وممّا یحرم أخذ الاُجرة علیه الإفتاء، ذکره السیّد الیزدی(قدس سره) فی حاشیته على المکاسب، وإستدلّ له بقوله تعالى: (قُلْ لاَّ أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً)(1) (وقد ورد فی کلام نوح وهود وصالح ولوط وشعیب(علیهم السلام) فی سورة الشعراء: (وَمَا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْر إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِینَ)(2)) ولأنّه واجب مجانی کما یظهر من أخبار وجوب التعلیم والتعلّم.
وقد سبقه إلى ذلک صاحب الجواهر(قدس سره) حیث قال: «ویلحق بالقضاء الإفتاء فی مسائل الحلال والحرام والموضوعات الشرعیة، من غیر فرق بین الواجبة والمندوبة والمکروهة والمباحة، لما عرفته من عدم سؤال الأجر وکونه من الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر»(3).
أقول: أمّا الآیة فلعلّ فی تبلیغ الأنبیاء(علیهم السلام) خصوصیة لیست فی غیرهم والأولویة هنا ممنوعة، والثانی یختصّ ببیان الواجبات والمحرّمات.
والأولى أن یقال: إنّ الإفتاء فی جمیع الأحکام واجب کفائی، لوجوب حفظ أحکام الدین جمیعاً، ولآیة النفر(4)، وما دلّ على وجوب التعلیم، وأنّه ما أخذ على العباد أن یتعلّموا حتّى أخذ على العلماء أن یعلّموا، وغیر ذلک، فیحرم أخذ الاُجرة علیه.