المقام الأوّل: مالکیة الحکومة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة(کتاب التجارة)
بقی هنا اُمورالمقام الثّانی: منابع أموال الحکومة

أمّا الاُولى، فقد یستشکل فی ذلک، نظراً إلى أنّ الملکیة وان کانت من الاُمور الإعتباریة بنفسها، إلاّ أنّ المالک لابدّ أن یکون شخصاً حقیقیاً عاقلا شاعراً فکما لا تتصوّر الملکیة بالنسبة إلى الحیوانات والأشجار والأحجار فبطریق أولى لا یصحّ الملک للعناوین الإعتباریة، ولم یعهد ذلک فی الصور الاُول، وإنّما کانت الأموال الموجودة فی بیت المال ملکاً لجمیع المسلمین، أو لفقرائهم، أو لإمام المسلمین.

هذا ولکن یرد علیه: أمّا أوّلا: فلأنّ قیام الأمر الإعتباری بأمر إعتباری آخر لا مانع منه بعد ما کان الإعتبار والإنشاء خفیف المؤونة، والمدار فی الاُمور الإعتباریة على کونها مشتملة على المصالح العقلائیة والمنافع الإجتماعیة، وملکیة الجهة والعنوان أمر عقلائی بلا إشکال، بل لعلّ أکثر الأموال الموجودة الیوم على وجه الأرض أملاک للعناوین، مثل السفن العظیمة والطائرات وجمیع الأسلحة المتطورة والثروات الضخمة فی البنوک والعمارات والأراضی وغیرها، ولو کان هذا أمراً غیر عقلائی لما التزم به جمیع العقلاء من جمیع أقطار العالم، ولو حکمنا بسلب الملکیة عن الحکومات لم یستقرّ حجر على حجر ولو یوماً واحداً.

وان شئت قلت: الأحکام تؤخذ من الشرع وموضوعاتها من العرف، وملکیة الجهة أمر عرفی واضح ظاهر لکلّ أحد.

وهل الحکومة تتصرّف فیها بعنوان النیابة، والمال مال الشعب، أو هی ملک لها، ورجالها مأمورون بالتصرّف فیها لمصالح الأهمّ؟

فعلى الأوّل المالک الحقیقی هو الشعب، والحکومة وکیل له، وعلى الثانی المالک هی الحکومة، والمصرف هو الشعب، کلّ من المعنین جائز، وعلى کلّ تقدیر تکون ملکاً للجهة.

وبعبارة اُخرى، قد یکون عنوان النیابة هنا من قبیل الواسطة فی ثبوت الملکیة، واُخرى من قبیل الواسطة فی العروض.

الظاهر أنّه لا فرق بینهما فی الأثر والعمل، لأنّ تصرفاتها بعنوان الحکومة على کلّ حال لا تصحّ إلاّ فی مصالح الحکومة التی هی مصالح الشعب بعینها، کما أنّ تصرفاتها بعنوان النیابة کذلک.

وعلى کلّ تقدیر المالک هو الجهة لا افراد الحکومة، ولا افراد الشعب بأعیانهم، بل بعنوانهم.

ولکن الأظهر بحسب متفاهم العرف والعقلاء هو کون الحکومة مالکاً لها، تتصرّف فیها لمصالحهم.

وممّا یشهد لما ذکرنا من جواز ملک الجهة اُمور:

1 ـ الموقوفات العامّة على بعض العناوین، کوقف المدارس على طلاب علوم الدین أو على صنف خاص منهم، فانّ المالک هنا أیضاً لیس أشخاصهم بأعیانهم، بل بما انّهم مصادیق لهذا العنوان، وأی فرق بینه وبین مالکیة عنوان الحکومة، وکلاهما ملک الجهة، ولا فرق بین التملیک الموجود فی الوقف والملک الطلق، وهکذا الأمر فی المساجد والخانات والمرابط لو قلنا أنّها ملک لعامّة المسلمین، بخلاف ما إذا قلنا أنّها فک ملک.

نعم الجهة فی الموقوفات تحکی عن أمر خارجی کطلبة العلم، وفی الحکومة عن أمر إعتباری، وهذا المقدار لا یوجب تفاوتاً فی المقام بعد کونهما کلاهما ملکاً للجهة.

2 ـ هنا أشیاء تتوقّف على المساجد بحیث تعدّ تملیکاً للمسجد، والمسجد مالکاً لها، بل قد لا یکون ملک المسجد وقفاً ویکون من قبیل الملک الطلق کالفرش والأمتعة التی تشترى للمسجد من غلّة موقوفاته، فانّه مال المسجد ولیس وقفاً (فتأمّل جیّداً فی الفرق بینهما).

فإذا کان المسجد وشبهه یمکن أن یکون مالکاً لبعض الأشیاء مع أنّها لیست بذوات العقول، فکیف لا یمکن ملک «الجهة» مع أنّها عنوان لمن یعقل، ویملک؟!

والغرض من ذلک کلّه أنّ أمر الملک سهل بین العرف، والعقلاء یعتبرونه فی کلّ مورد تترتّب علیه الآثار المعقولة المفیدة، والقول بأنّ أملاک المساجد وشبهها أملاک لعامّة المسلمین، لا المسجد، مخالف لما إرتکب علیه أهل العرف.

3 ـ هناک بعض الروایات الدالّة على جواز بیع ثوب الکعبة وشرائه والنهی عن اتّخاذه کفناً مثل:

الأوّل: ما رواه مروان بن عبدالملک قال: سألت أبا الحسن(علیه السلام) عن رجل اشترى من کسوة الکعبة شیئاً فقضى ببعض حاجته وبقى بعضه فی یده هل یصلح بیعه؟ قال: «یبیع ما أراد ویهب ما لم یرده، ویستنفع به ویطلب برکته» قلت: أیکفّن به المیّت؟ قال: «لا»(1).

الثّانی: ما رواه الحسین بن عمارة عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: سألته عن رجل اشترى من کسوة البیت شیئاً هل یکفّن به المیّت؟ قال: «لا»(2).

الثّالث: ما رواه عبدالملک بن عتبة الهاشمی قال: سألت أبا الحسن موسى(علیه السلام)عن رجل اشترى من کسوة البیت شیئاً هل یکفّن فیه المیّت؟ قال: «لا»(3).

وکیف یباع ثوب الکعبة لو لم یکن هناک ملک، فانّه لا بیع إلاّ فی ملک.

والظاهر أنّ المالک هنا هو نفس الکعبة، لا المسلمون، بل الکعبة أیضاً لیست هی البنیان بعینه، بل العنوان الجامع حتّى إذا جدّد البناء ببعض العلل کان أیضاً مالکاً.

الرّابع: أضف إلى ذلک کلّه إرتکاز العقلاء من أمر الملک، فانّه لیس أمراً مخترعاً للشرع، بل مأخوذاً من بناء العقلاء، ونراهم یعتبرون قسمین من المالک: «الشخص الحقیقی» و «الشخص الحقوقی» فیعتبرون مؤسسة أو مشروعاً من المشاریع عنواناً صالحاً لأن یکون مالکاً من دون أن یملک الأشخاص الموجودون شیئاً وإنّما هم بالنسبة إلیه کالمتولّی للموقوفة.

إن قلت: هذا أمر مستحدث لم یمضه الشارع.

قلنا: إذا أمضى الشارع العقود کلّها بعنوان قضیة حقیقیة أمضى ما تبتنی علیه هذه العقود بالملازمة، فکما تشمل أدلّة صلاة القصر الأسفار الفضائیة وشبهها مع أنّها مصادیق مستحدثة لم تکن من قبل، فکذلک هذه الأفراد من الملکیة، بل الإنصاف أنّها لیست مستحدثة لوجود مصادیق لها من قبل کما مرّت الإشارة إلیها.

الخامس: ملکیة الإمام (علیه آلاف الثناء والتحیّة) بالنسبة إلى سهمه المبارک، بل وبالنسبة إلى الأنفال أیضاً، لیس من قبیل ملک الشخص، بل من قبیل ملک الجهة، أعنی أنّه مالک لهذه الأموال بعنوان «الإمامة».

والشاهد على ذلک مضافاً إلى أنّ هذه الأموال العظیمة الشاملة لخمس جمیع الغنائم بمعناها الوسیع فی جمیع أقطار العالم، وبجمیع الأنفال مع عدم حاجته(علیه السلام)إلیها فی حیاته الشخصیة، بل بما أنّه إمام المسلمین وحافظ لکیانهم ومنافعهم وجامع لشملهم وسبب لشوکتهم وقدرتهم على الأعداء، ما ورد فی أبواب الأنفال عن أبی علی بن راشد قال: قلت لأبی الحسن الثالث(علیه السلام) (الإمام الهادی) انّا نؤتى بالشیء فیقال: هذا کان لأبی جعفر(علیه السلام)(الجواد) عندنا فکیف نصنع؟ فقال: «ما کان لأبى(علیه السلام) بسبب الإمامة فهو لى وما کان غیر ذلک فهو میراث على کتاب الله وسنّة نبیّه»(4).

وأبو علی بن راشد واسمه الحسن وان لم یصرّح بعضهم فی الرجال بوثاقته بل بمدحه، ولکن کونه من وکلائهم من أقوى الأدلّة على وثاقته کما ذکره المامقانی فی رجاله، فتدبّر.

مضافاً إلى أنّه قد صرّح الشیخ فی رجاله بوثاقته (ذکره فی معجم رجال الحدیث)(5).

ولکن طریق «الفقیه» إلى الحسن بن راشد لا یخلو من ضعف، کما فی جامع الرواة(6).

وأمّا دلالته على ما نحن بصدده فظاهرة، حیث فرّق بین أمواله الشخصیة التی تورث على ما فرضه الله، وأمواله(علیه السلام) بعنوان الإمامة.

السّادس: بل الظاهر أنّ ملکیة الأراضی الخراجیة من قبیل ملک «الجهة» فراجع ما ورد فی الباب 71 من أبواب جهاد العدو وإلیک بعض منها:

ما رواه أبو بردة بن رجا قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) کیف ترى فی شراء أرض الخراج؟ قال: «ومن یبیع ذلک هى أرض المسلمین؟» قال قلت: یبیعها الذی هی فی یده، قال: «یصنع بخراج المسلمین ماذا؟» ثمّ قال: «لا بأس اشترى حقّه منها ویحول حقّ المسلمین علیه ولعلّه یکون أقوى علیها وأملى بخراجهم منه»(7).

وهذه الروایة تشهد لما ذکر، فانّه لو کانت الأرض بأشخاصهم کانت موروثة على کتاب الله وسنّة نبیّه، ولیس کذلک قطعاً، بل کلّ إنسان إذا کان مصداقاً لعنوان المسلم کان مالکاً لها وإذا زال هذا العنوان أو مات المعنون به زال ملکه، وهذا هو المراد بملک الجهة، أو أحد معانیه، فتدبّر جیّداً.

فتلخّص ممّا ذکرنا أنّ صاحب الملک على أقسام:

تارةً یکون إنساناً ویکون المالک شخصاً حقیقیاً.

واُخرى: یکون عیناً خارجیاً مثل الکعبة والمسجد وغیرهما.

وثالثة عنواناً منطبقاً على أشخاص حقیقیین، فالمالک هو الإنسان، لکن لا بشخصه بل بعنوان الخاص أو العام.

ورابعة یکون مجرّد أمر إعتباری وعنوان ذهنی، مثل ما تداول فی أیّامنا من المالکین الحقوقیین لا الحقیقیین، کالمشارع والمؤسسات المعمولة للنشر والتبلیغ، والاقراض، وغیرها، فالمالک هنا لیس إلاّ الأمر الإعتباری.

والظاهر أنّ الثلاثة الاُولى ممّا لا ینبغی الإشکال فیها وان کان هناک إشکال ففی الأخیر، ولکنّه أیضاً صحیح قطعاً، وله نظائر کثیرة فی الشرع والعرف.

وأمّا الحکومة فالظاهر أنّها من قبیل القسم الثالث، ویحتمل کونها من القسم الرابع، وان کان الثالث أظهر.

کما أنّه یمکن کون أموالها أموالا للشعب ورجال الحکومة نائبون عنهم، أو انّهم أولیاء منصوبون من قبل الله واُمناؤه على عباده کما فی إعتقادنا فی حکومة النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) والأئمّة الهادین(علیهم السلام).

وعلى کلّ حال لا ینبغی الإشکال فی أصل مالکیة الحکومة، وإنکارها فی عصرنا أشبه شیء بإنکار بعض الاُمور البدیهیة وان ذکر فی تصویرها أنحاء مختلفة.

هذا وقد یقال: إنّ مالکیة الجهة وان کانت أمراً مفروغاً عنها وکذلک مالکیة الحکومة، ولکن ذلک إنّما یصحّ إذا کانت الحکومة صالحة مؤمنة مشروعة کحکومة رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)وأوصیائه المرضیین(علیهم السلام) أمّا إذا کانت ظالمة غاشمة فقد أسقط الشارع إعتبارها وأبطل مشروعیتها، ومع ذلک کیف تملک شیئاً بعد بطلان إعتبارها؟

ولکن نقول: الحکومة وان کانت أمراً إعتباریاً، ولکنّها ناشئة عن مبادىء تکوینیة خارجیة عینیة، وهی السلطة على المجتمع وتکلّمها باسم الشعب والمجتمع، وهذا المعنى حاصل فی الحکومة الصالحة والظالمة ولیس أمراً یمکن إنکاره، فالحکومة بهذا الإعتبار أمر واقعی، وعنوانها وان کان أمراً إعتباریاً ولکن مبادئه تکوینیة خارجیة.

وهذا من قبیل عنوان الطلاب أو الحجّاج إذا وقف علیهم شیء وجعل ملکاً محبوساً.

نعم، الشارع المقدّس حرّم الحکومة الجائرة ولم یر لها رخصة فی التسلّط على الناس، وأمّا لو تسلّطت علیهم حکومة ظالمة وکسبت أموالا من طریق التجارات والصناعات وسائر الطرق المشروعة، فلا دلیل على عدم ملکیتها.

وإن شئت قلت: القدر المسلّم هو تحریم الحکم على الناس بغیر إذن من الشارع وعدم إمضاء تصرّفات هذه الحکومة من هذه الجهة، أمّا کونها شخصاً حقوقیاً تملّک أشیاء إذا حصلت علیها من طرق مشروعة، فلم یدلّ علیه دلیل بعد قضاء العرف والعقلاء بمصداقه الخارجی وإعتباره الناشیء عن مبادىء تکوینیة.


1. وسائل الشیعة، ج 2، ص 752، الباب 22، من أبواب التکفین، الأحادیث 1 و2 و3.
2. المصدر السابق.
3. المصدر السابق.
4. وسائل الشیعة، ج 6، ص 374، الباب 2، من أبواب الأنفال، ح 6.
5. معجم رجال الحدیث، ج 4، ص 320.
6. جامع الرواة، ج 1، ص 197.
7. وسائل الشیعة، ج 11، ص 118، الباب 71، من أبواب جهاد العدو، ح 1.

 

بقی هنا اُمورالمقام الثّانی: منابع أموال الحکومة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma