فهی أیضاً على قسمین: وقف عام، ووقف خاص (أو ما یشبه الوقف ممّا بنیت من الزکاة من سهم سبیل الله أو من سائر وجوه بیت المال)، وقلّما یوجد فیها ملک خاص لفرد أو أفراد معلومین.
وحینئذ فإنّ اللازم قبل کلّ شیء ملاحظة شرائط الواقف، فإن کان هناک شرط فیتبع، وإلاّ فلا شک فی أنّ الحقّ لمن سبق إذا کان تحت عنوان الموقوف علیهم.
أمّا مقدار المکث فیها فهو تابع للحاجة والعادة، أو اشتراط الواقف، وهو مقدّم على الجمیع.
فلو شرط الواقف عدم المکث لطالب العلم فی المدرسة أکثر من سنة، فلابدّ من رعایته، وإن لم تتم حاجته، وأمّا إن لم یشترط، فما دام یحتاج إلیه یستحق البقاء إلاّ إذا خرج عن حدّ المعروف والمعتاد، وإذا انقضت حاجته فلابدّ من اخراجه من المدرسة، ولا یجوز له المکث فیها أو إغلاق باب حجرتها، أو غیر ذلک ممّا یزاحم المستحقّین لها، وکذا من سکن الخان أو الرّباط یجوز له البقاء فیه بمقدار ما یتخذه المسافر مکاناً، فلا یجوز له جعله مسکناً دائمیاً أو رباطاً کذلک.
وإذا خرج من المدرسة أو غادر الخان والرباط سقط حقّه ولو نوى العود إلیها، إلاّ أن یکون هناک اشتراط من ناحیة الواقف، أو بقی رحله فیها ولکن لابدّ له من الرجوع إلیها فی زمان جرت العادة علیه، فلو مضى ذاک الزمان سقط حقّه، ویجوز جمع رحله وإخلاء المکان عنه.
وهناک کلام لـ «جامع المقاصد» وحاصله: «أنّه لو أدّى طول المکث فی هذه الموقوفات إلى إلتباس الحال بحیث أمکن دعوى الملکیّة لمن سکنها یحتمل جواز ازعاجه لأنّه مضرّ بالوقف» وما ذکره حسن لو وجد له موضوع.
وقد تعرّض بعض الأصحاب هنا لاُمور تتشابه مع مصادیق قاعدة السّبق، ولکنّ هذه الاُمور لیست منها فی الواقع، کأحکام الإمام الرّاتب فی المسجد، أو السّابق فی الکلام عند القاضی، أو السّبق فی الخفّ والحافر والنصل، أو السّبق إلى معاملة أو سوم، أو السّبق إلى التقاط شیء من اللقطة، ومجهول المالک، وغیر ذلک.
وحیث إنّ لها أحکام خاصّة مبنیّة على مبان أخر غیر قاعدة السّبق ومذکورة فی محالّها فالأحسن إیکال أمرها إلى مظانها فی الفقه.
إلى هنا تمّ الکلام فی قاعدة السّبق والحمد للّه أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
