التاسع ـ بیع ما لا منفعة فیه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة(کتاب التجارة)
بقى هنا اُموربقی هنا اُمور

ومن المکاسب المحرّمة «بیع ما لا منفعة فیه مقصودة محلّلة»، والمراد من الحرمة هنا الفساد قطعاً، بل هذا الشرط بشرائط صحّة البیع أشبه من المکاسب المحرّمة کما ذکره بعض الأعلام.

وقد ادّعى الإجماع على فساد «بیع ما لا نفع فیه منفعة محلّلة مقصودة» وعن جمع من فقهاء العامّة کذلک، ومثّلوا لها بالحشرات والعقارب وکثیر من حیوان الوحش(1).

ولکن جوّز بعض العامّة جواز بیعها إذا کان ینتفع بها، فإن کان مراده منفعة عامّة فلا کلام، وإن کان منفعة نادرة کان من الأقوال المخالفة، وقد ذهب بعض أعلام العصر أیضاً إلى جواز ذلک.

والعمدة ملاحظة الدلیل هنا، فنقول (ومنه جلّ وعلا التوفیق والهدایة): غایة ما یمکن الإستدلال له اُمور:

1 ـ الإجماع، وقد إعتمد علیه شیخنا الأنصاری(قدس سره) فی بعض کلماته.

ومن المعلوم أنّ الإجماع لا یمکن الإعتماد علیه فی أمثال المقام ممّا احتفّ باُمور یمکن إعتماد المجمعین علیها.

2 ـ عدم کونها مالا، فلا یجوز المعاوضة علیها ـ توضیحه: إنّ حقیقة المالیة هی کون الشیء بحیث یبذل بازائه أشیاء اُخر یعتدّ بها.

والأصل فی ذلک أنّ الأشیاء الموجودة فی عالم الطبیعة، قد لا ینتفع منها الإنسان بمنفعة أبداً، أو تکون منافعها قلیلة نادرة لا یتوجّه إلیها عامّة الناس، وقد یتوجّه إلیها، وعلى الثانی تارةً یوجد منها کمیّة کبیرة کالماء على الشاطیء، واُخرى لیست کذلک، وفی الصورة الثانیة ینتزع منها عنوان المالیة، لأنّ سائر الناس یبذلون بازائها مالا لینتفعوا بها، ومن هنا نشأت المالیة فی المجتمع الإنسانی، ومن بعدها الملکیة، ومن الواضح أنّ النفع النادر لا یکون معیاراً للحکم عندهم فی هذه المقامات.

والشاهد علیه أنّه إذا أتلفه إنسان لا یرونه ضامناً لشیء من المال وان کان محلّ رغبته بشخصه، ویحتاج إلیه لبعض مقاصده ویبذل بعض أمواله لیتسلّط علیه ویکون تحت یده.

وکذلک لا یعدّ عندهم غنیّاً بذلک، ولا یحسب فی الإرث، نعم لو کان له حقّ الإختصاص بحسب ملاکات عقلائیة جرى علیه حکمه. ومن العجب إنکار هذه الاُمور من ناحیة بعضهم مع أنّها من الواضحات، فالماء على الشاطیء والحصاة فی الوادی لیست مالا وإن تعلّق بعض الناس بشیء منها بالخصوص. ثمّ إنّ المعاوضات ـ لا عنوان البیع فقط ـ تدور مدار المالیة، وبدونها لا تعدّ القوانین العقلائیة لها معنىً، فلا تدور مالیة الماء على طریقة العقلاء مدار رغبات الأشخاص والآحاد، بل المدار فی الجمیع هو علاقة النوع، فقد تکون رغبة شخص فی شیء خاص أکثر من غیره بمراتب، بینما لا یکون عند سائر الناس کذلک، وأحکام الضمانات وسهام الإرث وغیرها کلّها تدور على هذا المدار لا ذاک.

وحینئذ لا یبقى مجال بأن یقال: إنّ عدم شمول عنوان البیع له لا یمنع إندراجه تحت عنوان مطلق المعاوضة عن تراض، کما أنّ المراجعة إلى أهل اللغة فی إثبات عدم لزوم عنوان المال فی البیع لا طائل تحته.

أمّا أوّلا: فلأنّ فهم معنى البیع أظهر من أن یحتاج إلى مراجعة اللغویین، فهو لفظ لا یزال یدور على ألسنتنا، أو ألسنة أهل اللغة وکتبهم التی بأیدینا لیلا ونهاراً، ولا شکّ أنّه لا معنى للبیع إذا لم یکن هناک مال.

وأمّا ثانیاً: فلأنّ عنوان المعاوضة أیضاً کذلک لا معنى له بدون عنوان المال، ولا یرى العقلاء قیمة لمعاوضة شخصیة تدور مدار رغبات نادرة خاصّة، ولذا لا یرون له ضمان، ولا إندراج فی الإرث من حیث القیمة کما عرفت آنفاً.

وقد جعل بعض الأعلام فی مکاسبه المدار على «العرض» و «الطلب» حتّى لو نشأ عن عوامل سیاسیة، ولکنّه غفل عن أنّه تابع للطلب النوعی لا الشخصی، کما فی المنافع النادرة.

نعم لا یعدّ بذل المال فی مقابل هذه الاُمور من قبیل السفاهة إذا کان هناک غرض شخصی قائم به، کما إذا کانت هناک قطعة ثوب خلق بقیت من أجداده، فالبیع وأشباهه یدور مدار المالیة بحسب العرف والعقلاء الذی أمضاه الشرع، وأمّا السفاهة وشبهها فتدور مدار الأغراض الشخصیة.

والفرق بینهما أنّ الأوّل من الإعتبارات العقلائیة التی تدور مدار النوع عندهم، والثانی أمر تکوینی أو شبه تکوینی یدور مدار رغبات الأشخاص، فمن إحتاج إلى حشرة خاصّة مثلا لنجاة مریضه من الموت فبذل بأزائها آلافاً لا یعدّ سفیهاً، ولکن لیس لبیعه هذا قیمة عند العقلاء إذا لم تکن تلک المنفعة غالبة، کما أنّه لا یعدّ مالا، ولو أتلفه متلف لا یضمنه، وإن أثم بفعله ذلک، وأضرّ بأخیه، ومنعه من حقّ إختصاصه به، فما یظهر من بعض الأعلام فی مکاسبه من دوران الأمر مدار خروج المعاملة عن السفه کما ترى.

3 ـ أنّه من قبیل أکل المال بالباطل، وأی باطل عند أهل العرف أوضح من هذا.

ولکن قد یورد علیه بأنّ الآیة الشریفة ناظرة إلى أسباب الملک، لا شرائط العوضین. وبعبارة اُخرى: أنّها ناظرة إلى ما کان من قبیل رضى المتعاملین فی مقابل القهر والغصب والرشوة والغشّ وغیرها من طرق السیطرة على مال الغیر بالباطل، ویؤیّده قوله تعالى: (وَلاَ تَأْکُلُوا أَمْوَالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُکَّامِ لِتَأْکُلُوا فَرِیقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالاِْثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(1) لمکان «الباء» فی قوله «بالباطل».

وفیه: إنّ کون هذه الاُمور من الباطل ممّا لا ریب فیه، ولکن لا دلیل هنا على الحصر فیها، وآیة سورة البقرة لا تنفی ما سواها، وکون الباء للسببیة أیضاً غیر مانع من العموم، فمن أکل مال الغیر فی مقابل الخمر وآلات القمار فقد أکل بسبب باطل، وکذلک فی مقابل الحشرات والأشیاء التی لا مالیة لها عند العقلاء، فتأمّل.

وبالجملة المسألة عقلائیة قبل أن تکون شرعیة، وإنّما أمضاها الشرع، وحیث أنّها باطلة عند العقلاء من أهل العرف، فهی باطلة شرعاً ومنهی عنها.


1. والمناقشة فی بعض الأمثلة لیس من دأب أهل العلم بعد کون المراد معلوماً.
2. سورة البقرة: الآیة 188.
بقى هنا اُموربقی هنا اُمور
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma