لا شکّ أنّ الإغتیاب هو نوع فعل یکون فی غیبة الطرف للإنتقاص منه، وقد عرّفها الفقهاء وأرباب اللغة بتعاریف متقاربة المعنى کلّها تشیر إلى معنى واحد تقریباً:
الأوّل ـ غابه ـ عابه، وذکره بما فیه من السوء (القاموس).
وذکر ضمیر الغائب فیه إشارة إلى أنّها تقع فی غیاب الشخص.
الثّانی ـ أن یتکلّم خلف إنسان مستور بما یغمّه لو سمعه (الصحاح ومجمع البحرین).
ومن الواضح أنّه لا یخالف الأوّل غالباً، لأنّ ذکر السوء والعیب یوجب الغمّ لا محالة، وکذلک لو لم یکن مستوراً لما کان یغمّه، فتأمّل.
الثّالث ـ اغتابه إذا ذکره بما یکرهه من العیوب وهو حقّ (المصباح المنیر) وهو المعروف بین الأصحاب کما قیل.
الرّابع ـ ما عن الشهید الثانی(قدس سره) فی رسالته المعروفة فی المسألة قال: إنّ فی الإصطلاح لها تعریفین: أحدهما مشهور، وهو «ذکر الإنسان حال غیبته بما یکره نسبته إلیه ممّا یعدّ نقصاناً فی العرف بقصد الإنتقاص والذمّ».
والثانی «التنبیه على ما یکره نسبته إلیه» وهو أعمّ من الأوّل لشمول مورده اللسان والحکایة والإشارة.
الخامس ـ ذکر غیره بما یکرهه لو سمعه (وقد حکى شیخنا الأعظم العلاّمة الأنصاری(قدس سره)عن بعض أنّ الإجماع والأخبار متطابقان فیه)(1).
السادس ـ ما یظهر من غیر واحد من الأخبار مثل:
1 ـ ما رواه محمّد بن الحسن (فی المجالس والأخبار) ... عن أبی ذرّ عن النبی(صلى الله علیه وآله وسلم)فی وصیّة له ... قلت: یارسول الله وما الغیبة؟ قال: «ذکرک أخاک بما یکره ...»(2).
2 ـ وما رواه عبدالرحمن بن سیّابة عن الصادق جعفر بن محمّد(علیه السلام) قال: «إنّ من الغیبة أن تقول فى أخیک ما ستره الله علیه ...»(3).
3 ـ وما رواه عبدالله بن سنان قال: قال أبو عبدالله(علیه السلام): «الغیبة أن تقول فى أخیک ما قد ستره الله علیه ...»(4).
4 ـ وما رواه یحیى الأرزق قال: قال لی أبو الحسن(علیه السلام): «من ذکر رجلا من خلفه بما هو فیه ممّا عرفه الناس لم یغتبه ومن ذکره من خلفه بما هو فیه ممّا لا یعرفه الناس إغتابه...»(5).
5 ـ وما رواه داود بن سرحان قال سألت: أبا عبدالله(علیه السلام) عن الغیبة قال: «هو أن تقول لأخیک فى دینه ما لم یفعل وثبت (ثبث) علیه أمراً قد ستره الله علیه لم یقم علیه فیه حدّ»(6).
6 ـ وما رواه علقمة بن محمّد عن الصادق جعفر بن محمّد(علیهما السلام) ... عن آبائه عن رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) قال: «من إغتاب مؤمناً بما فیه لم یجمع الله بینهما فى الجنّة أبداً، ومن اغتاب مؤمناً بما لیس فیه فقد إنقطعت العصمة بینهما وکان المغتاب فى النار خالداً فیها وبئس المصیر»(7).