قد یقال بعدم الفرق، وذلک لإطلاق النص والفتوى.
والمراد بالنصّ هو «عموم من أتلف» وبالفتوى إطلاق کلمات القوم فی الأبواب المختلفة من العقود أو عند ذکر القاعدة مطلقة.
هذا، ولکنّک بعد ما عرفت من الدلیل الذی بنینا علیه فی هذا الباب تعلم الفرق الواضح بین صورتی العلم والجهل، فإنّه إذا کان الدافع عالماً بأنّ الهبة الفلانیة مثلاً غیر صحیحة شرعاً، ومع ذلک لم یعتنِ بحکم الشرع، وأقبض الموهوب له بانیاً على صحتها عند نفسه، فمن الواضح أنّه لا ضمان للقابض هنا، لأنّ المالک هو الذی دفع المال إلیه عالماً عامداً، وسلّطه علیه مجاناً، وکذلک الأمر إذا باعه بغیر ثمن عالماً بفساده، وسلّط المشتری علیه.
کما أنّ الأمر فی عکسه کذلک، فلو أعطاه المشتری عاریة معوضة بتوهم صحة العاریة المعوضة، وکان المشتری عالماً بالفساد، فإنّه لا یصحّ له أخذها، ولو أخذها کان ضامناً، لقاعدة احترام مال المسلم، وعدم جواز أخذه وإتلافه بغیر إذن صاحبه، والإذن هنا مبنیّ على مبنى فاسد وهو توهم الصحّة، بخلاف ما لو کان عالماً بالفساد غیر مکترث بحکم الشرع، بل بانیاً على الصحة من قبل نفسه، وبالجملة، فإنّ المسألة واضحة بعد ما عرفت من مبانیها.