المقام الخامس: فی اعتبار کون البیّنة فی الأمور المحسوسة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
القواعد الفقهیّة الجزء الثانی
المقام الرابع: الموارد المستثناة من هذه القاعدةالمقام السادس: فی کون حجیّة البیّنة عامّاً لکلّ أحد، وبالنسبة إلى جمیع الآثار

لا ینبغی الشکّ فی أنّ المعتبر فی حجیّة البیّنة أن یکون فی المحسوسات، وأمّا غیرها ممّا لا یحیط به الحسّ فهو غیر داخل فی أحکام البیّنة، وإن قلنا بحجیّة الشهادة فیها أیضاً، فإنّه داخل فی عنوان الرجوع إلى أهل الخبرة، وله أحکام أخر سیأتی الإشارة إلیها إن شاء الله.

ویدلّ على ما ذکرنا أمور:

1 ـ الظاهر أنّه لا خلاف بین الأصحاب فی هذا المعنى.

2 ـ أخذ عنوان الشهادة فی هذا الباب دلیل علیه، فإنّها من الشهود، وهو ظاهر فی کون المشهود فیه أمراً محسوساً.

3 ـ الأخبار العامة والخاصّة الواردة فی البیّنة التی أشرنا إلیها سابقاً کلّها أو جلّها

ظاهرة فی ما کان المخبر به أمراً حسیّاً، فلا یستفاد منها عموم یشمل غیر المحسوسات.

4 ـ الروایات الخاصّة الدالة على لزوم کون الشهادة عن حسّ دلیل واضح على المقصود، مثل ما رواه علی بن غیاث، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «لا تشهدنّ بشهادة حتى تعرفها کما تعرف کفّک»(1).

وما رواه المحقّق(رحمه الله) فی «الشرایع» عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وقد سئل عن الشهادة، قال: «هل ترى الشّمس؟ على مثلها فاشهد أو دع»(2).

ولا أقلّ من الشکّ فی شموله لما علم من غیر طریق الحسّ، والأصل عدم القبول ـ والأمر فی هذا سهل ـ لا سیّما مع بناء العقلاء أیضاً فی شهاداتهم على ذلک فلا یکتفون بشهادة من علم بشیء من قرائن حدسیة.

إنّما الکلام فی المراد من الحسّ هنا، فإنّه لو کان المقصود کون مورد الشهادة دائماً محسوساً بأحد الحواس الخمسة (أو أکثر من الخمسة) فهذا غیر صحیح قطعاً، فإنّ من یشهد بأنّ زیداً ابن عمرو، أو أخوه، أو عمه، أو خاله، فهل یمکن أن یکون هذا محسوساً له، وهل شاهد تولّده منه، أو تولدهما من أُم واحدة؟ کلاّ بل رآه فی بیته یتعامل معه معاملة ابنه، یربّیه، ویکفله، واشتهر بذلک کلّ الشهرة، فمن خلال هذه الأمور یقطع بأنّه ابنه، فیشهد به.

وهکذا الکلام فی الشهادة على العدالة فإنّها لیست من الأمور الحسیّة، بل مستفادة من قرائن کثیرة حسیّة.

ومثلهما الشهادة على الإجتهاد، والإسلام، والإیمان، وغیر ذلک، فانّ هذه کلّها أمور غیر محسوسة تُعرف من آثارها، ولکنّها تعدّ فی نظر العرف أموراً حسیّة.

فالحسّ المعتبر فی هذا الباب له معنىً عام، یشمل ما کان محسوساً بنفسه، أو بآثاره التی یکون معها کالمحسوس.

وهکذا الکلام فی المسببات التولیدیّة التی لا ترى إلاّ أسبابها، وآثارها، فقتل النفس وهو زهاق الروح لیس أمراً حسیّاً، بل المحسوس ضرب العنق بالسیف مثلاً، أو الإلقاء من شاهق، أو الإغراق فی الماء، أو الإحراق بالنّار، ثمّ بعد ذلک لا یرى الحسّ والحرکة فی البدن، ولا یرى آثار الحیاة، فیقال کان زهاق الروح مسبباً عنه لا محالة.

ومن هذا القبیل الشهادة بالسخاء، والشجاعة، وأباء النفس، أو البخل، والدناءة، والجبن، وغیر ذلک من الصفات النفسیّة، فإنّ جمیعها تعرف من آثارها.

وبالجملة المحسوس هنا أعمّ ممّا یُحسّ بنفسه، أو بأسبابه، أو بآثاره التی تکون معه کالمحسوس بنفسه ،نعم لا یمکن التعدّی منها إلى غیرها.

فعلى هذا إذا علمنا من قرائن مختلفة أنّ زیداً قاتل عمرو من تلجلج لسانه عند الجواب ومن تغیّر حاله عند مشاهدة آثار هذه الجنایة

ومن أجوبته المتناقضة عند السؤال عن القتل، ومن کونه شدید العداوة مع المقتول، وسماع الحوار بینهما فی ساعة وقوع القتل، وغیر هذه الأمور ممّا یوجب الیقین بکونه قاتلاً، فشیء من ذلک لا یجوز الشهادة معه على القتل، ولا تکون داخلة فی عنوان البیّنة، وإن کان القاضی قد یعمل بها لو حصلت عنده بناءاً على حجیّة علم القاضی، وجواز الحکم معه مطلقاً، أو فیما کان قریباً من الحسّ، مثل ما روی فی قضایا أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) فی رجل توفی على عهده، وخلّف ابناً وعبداً، فادّعى کلّ واحد منهما أنّه الابن، وأنّ الآخر عبد له! فأتیا أمیر المؤمنین(علیه السلام) فتحا کما إلیه، فأمر أن یثقب فی حائط المسجد ثقبین ثم أمر کلّ واحد منهما أن یدخل رأسه فی ثقب، ففعلا، ثمّ قال: یا قنبر، جرد السیف، وإشار إلیه لا تفعل ما آمرک به، ثم قال: اضرب عنق العبد فنحّى العبد رأسه! فأخذه أمیر المؤمنین(علیه السلام) وقال للآخر: أنت الابن(3).

ولیس فی هذا الحدیث إشارة إلى اعتراف واحد منهما بعد ذلک، وإن ورد فی قضیّة أخرى مشابهة لها، ولکنّ الظاهر أنّهما قضیتان(4).

ومثله ما حکاه الشیخ المفید(رحمه الله) فی «الإرشاد»، وقال: روت العامّة والخاصّة أنّ أمرأتین تنازعتا على عهد عمر فی طفل إدّعته کلّ واحدة منهما ولداً لها بغیر بیّنة ـ وفی ذیلها ـ أنّ علی(علیه السلام)قال ایتونی بمنشار! فقالت، المرأتان فما تصنع به؟ فقال: أقدّه نصفین، لکلّ واحد منهما نصفه! فسکتت أحداهما، وقالت: الأخرى الله الله یا أبا الحسن! إن کان لابدّ من ذلک فقد سمحت به لها، فقال(علیه السلام): الله أکبر هذا ابنک دونها! (الحدیث)(5).

إلى غیر ذلک ممّا یظفر بها المتتبّع فی طیّات کتاب القضاء وغیره، فهذا کلّه ممّا یجوز للقاضی الحکم به لعلمه الحاصل من هذه المقدمات القریبة من الحسّ، ولکن لا یجوز للشاهد الإعتماد فی شهادته على هذه الأمور وأشباهها.


1. الوسائل، ج 18، کتاب الشهادات، الباب 20، ح 1.
2. المصدر السابق، ح 3.
3. الوسائل، ج 18، کتاب القضاء، أبواب کیفیة الحکم، الباب 21، ح 9 و4.
4. الوسائل، ج 18، کتاب القضاء، أبواب کیفیة الحکم، الباب 21، ح 9 و 4.
5. المصدر السابق، ح 11.
المقام الرابع: الموارد المستثناة من هذه القاعدةالمقام السادس: فی کون حجیّة البیّنة عامّاً لکلّ أحد، وبالنسبة إلى جمیع الآثار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma