هل یجوز دفع السحر بالسحر، وکذا تعلّمه لذلک، أو لدفع مدّعی الإعجاز وإن کان یدفع الله کیده إذا کان منشاءاً لإغواء الناس، وقد یکون دفع کیده من هذا الطریق بإلهام منه تعالى؟
وعلى کلّ حال، یدلّ على جوازه ـ لدفع الضرر والتوقّی، أو لرفعه وحلّه، أو لردّ دعوى المتنبى ـ ما ورد فی قصّة هاروت وماروت فی القرآن من قوله تعالى (وَمَا یُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَد حَتَّى یَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَکْفُرْ )(1) والمراد من الکفر هو إستعماله فی الأضرار لا لدفع الضرر، کما هو ظاهر الآیة، وقوله تعالى أیضاً (وَیَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمْ وَلاَ یَنفَعُهُمْ)(2) فإنّه یدلّ على جواز تعلّم ما ینفع ولا یضرّ، ولا شکّ أنّ التعلّم هنا مقدّمة للعمل فإنّه لا منفعة فی مجرّد العلم فی أمثال المقام.
و یدلّ علیه ایضآ روایات کثیرة أوردناها بلفظها فی أوائل البحث(3).
نعم، یحتمل أن تکون الآیة أو غیر واحد من الروایات من أحکام الشرائع السابقة، ولکن من الواضح أنّ ذکرها بلسان القبول فی القرآن والسنّة دلیل على جریانها فی هذه الشریعة أیضاً.
وضعف اسناد هذه الروایات غیر قادح بعد تظافرها وظهور العمل بها، نعم الظاهر إختصاصها بحال الضرورة، وما أشار إلیه الجواهر ـ من عدم ورود هذا القید فی شیء من أخبار الباب(4) غیر مانع بعد الإنصراف، ومناسبة الحکم والموضوع فی هذا الباب، وإنحصار الطریق فیها، لکن القول بخروجها موضوعاً عن عنوان السحر بعد عدم قصد الإضرار مشکل لما عرفت من عدم إعتبار عنوان الإضرار فیه.