الأمر الأول: فی معنى الغرور

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الثانی
2 ـ الإستدلال لها ببناء العقلاءالأمر الثانی: معنى التسبیب

قد عرفت أنّ ما هو المعروف بین الفقهاء وأهل العلم «أنّ المغرور یرجع إلى من غرّه» وإن لم یرد فی متن حدیث، ولکن قد عرفت أنّ عنوان الغرور ورد بشکل آخر فی بعض أحادیث الخاصّة والعامّة، فقد روى الجمهور عن علی(علیه السلام): «أنّ المغرور یرجع بالمهر على من غرّه»(1) الذی یختصّ بباب الغرور فی المهر فقط، کما ورد عنوان «التدلیس فی روایة أبی عبیدة عن أبی جعفر(علیه السلام) فی أبواب العیوب والتدلیس(2)، وما رواه رفاعة بن موسى، عن أبی عبدالله(علیه السلام)فی هذا المعنى(3) وما رواه فی «دعائم الإسلام» عن علی(علیه السلام) فی المغرور فی أبواب المهور وأنّه یرجع على من غرّه(4) فاللازم کشف معنى «الغرور» و«التدلیس» أولاً، ثمّ الأخذ بما فی غیر هذه الأحادیث من العناوین الأخر.

فنقول ومن الله التوفیق والهدایة: أمّا «الغرور» فقد قال الراغب فی «المفردات»: یقال: غررت فلاناً، أصبت غرّته ونلت منه ما أرید، والغرّة غفلة فی الیقظة، وأصل ذلک من الغرّ، وهو الأصل الظاهر من الشیء، ومنه غرّة الفرس، والغَرور (بفتح الغین) کلّ ما یغرّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشیطان، والغرر الخطر.

وقال فی «الصحاح»: «الغُرّة» (بالضم) بیاض فی جبهة الفرس فوق الدرهم، والغِرّة (بالکسر) الغفلة والغُرور (بالضم) ما اغترّ به من متاع الدنیا وغرّه یغرّه غروراً خدعه.

وقال ابن الاثیر فی «النهایة»: الغرّة الغفلة، وفی الحدیث أنّه نهى عن بیع الغرر، ما کان له ظاهر یغرّ المشتری وباطن مجهول.

وقال الطریحی فی «مجمع البحرین»: قوله تعالى: (ما غرّک بربّک الکَریم)، أی: أی شیء غرّک بخالقک، وخدعک، وسوّل لک الباطل حتى عصیته وخالفته... والغَرور بالفتح الشیطان، سمی الشیطان غروراً لأنّه یحمل الإنسان على محابه، ووراء ذلک ما یسؤوه.

ثم نقل عن ابن السکیت معنى الغرور أیضاً وهو ما رأیت له ظاهراً تحبّه، وفیه باطن مکروه ومجهول.

ویظهر من جمیع ذلک، ومن غیرها من کلماتهم، ومن موارد استعمال هذه اللفظة أنّها بمعنى الخدعة بما له ظاهر یخالف باطنه، فالمغرور هو المخدوع، والذی حمله على شیء له ظاهر ولیس باطنه کذلک هو الغارّ.

وأمّا «التدلیس» فهو کما قال فی «الصحاح»: التدلیس فی البیع کتمان عیب السلعة على المشتری.

وقال فی «مجمع البحرین»: کذلک (التدلیس کتمان عیب السلعة على المشتری)، والدلسة (على وزن اللقمة): الخدیعة.

وقال ابن منظور فی «لسان العرب» الدلس بالتحریک: الظلمة، وفلان لا یدالس ولا یوالس، أی: لا یخادع ولا یغدر، والمدالسة: المخادعة، وفلان لا یدالسک ولا یخادعک، ولا یخفی علیک الشیء، فکأنه یأتیک به فی الظلام، ثم ذکر أنّ التدلیس فی البیع کتمان عیب السلعة عن المشتری.

ویظهر من جمیع ذلک وموارد استعمال هذه الکلمة أنّها والخدعة والغرور قریبة المعنى، وإذا عرفت ذلک فهل یعتبر فی عنوان الغرور علم الغارّ وجهل المغرور أو یکفی جهل المغرور وإن کان الغارّ أیضاً جاهلاً ولکن تضرر بقوله، الظاهر الأول، ولا أقلّ من الشکّ فی شمول الثانی.

قال فی «العناوین»: «کلّ غرامة وردت على الجاهل بالواقع منشؤوها شخص آخر، بحیث کان تدلیسه سبباً لذلک، فهو ضامن لها، وان لم یکن الغارّ أثبت یده على ذلک المال ونحوه، ولم یصدق علیه عنوان کونه متلفاً، ومن هنا علم أنّ المغرور یعتبر فیه الجهل بالواقع حتى یکون مغروراً، وأمّا الغارّ لو کان عالماً بالواقع، وقصد التدلیس والتغریر، وحصل غرور المغرور بواسطته، بحیث کان ذلک علّة فی اعتقاده وإقدامه، فلا

بحث فی کونه غارّاً، وأمّا لو کان عالماً عامداً، ولکن لم یؤثر ذلک فی علم المغرور اعتقاده بأن کان معتقداً ذلک المعنى سواء غرّه ذلک أم لا، کمن دفع مال غیره إلى ثالث بعنوان أنّه مال الدافع وکان الأخذ معتقداً ذلک من خارج، بحیث لم یؤثّر فیه تدلیس الغارّ ففی کون ذلک غارّاً وجهان» (انتهى محل الحاجة)(5).

وظاهره المفروغیة عن اعتبار علم الغارّ.

ثم إعلم أنّ هنا صور لابدّ من بیان أحکامها:

1 ـ أن یکون الغارّ عالماً والمغرور جاهلاً، وکان فعل الغارّ تسبیباً لفعل المغرور، ومثاله من قدّم طعاماً إلى غیره فأکله، وکان المقدِّم عالماً بکونه غصباً والمقدَّم إلیه جاهلاً.

2 ـ ما إذا کان الغارّ عالماً والمغرور جاهلاً، ولم یکن هناک عنوان التسبیب، کمن أقدم على ترغیب رجل بنکاح أمرأة وعرّفها له، حتى أقدم هو بنفسه على نکاحها، ولم تکن المرأة کما ذکره بأن کانت معیوبة أو مجنونة، أو عرّفه أمرأة وانکحه غیرها، ففی جمیع ذلک یتضرر الزوج بمهر المرأة، ولکن لا یصدق على الغار عنوان السبب، بما له من المعنى المعروف فی أبواب الضمانات والدیات، بل هو داخل تحت عنوان الغرور والتدلیس فقط.

ما إذا کان الغارّ عالماً والمغرور جاهلاً، ولکن لم یکن لفعل الغارّ أثر، والمغرور کان یعلم بذلک من قبل، کمن اعتقد أنّ المال الفلانی لزید ولم یکن الأمر کما اعتقده، ثم قدّمه زید له، فتقدیم زید لیس سبباً لغروره، بل کان مغروراً ومخدوعاً من قبل، فهل یجرى أحکام الغرر هنا.

4 ـ ما إذا کان الغارّ والمغرور کلاهما جاهلین.

أمّا إذا کان کلاهما عالمین، أو الأول جاهلاً والثانی عالماً فلا دخل لهما بالمسألة، بل هما خارجان عن عنوان الغرور وإن ذکرهما بعض عند ذکر الأقسام هنا، عرفت هذا فاعلم: أمّا الصورة الاُولى فلا شکّ فی دخولها فی القاعدة، بل وفی قاعدة التسبیب، فالغارّ فیها ضامن لما تضرر المغرور به، لصدق عنوان الغرور علیه أولاً، وإسناد الإتلاف إلیه ثانیاً.

ولکن هل المالک یرجع إلى الغارّ بلا واسطة، أو یرجع إلى المغرور ثم المغرور یرجع إلى من غرّه؟ فلو قلنا بالأول فالمسألة فی الواقع خارجة عن باب الغرور، لعدم وجود الضمان بالنسبة إلى غیر الغار، وسیأتی الکلام فیها إن شاء الله.

وأمّا الصورة الثانیة فهی القدر المتیقن من قاعدة الغرور، بل هی المصداق المصرّح به فی روایات الباب لا سیّما التدلیس فی النکاح، فکلّما کان الغارّ سبباً لتضرر المغرور، وکان الأول عالماً والثانی جاهلاً، فللمغرور أن یرجع إلى من غرّه ویأخذ ما تضرّر به منه.

وأمّا الصورة الثالثة ففیها وجهان: من جهة أنّ فعله لم یکن سبباً لغروره، بل کان مغروراً من قبل، ومن أنّه من قبیل توارد العلتین المستقلتین على معلول واحد یمکن استناد المعلول إلى کلّ منهما، والثانی لو لم یکن أقوى، لا أقلّ من أنّه أحوط.

هذا کلّه إذا لم یکن مصداقاً للتسبیب، کمن قدّم طعاماً جاهلاً بغصبیته إلى غیره فأکله لصدق عنوان الإتلاف علیه هنا وإن لم یصدق علیه عنوان الغرور.


1. السنن الکبرى للبیهقی، ج 7، ص 219.
2. نقلناه تحت أرقام 1 ـ 2 ـ 3 ـ فی طی الأحادیث السابقة.
3. نقلناه تحت أرقام 1 ـ 2 ـ 3 ـ فی طی الأحادیث السابقة.
4. نقلناه تحت أرقام 1 ـ 2 ـ 3 ـ فى طی الأحادیث السابقة.
5. العناوین، ج 2، ص 440 (طبعة مؤسسة النشر الاسلامی).
2 ـ الإستدلال لها ببناء العقلاءالأمر الثانی: معنى التسبیب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma