لا ینبغی الشک فی أنّ مقتضى الأدلّة السابقة حجیّة البیّنة بالنسبة إلى جمیع الآثار وإلى کلّ أحد، کسائر الأمارات القائمة على الموضوعات، وأنّه لا اختصاص لحجیتها بمن قامت عنده البیّنة، بل الملاک هو العلم بقیامها، سواء کانت عنده، أو عند غیره، ولا یحتمل بعد ملاحظة الأدلّة المذکورة أن تکون البیّنة عند شخص موضوعیّة، ولا تکون حجّة لغیره، کما هو کذلک فی سائر الأمارات، بل لولا وسوسة بعض الأصحاب فی ذلک، وتعرّضهم للمسألة، وجعلها ذات قولین، لم نحتج إلى هذا المقدار من البحث أیضاً، وأیّ خصوصیة للبیّنة من بین الأمارات؟ وأیّ أثر لقیامها عندی أو عندک؟ بل المدار على تحقّقها فی الخارج عند أیّ شخص.
نعم، فی أبواب القضاء والأحکام الصادرة من القضاة یمکن أن یقال إنّ لقیام البیّنة عند القاضی خصوصیة، ولکنّه أیضاً قابل للکلام، وعلى کلّ حال فلا دخل له بحجیّة البیّنة کأمارة من الأمارات القائمة على الموضوعات الخارجیّة، والکلام هنا فیها فقط.
ویؤید ما ذکرنا، بل ویدلّ علیه ما ورد فی جواز شهادة على الشهادة، وأنّه حجّة مطلقاً، أو إذا کان شاهد الأصل لا یمکنه الحضور، ولا ینافی ما دلّ على أنّه لا تجوز شهادة على شهادة کما لا یخفى، فراجع الباب (44) من أبواب الشهادات من الوسائل.