بقی هنا اُمور

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة(کتاب التجارة)
المسألة الثالثة: فی حکم ما یأخذه السلطان من الخراج والزکاة والمقاسمةالمقام الأوّل: مالکیة الحکومة

الأمر الأوّل: هل هذا الحکم أعنی المعاملة مع السلطان الجائر معاملة العادل وإعطائه الخراج والزکوات وغیرها إلیه وإبراء الذمّة بذلک مشروط بحال «التقیّة» و «الضرورة»، أو أنّه مطلق، فیجب دفعه إلیه وان قدر على منعه منه بغیر محذور؟

وبعبارة اُخرى: إنّ الشارع أمضى سلطنة الجائر على هذه الاُمور بحیث لا یجوز منعه منها. ویحرم خیانته وما أشبه ذلک، لبعض المصالح المتعلّقة بالإسلام والمسلمین، ولو من جهة حفظ النظام قبل قیام الحکومة الحقّة الإلهیة، أو أنّه لم یمضها کذلک، بل یکون الدفع إلیه من جهة ضرورة الدافع لا ضرورة المجتمع الإسلامی؟

نسب القول الأوّل فیما یظهر عن الحدائق إلى جماعة من الأصحاب(1).

وقد یظهر من بعض عباراتهم ذلک فی بدو النظر، مثل ما عن المحقّق الکرکی(رحمه الله)فی رسالته: «ما زلنا نسمع من کثیر ممّن عاصرناهم ولا سیّما الشیخ الأعظم الشیخ علی بن هلال(رحمه الله) أنّه لا یجوز لمن علیه الخراج سرقته ولا جحوده ولا منعه ولا شیء منه لأنّ ذلک حقّ واجب علیه»(2).

بل قد یستظهر إجماع الأصحاب على ذلک، ولکن لا یبعد أن یکون مرادهم ما أفاده شیخنا الأعظم(قدس سره) فی مکاسبه من أنّه ناظر إلى المنع والإنکار المطلق، لا منعه من الجائر وإعطائه إلى الحاکم الشرعی أو نائبه إذا لم یکن فیه محذور، ولذا إختار هو جواز المنع فی هذه الصورة(3) وکذلک صاحب الحدائق فی ذیل کلامه فی المسألة(4).

وعلى کلّ حال یمکن أن یستدلّ على هذا القول بأمرین:

«أحدهما» مقتضى القاعدة، لأنّ الأصل عدم جواز إعطائه إلى غیر أهله، والقدر المتیقّن من الأدلّة المجوّزة هو ما إذا کان مجبر على ذلک، أمّا إذا کان مختاراً فیه، فیشکل إستفادته من الأدلّة، فهی منصرفة من هذه الصورة لا أقل.

«ثانیهما» بعض الأدلّة الخاصّة مثل ما یلی:

1 ـ ما رواه عیص بن قاسم عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی الزکاة قال: «ما أخذوا منکم بنو اُمیّة فاحتسبوا به، ولا تعطوهم شیئاً ما إستطعتم، فانّ المال لا یبقى على هذا أن یزکّیه مرّتین»(5).

ولکنّه فی خصوص باب الزکاة، اللهمّ إلاّ أن تلغى الخصوصیة بقرینة التعلیل.

2 ـ ما رواه علی بن یقطین قال: قلت لأبی الحسن(علیه السلام): ما تقول فی أعمال هؤلاء؟ قال: «إن کنت لابدّ فاعلا فاتّق أموال الشیعة»، قال: فأخبرنی على أنّه کان یجیبها من الشیعة علانیة ویردّها علیهم فی السرّ(6).

ولکن لا یعلم أنّ المراد منه الأموال المغصوبة أو الخراج وأمثاله.

3 ـ ما رواه زرارة قال اشترى ضریس بن عبدالملک وأخوه من هبیرة ارزاً بثلاثمائة الف، قال: فقلت له ویلک: أو ویحک انظر إلى خمس هذا المال فابعث به إلیه واحتبس الباقی فأبى علیّ، قال: فأدّی المال وقدّم هؤلاء، فذهب أمر بنی اُمیّة، قال: فقلت ذلک لأبی عبدالله(علیه السلام)فقال مبادراً للجواب: «هو له» فقلت له: إنّه قد أدّاها فعضّ على اصبعه(7).

ولکن لم یثبت کونه من الخراج، فلعلّه من باب أخذ مال الغاصب وردّ الخمس إلیهم، ویؤیّده ذیله «هو له» وتوجیه الخمس بکونه مشتملا على الحرام کما فعله شیخنا الأعظم(قدس سره)(8) وان کان ممکناً إلاّ أنّ قوله «هو له» لا یمکن توجیهه على هذا المبنى.

4 ـ ما رواه سلیمان بن خالد قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: إنّ أصحاب أبی أتوه فسألوه عمّا یأخذ السلطان فرّق لهم، وأنّه لیعلم أنّ الزکاة لا تحلّ إلاّ لأهلها، فأمرهم أن یحتسبوا به، فجال فکری والله لهم، فقلت «له» یاأبه! انّهم إن سمعوا إذا لم یزکّ أحد فقال: «یابنى حقّ أحبّ الله أن یظهره»(9).

فانّ ظاهره صورة الإجبار، نعم هو أیضاً مختصّ بالزکاة والغاء الخصوصیة ممکن فتأمّل.

5 ـ ما رواه أبو اُسامة قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام): جعلت فداک إنّ هؤلاء المصدّقین یأتوننا ویأخذون منّا الصدقة فنعطیهم إیّاها أتجزی عنّا؟ قال: «لا إنّما هؤلاء قوم غصبوکم أو قال ظلموکم أموالکم وإنّما الصدقة لأهلها»(10).

وظاهرها عدم الجواز مطلقاً، ووجه الجمع بینها وبین غیرها هو التفصیل بین صورتی الإختیار والإکراه.

6 ـ ما رواه البختری عن جعفر عن أبیه أنّ علی(علیه السلام) کان یقول: «اعتد فى زکاتک بما أخذ العشّار منک واحفظها عنه ما إستطعت»(11).

وهو صریح فی حکم الزکاة لا غیر إلاّ على ما عرفت من الغاء الخصوصیة.

ویمکن هنا القول بالتفصیل بینما إذا توقّف حفظ نظام المسلمین ولو ببعض مراتبه على وجود بیت مال یصرف فی هذا الأمر إجمالا، وما إذا کان لهذا الظالم بدل مثله أو أحسن منه، ولا یحتاج إلى هذا. ویشیر إلیه بعض الإشارة الحدیث 2/20 من أبواب المستحقّین للزکاة فراجع(12).

ثمّ أنّه هل یجب إستئذان الحاکم الشرعی عند إمکانه؟ ظاهر إطلاق الأخبار عدمه وان کان هو الأحوط.

الأمر الثّانی: الأراضی التی یأخذ السلطان الجائر الخراج عنها على أقسام:

تارةً تکون من الأراضی الخراجیة واقعاً، واُخرى من الأنفال، وثالثة من الأراضی المغصوبة المعلوم مالکها، ورابعة من المجهول مالکها.

فهل جمیع ذلک داخل فی محلّ الکلام فیجوز إجراء المعاملات على الجمیع، أم لا؟

ظاهر بعض الأدلّة کظاهر کلمات بعض الأعلام الإطلاق، ولکن الإنصاف إنصراف الجمیع إلى الأراضی الخراجیة الواقعیة، لما عرفت من أنّه من قبیل التصرّفات الفضولی التی أجازها من بیده الأمر، فانّ مصالح المسلمین قد تقضی امضاء تصرّفات الجائر فیما لیس له أهل.

وبالجملة ماهیة الحکم هنا ماهیة الإجازة، والتنفیذ فی حکومة الجور فی مصالح المسلمین، ولا أقل من الشکّ، فهذا هو القدر المتیقّن، وغیره لا دلیل علیه.

ویدلّ على ذلک مضافاً إلى ما عرفت:

1 ـ ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسى فی نوادره عن أبیه قال: سئل أبو عبدالله(علیه السلام) عن شراء الخیانة والسرقة. قال: «إذا عرفت ذلک فلا تشتر إلاّ من العمّال»(13).

وهی دلیل على عدم جواز المعاملة مع المغصوب معاملة الحلال.

نعم، فی بعض أحادیث هذا الباب ما یدلّ على خلافه، مثل ما رواه محمّد بن أبی حمزة عن رجل قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) أشتری الطعام فیجیء من یتظلّم ویقول ظلمنی. فقال: «اشتره»(14).

ویمکن الجمع بینهما بحمل الثانیة على صورة عدم العلم الإجمالی بأنّ ما یأخذه نفس الحرام.

نعم قد مرّ فی موثّقة إسماعیل بن الفضل الهاشمی ما یدلّ على أخذهم الخراج من الأنفال أو المباحات الأصلیة، وإلیک نصّها. ما رواه إسماعیل بن الفضل الهاشمی عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی الرجل یتقبّل بجزیة رؤوس الرجال وبخراج النخل والآجام والطیر وهو لا یدری لعلّه لا یکون من هذا شیء أبداً أو یکون، أیشتریه؟ وفی أی زمان یشتریه ویتقبّل منه؟ قال: «إذا علمت انّ من ذلک شیئاً واحداً أنّه قد أدرک فاشتره وتقبّل به منه»(15) و(16).

ویمکن إلحاقها بالأراضی الخراجیة، لأنّها أیضاً منوطة بإذن الإمام(علیه السلام) دون المغصوبة، ولکن الأمر فی المباحات (مثل الطیر فی الهواء) لیس کذلک فلابدّ من توجیهه أو ردّ علمه إلى أهله.

ولم تحرّر هذه المسألة فی کلماتهم حقّ التحریر، والأقوى ما عرفت والله العالم.

الأمر الثّالث: هل الحکم مختصّ بالسلطان بمعناه المعروف الذی یطلب الرئاسة على الناس بعنوان الخلافة عنه(صلى الله علیه وآله وسلم)، أو لا بعنوان الخلافة، أو یشمل کلّ متسلّط على منطقة ولو على قریة أو بلد أو صقع کما کان کذلک فی الخارجین على الخلفاء فی السابق وکذلک الآن.

والحاصل إنّ المدّعی للرئاسة على أقسام ثلاثة: مدّعی الخلافة، ومدّعی السلطنة والمتسلّط على الأرض، وهل الحکم مختصّ بالمخالف المعتقد لإباحة أخذ الخراج له، أو یشمل الکافر، أو المؤمن غیر المعتقد لذلک؟

والمسألة غیر منقّحة فی کلماتهم أیضاً، ولکن لا شکّ أنّ مقتضى القاعدة الإقتصار على القدر المتیقّن، لأنّ الأصل هنا عدم جواز الخراج وشبهه لغیر أهله، خرجنا منه فی القدر المعلوم، فیبقى الباقی، ولکن لا یبعد شمول الأدلّة العامّة والخاصّة السابقة لجمیع ما ذکر.

أمّا الدلیل العام وهو العسر والحرج، فانّه حاصل کما لا یخفى، وما أفاده العلاّمة الأنصاری(قدس سره) من أنّ الحرج حاصل على کلّ حال، لإشتمال أموالهم على المحرّمات غیر الخراج(17) فیمکن الجواب عنه بأنّ جمیع أموال الجائر لیست محلا للإبتلاء حتّى یکون وجود الحرام فیها مانعاً.

وأمّا الأدلّة الخاصّة، فبعضها مطلق یشمل الجمیع مثل:

1 ـ ما رواه أبو بصیر ومحمّد بن مسلم جمیعاً عن أبی جعفر(علیه السلام) إنّهما قالا له: هذه الأرض التی یزارع أهلها ما ترى فیها؟ فقال: «کلّ أرض دفعها إلیک السلطان فما حرثته فیها فعلیک ممّا أخرج الله منها الذى قاطعک علیه ولیس على جمیع ما أخرجه الله منها العشر إنّما علیک العشر فیما یحصل فى یدک بعد مقاسمته لک»(18).

2 ـ وما رواه عبیدالله الحلبی عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «تقبّل الثمار إذا تبیّن لک بعض حملها سنة، وإن شئت أکثر، وان لم تبیّن لک ثمرها فلا تستأجر»(19).

3 ـ وما رواه إبراهیم بن میمون قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن قریة لاُناس من أهل الذمّة لا أدری أصلها لهم أم لا، غیر أنّها فی أیدیهم وعلیها خراج، فاعتدى علیهم السلطان، فطلبوا إلیّ فأعطونی أرضهم وقریتهم على أن أکفیهم السلطان بما قلّ أو کثر، ففضل لی بعد ذلک فضل بعد ما قبض السلطان ما قبض، قال: «لا بأس بذلک، لک ما کان من فضل»(20).

4 ـ وما رواه أبو الربیع قال قال أبو عبدالله(علیه السلام): فی الرجل یأتی أهل قریة وقد اعتدى علیهم السلطان، فضعفوا عن القیام بخراجها والقریة فی أیدیهم ولا یدری هی لهم أم لغیرهم فیها شیء فیدفعونها إلیه على أن یؤدّی خراجها فیأخذها منهم، ویؤدّی خراجها ویفضل بعد ذلک شیء کثیر، فقال: «لا بأس بذلک إذا کان الشرط علیهم بذلک»(21).

5 ـ وما رواه داود بن سرحان عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی الرجل تکون له الأرض علیها خراج معلوم وربّما زاد وربّما نقص فیدفعها إلى رجل على أن یکفیه خراجها ویعطیه مائتی درهم فی السنة، قال: «لا بأس»(22).

إلى غیر ذلک من الروایات.

وعمومیتها بالنسبة إلى المقام الأوّل لو کان محلا للإشکال، فلا أقل أنّها لم تکن محلا للإشکال بالنسبة إلى المقام الثانی، لا سیّما مع ما یحکى عن «هارون» و «المأمون» لإعتقادهما بأنّ الإمامین الهمامین الکاظم والرض(علیهما السلام) أحقّ بهذا الأمر منهما وکونهما ظالمین وغاصبین، ولکن الملک عقیم!

هذا مضافاً إلى ما عرفت سابقاً من أنّ الظاهر کون المقام من باب الفضولی مع لحوق إجازة من بیده الأمر، وحینئذ لا یبقى فرق بین هذه المقامات، وغایة ما یمکن أن یقال إنّ الأحوط کسب إجازة الحاکم الشرعی بالنسبة إلى هذه المقامات أیضاً.

نعم، کلمات بعض الأصحاب ظاهرة فی خصوص المخالف المعتقد لإستحقاق الأخذ.

مثل ما عن العلاّمة(رحمه الله) فی المنتهى من قوله «ما یأخذه الجائر لشبهة المقاسمة أو الزکاة»(23) أو تفسیر بعضهم الجائر بالمخالف کما فی إیضاح النافع أو غیر ذلک، ولکن هذه التعبیرات لا تکون إجماعاً، بل ولا شهرة، ولا یمکن الرکون إلیها بعد وضوح الأدلّة فی المقام وشمولها أو شمول بعضها، هذا مضافاً إلى الإشکال فی صغرى البحث، فانّ الکافر أو السلطان الجائر من الشیعة قد یعتقد بأنّ هذه الأُمور من حقوق بیت المال، لابدّ من أخذها، سواء کان الآخذ الإمام الحقّ أو السلطان الجائر، کما تراهم یأخذون الحقوق من الأوقاف ویرون ذلک أمراً سائغاً لهم، بل یجعلون المشاریع العظیمة لأمر الوقف ویختارون المتولّی لأوقافهم العظیمة ویعملون کلّ ما یعمله الحاکم الشرعی، فإذا کان أمر الوقف کذلک، فأی مانع فی غیر الوقف؟

الأمر الرّابع: هل للخراج قدر معیّن لا یجوز أن یتجاوز عنه، بحیث لو تجاوز کان حراماً للآخذ ولم تجر علیه الأحکام السابقة، أو المدار على التراضی بین السلطان ومستعملی الأرض، أو یفصل بین ما إذا کان إبتداءاً، أو کان بالتراضی وما کان إستدامة، أو کان بما لا یضرّ بحال المستقبل فیه أو غیره؟ وجوه:

الظاهر أنّه لم یرد فی کلمات الأصحاب ما یدلّ على تعیین مقداره، وقد یستدلّ على الوجه الأوّل بما ورد فی مرسلة حمّاد عن بعض أصحابه عن أبی الحسن(علیه السلام)فی حدیث قال: «... والأرضون التى أخذت عنوة بخیل أو رکاب فهى موقوفة متروکة فى ید من یعمرها ویجیها ویقوم علیها، على ما صالحهم الوالى على قدر طاقتهم من الحقّ الخراج، النصف أو الثلث أو الثلثین على قدر ما یکون لهم صلاحاً ولا یضرّهم ...»(24).

والعمدة فیه أنّ هذه الأراضی ملک لعامّة المسلمین، وللوالی التصرّف فیه بما فیه مصلحتهم، فلو تجاوز عن مصالحهم فلیس تصرّفه ماضیاً، وغایة ما یستفاد من الأدلّة السابقة أنّهم(علیهم السلام) أمضوا تصرّفات ولاة الجور فیها لبعض المصالح لا مطلقاً، بل بالمقدار الذی یتصرّف فیه أئمّة العدل، وان هی إلاّ کإمضاء تصرّف غیر متولّی الوقف فی العین الموقوفة.

فبناءاً على ذلک لو قبل الأرض باُجرة أقلّ ممّا هو مصلحة المسلمین أشکل أمره، کما إذا قطعه من دون أی اُجرة کما کان متداولا بالنسبة إلى حواشیهم فی تلک الأیّام لم تحلّ له، إلاّ أن یکون الآخذ من أفراد مصارف بیت المال ومستحقّیه، فیأخذها من هذه الجهة کما لا یخفى، ولعلّه إلى ذلک یشیر ذیل مرسلة حمّاد کما لا یخفى.

فما أفاده شیخنا الأعظم(قدس سره) من «التفصیل بین الإبتداء والإستدامة بأنّ الأوّل یکفی فیه ما تراضى فیه الطرفان قلیلا أو کثیراً، والثانی ما لا یکون مجحفاً»(25) لا یخلو عن نظر، لأنّ الوالی العدل (فکیف بالجور) لیس مختاراً فی هذه الأراضی حتّى یتصرّف فیها کیف یشاء فهی کالموقوفات العامّة یکون التصرّف فیها منوطاً بشرط المصلحة ومراعاة الموقوف علیهم، ولیست هی من أملاکه الشخصیة یتصرّف فیها کیف یشاء.

الذی یظهر من بعض کلمات المحقّق الکرکی(رحمه الله) إستظهار الجواز مطلقاً من إطلاقات کلمات الأصحاب وروایات الباب، أعنی روایات حلّیة جوائز السلطان(26).

هذا ولکن الإنصاف أنّه مشکل جدّاً، أمّا بحسب القواعد فهی ظاهرة، لأنّه أخذه غیر مستحقّه، والقدر المتیقّن من الجواز إمضاء أمر الجائر بما یصحّ للعادل، ولیس له إعطائه غیر أهله أو أزید من إستحقاقه کما فی أمر عقیل وما أراده من بیت المال من أخیه أمیر المؤمنین (علیه أفضل صلوات المصلّین) ویشهد له ما رواه الحضرمی، وإستند فیها للجواز بأنّ له حقّ فی بیت المال.

وإطلاق الأخبار أیضاً محمول على ما إذا کان الآخذ مستحقّاً کما هو الغالب بالنسبة إلى الشیعة المحرومین من حقوقهم.

الأمر السّادس: ظهر ممّا ذکرنا أنّ الإقطاع بالنسبة إلى الأراضی الخراجیة غیر جائز، وهو تخصیص شخص خاصّ شیئاً من الأراضی الخراجیة، أمّا بأن یملّکه إیّاها، أو یهبه خراجها ویجعله رزقاً له، کما کان متداولا فی أعصار أئمّة الجور وخلفاء الباطل یعملون ذلک لمن إنتسب إلیهم، أو أحبّوه، أو کان شریکاً لجرائمهم، وحافظاً لسلطانهم بوجه من الوجوه، وهو المسمّى بـ «تیول» (وهی لغة ترکیة).

والوجه فی ذلک ما عرفت من أنّ الأراضی الخراجیة ملک لجمیع المسلمین الموجودین ومن سیوجد فیما بعد، موقوفة عینها، وتصرّف غلّتها فی مصالحهم، حتّى أنّ والی العدل لا یتصرّف فیها إلاّ بهذا النحو کما کان دأبهم(علیهم السلام) فی أموال بیت المال مطلقاً کما هو المشهور المعروف من فعل أمیر المؤمنین (علیه أفضل صلوات المصلّین).

وأمّا ولاة الجور فغایة ما ثبت فی حقّهم إمضاء تصرّفهم فیها (بالنسبة إلى من وصل إلیه) بما یجوز بحسب حکم الشرع فی حقّ الوالی العادل.

وإلیک بعض ما ورد فی حکم الأراضی الخراجیة ونحو ملکیتها مثل:

1 ـ ما رواه أبو بردة بن رجاء قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام): کیف ترى فی شراء أرض الخراج؟ قال: ومن یبیع ذلک؟ هی أرض المسلمین. قال: قلت: یبیعها الذی هی فی یده. قال: ویصنع بخراج المسلمین ماذا؟ ثمّ قال: «لا بأس اشترى حقّه منها، ویحول حقّ المسلمین علیه، ولعلّه یکون أقوى علیها وأملى بخراجهم منه»(27).

2 ـ وما رواه محمّد بن مسلم وعمر بن حنظلة عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سألته عن ذلک فقال: «لا بأس بشرائها فانّها إذا کانت بمنزلتها فى أیدیهم تؤدّى عنها کما یؤدّى عنها»(28).

3 ـ وما رواه حریز عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: رفع إلى أمیر المؤمنین(علیه السلام) رجل مسلم اشترى أرضاً من أراضی الخراج، فقال أمیر المؤمنین(علیه السلام): «له ما لنا وعلیه ما علینا، مسلماً کان أو کافراً، له ما لأهل الله وعلیه ما علیهم»(29).

نعم، لو کان هو من مستحقّی بیت المال، أمکن ذلک فی حقّه بمقدار ما یستحقّه، کما یدلّ علیه مضافاً إلى مقتضى القاعدة ما رواه إبراهیم بن أبی زیاد قال:

4 ـ سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الشراء من أرض الجزیة قال: فقال: «اشترها فانّ لک من الحقّ ما هو أکثر من ذلک»(30).

الأمر السّابع: مالکیة الحکومة وحدود تصرفاتها.

قبل أن نتکلّم فی الأمر التاسع والعاشر من بیان مصرف الخراج وموضوع الأراضی الخراجیة ومصداقها ومالها من الشرائط، لا بأس بأن نتکلّم فی حال مالکیة الحکومة وأموالها من دون الحقّ والجور فی أعصارنا مع قطع النظر عن الأراضی الخراجیة التی لا توجد لها الیوم مصادیق ظاهرة واضحة، أو لا یوجد منها إلاّ قلیل، فانّ ذلک أهمّ من غیره.

والکلام هنا فی مقامات:

1 ـ مالکیة الحکومة، أعنی جهتها وعنوانها لا أشخاصها.

2 ـ أموالها المشروعة وغیر المشروعة ومنابعها المالیة.

3 ـ کیفیة نفوذ تصرفاتها فی هذه الأموال.


1. الحدائق، ج 18، ص 242.
2. المکاسب المحرّمة، ص 74.
3. المصدر السابق.
4. الحدائق، ج 18، ص 259.
5. وسائل الشیعة، ج 6، ص 174، الباب 20، من أبواب المستحقّین للزکاة، ح 3.
6. المصدر السابق، ج 12، ص 140، الباب 46، من أبواب ما یکتسب به، ح 8.
7. المصدر السابق، ص 161، الباب 52، ح 2.
8. المکاسب المحرّمة، ص 74.
9. وسائل الشیعة، ج 6، ص 174، الباب 20، من أبواب المستحقّین للزکاة، ح 4.
10. وسائل الشیعة، ج 6، ص 174، الباب 20، من أبواب المستحقّین للزکاة، ح 6.
11. المصدر السابق، ص 175، ح 8.
12. وسائل الشیعة، ج 6، ص 173.
13. وسائل الشیعة، ج 12، ص 162، ح 6.
14. المصدر السابق، ص 161، ح 3.
15. وسائل الشیعة، ج 12، ص 264، الباب 12، من أبواب عقد البیع، ح 4.
16. وفی بعض طرق ح اُضیفت المضائد والسمک (ج 12، ص 264).
17. المکاسب المحرّمة، ص 72.
18. وسائل الشیعة، ج 6، ص 129، الباب 7، من أبواب زکاة الغلات، ح 1.
19. وسائل الشیعة، ج 13، ص 215، الباب 19، من أبواب أحکام المزارعة والمساقاة، ح 3.
20. وسائل الشیعة، ج 13، ص 212، الباب 17، من أبواب أحکام المزارعة والمساقاة، ح 2.
21. المصدر السابق، ح 4.
22. المصدر السابق، ص 211، ح 1.
23. المنتهى (للعلاّمة)، کتاب التجارة، ص 1027.
24. وسائل الشیعة، ج 11، ص 84، الباب 41، من أبواب جهاد العدو، ح 2.
25. المکاسب المحرّمة، ص، 76.
26. وسائل الشیعة، ج 12، الباب 51، من أبواب ما یکتسب به، ص 156.
27. وسائل الشیعة، ج 11، ص 118، الباب 71، من أبواب جهاد العدو، ح 1.
28. المصدر السابق، ص 119، ح 3.
29. المصدر السابق، ح 6.
30. وسائل الشیعة، ج 11، ص 119، الباب 71، من أبواب جهاد العدو، ح 4.

 

المسألة الثالثة: فی حکم ما یأخذه السلطان من الخراج والزکاة والمقاسمةالمقام الأوّل: مالکیة الحکومة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma