أمّا ما یندرج تحت ما عرفت من العنوان العام، أعنی قاعدة الأهمّ والمهمّ فهی کثیرة لا تحصى، ذکر منها شیخنا الأعظم عشرة:

1 ـ نصح المستشیر، بل نصح المؤمن مطلقاً، سواء إستشار أم لا.

2 ـ فی الإستفتاء إذا توقّف على ذکر الشخص.

3 ـ فی النهی عن المنکر إذا توقّف علیه.

4 ـ ردّ أهل البدع وقلع مادّة الفساد.

5 ـ جرح الشهود والرواة، فالإشکال على علم الرجال من هذه الناحیة باطل جدّاً.

6 ـ دفع الضرر عن المغتاب، کما فی قضیّة زرارة(2).

7 ـ ما کان من الصفات الممیّزة التی لا یعرف إلاّ بها، کالأحول، والأشتر.

8 ـ إذا کان القائل والسامع عالمین به.

9 ـ ردّ النسب الباطل.

10 ـ ردّ المقالة الباطلة کما فی ذکر بعض الإشکالات العلمیة(3).

ولکن الظاهر أنّ السابع والثامن خارجان عن هذا العموم، بل هما خارجان عن موضوع الغیبة، لأنّها کشف الستر عن عیب، ولیستا کذلک.

وتوجد موارد اُخرى تلحق بها، منها:

1 ـ مقام إقامة الشهادة عند القاضی فیما یتعلّق بالحدود، کالشهادة على الزنا الذی یکون أمراً خفیّاً غالباً أو دائماً، وکذا ما یتعلّق بالحقوق فیما إذا کانت خفیّة، لإستمرار السیرة، بل هو من الضروریات.

2 ـ فی مقام تعیین مراجع الدین إذا کان فی بعضهم نقص، فإنّ مصلحة هذا المقام العظیم أهمّ من کتمان العیوب، ولکن هو من مزالّ الأقدام، فلابدّ فیه من رعایة کمال الإحتیاط، فإنّه کثیراً ما تشتبه الأهواء المهلکة الشیطانیة بالواجبات الإلهیة!

3 ـ مقام نصب القضاة والولاة العدول وغیرهم، ممّن یتحکّم فی دماء المسلمین وأموالهم وفروجهم، فان ذکر عیوبهم عند ولی الأمر لازم.

4 ـ ما کان فی مقام حفظ النفوس، کما إذا علمنا أنّ فلاناً هیّأ الأسباب لقتل فلان.

5 ـ ما کان لحفظ لثروة طائلة لا یرضى الشارع بتلفها.

وبالجملة مصادیق هذه القاعدة کثیرة جدّاً، ولکن لا یمکن الحکم الکلّی فیما مرّ من الموارد الخمسة عشر بالجواز، بل اللازم فی کلّ مورد من ملاحظة هذه القاعدة، فقد یکون حفظ عرض المؤمن أهمّ من مسألة النصح مثلا إذا کان فی أمر غیر مهمّ، ومن اللازم الحذر من تسویلات إبلیس فی هذه المقامات، فإنّها من مزالّ الأقدام کما لا یخفى.

1. سورة الشورى، الآیة 41.
2. المکاسب المحرّمة، ص 45.
3. المکاسب المحرّمة، ص 44.