباهه، فإذا ادّعى رجل حق رجل مظلوم وأقام الدعوى له یقال له: هذا أمر لا یعنیک حتى تدّعی، وإعانة المظلوم وإن کان حقاً ولکن فی مسألة إقامة الدعوى لابدّ أن یکون من ناحیة صاحبه، أو وکیله، أو الولی الفقیه، أو القاضی المنصوب عموماً، أو خصوصاً من قبله، نعم، إذا لم یکن هناک الحاکم الشرعی فیتصدّى لذلک عدول المؤمنین.
هذا، ولکنّ بعضها یمکن اعتباره شرطاً کالبلوغ، فیقال إنّ غیر البالغ لا تجوز له إقامة الدعوى، بل المتصدّی له ولیّه، وکذا لارشد فی الأمور المالیة إذا کان مورد الدعوى أمراً مالیاً على القول باعتباره بعض الشرائط الأخر ممّا یکون أمره ظاهراً ودلیله واضحاً لا یحتاج إلى مزید تفصیل.
