دلیل المخالف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة(کتاب التجارة)
المقام الأوّل: فی الأدلّة الدالّة على حرمة الغناءالمقام الثّانی: فی معنى الغناء وحقیقته

ثمّ إنّه لا شکّ فی أنّ الغناء کان مشتملا غالباً فی تلک الأعصار وفی کلّ عصر على محرّمات کثیرة مضافاً إلى هذا العنوان أهمّها: کون الغناء بأصوات الجواری اللاتی یحرم إستماع صوتهنّ قطعاً بهذه الکیفیة، فإذا لم یرض الشارع «خضوعهنّ فی القول» فکیف یرضى بمثل ذلک؟!

 

وکذا الضرب بآلات اللهو، وإشتمالها على وصف ما یحرم، أو یوجب الفساد فی القلوب. ودخول الرجال على النساء إلى غیر ذلک من المحرّمات.

ولا أقل أنّ هذه الأربعة ممّا کانت من المقارنات الغالبة، بل وقد تزید علیها اُمور اُخرى أحیاناً کشرب الخمور، ومزاولة الغلمان، وغیرهما، ولا یزال المترفون والجبّارون وأهل المعاصی یتعاطونها بهذه الکیفیة، فهل أنّ الحرمة ناظرة إلى هذا الفرد الشائع الغالب المقارن للمحرّمات، أو نفس عنوان الغناء مجرّداً عنها؟

ظاهر ما عرفت من الإطلاقات حرمة الغناء بعنوانه، ولو خلّی عن جمیع ما ذکر إلاّ أن یدلّ دلیل على خلافه.

وغایة ما إستدلّ به أو یمکن الإستدلال له اُمور:

الأوّل: ما ذکره فی الوافی (وقد أشرنا إلیه آنفاً) من أنّ الذی یظهر من مجموع روایات الغناء أنّها ناظرة إلى ما کان متعارفاً فی زمن بنی اُمیّة وبنی العبّاس من دخول الرجال على النساء، وتکلّمهنّ بالأباطیل، ولعبهنّ بالملاهی، وأمّا غیر ذلک فلا محذور فیه، فلا بأس بسماع الغناء بما یتضمّن ذکر الجنّة والنار والتشویق إلى دار القرار والترغیب إلى الله وإلى طاعته (انتهى ملخّصاً)(1).

هذا وقد عرفت أنّ هذا الإنصراف لا وجه له بعد أخذ هذا العنوان فی متن الأحادیث الکثیرة الظاهرة فی حرمته بنفسه.

الثانی: الروایات الکثیرة الدالّة على مدح الصوت الحسن والأمر به فی قراءة القرآن وأنّه من أجمل الجمال، وأنّه صفة الأنبیاء المرسلین وهی کثیرة منها:

1 ـ ما رواه عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قال النبی(صلى الله علیه وآله وسلم): «لکلّ شىء حلیة وحلیة القرآن الصوت الحسن»(2).

2 ـ ما روی عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «کان على بن الحسین(علیهما السلام) أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وکان السقاؤون یمرّون فیقفون ببابه یستمعون قراءته»(3).

3 ـ ما رواه أبو بصیر قال: قلت لأبی جعفر(علیه السلام): إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتی جاءنی الشیطان فقال: إنّما ترائی بهذا أهلک، والناس، فقال: «یاأبا محمّد اقرأ قراءة ما بین القراءتین تسمع أهلک ... ورجّع بالقرآن صوتک فإنّ الله عزّوجلّ یحبّ الصوت الحسن یرجّع فیه ترجیعاً»(4).

4 ـ وما رواه الحسن بن عبدالله التمیمی عن أبیه عن الرض(علیه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم): «حسّنوا القرآن بأصواتکم، فإنّ الصوت الحسن یزید القرآن حسناً»(5).

وهناک روایات اُخر رواها الکلینی فی الکافی(6).

هذا والإنصاف أنّه لا دلالة لشیء من هذه الروایات على ما نحن بصدده من مسألة الغناء، فانّ مجرّد الترجیع کما سیأتی لیس غناءاً، بل الغناء نوع صوت لهوی کما سیأتی تعریفه، والصوت الحسن أعمّ منه، وما أمر به فی القرآن لیس هو القسم اللهوی منه قطعاً، نعم لو قلنا بکون مجرّد الترجیع (وهو تردید الصوت فی الحلق) داخلا فی الغناء، کان بعض هذه دلیلا على المطلوب، ولعلّ إلى ما ذکرنا یشیر بعضها الدالّة على النهی عن «ترجیع القرآن ترجیع الغناء»، فالترجیع له نوعان، أحدهما غناء، والآخر لیس کذلک.

الثّالث: ما رواه فی قرب الاسناد عن علی بن جعفر عن أخیه(علیه السلام) قال: سألته عن الغناء هل یصلح فی الفطر والأضحى والفرح قال: «لا بأس ما لم یعص به»(7).

فلو کان المراد من «عدم العصیان به» عدم وجود محرّم آخر معه کان دلیلا، وأمّا لو کان عدم العصیان بنفس الغناء ـ أعنی الصوت ـ کان دلیلا على الخلاف، ولکن ظاهره أنّ مجرّد الغناء لیس معصیة، ولکن سند الحدیث محلّ إشکال.

وروى هذا الحدیث علی بن جعفر فی کتابه، إلاّ أنّه قال «ما لم یزمر به» وسنده أوضح

لصحّته کدلالته، لأنّ عدم التزمّر به بمعنى عدم کون المزمار معه، فهو دلیل على عدم کونه بنفسه حراماً، بل بما یقترن معه.

وأمّا ما فی مصباح الفقاهة من أنّ المراد عدم کون الصوت صوت مزماری(8) فهو یحتاج إلى تقدیر أو مجاز، وهو مخالف لظاهر الحدیث.

کما أنّ إحتمال إختصاص الحکم بمورد الروایة أبعد، لأنّ الفرح أمر عام یشمل جمیع أنواع الفرح الذی یقارنه.

الرّابع: ما رواه أبو بصیر عن أبی عبدالله(علیه السلام) بعدّة طرق، ففی طریق قال: قال(علیه السلام): «أجر المغنیة التى تزفّ العرائس لیس به بأس، ولیست بالتى یدخل علیها الرجال»(9).

ورواه فی الوسائل بطریق آخر یتّصل إلى أبی بصیر قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن کسب المغنیات، فقال: «التى یدخل علیها الرجال حرام والتى تدعى إلى الأعراس لیس به بأس »(الحدیث)(10). ودلالته أوضح من سابقه.

وقد یجاب عنهما بأنّ إستثناء زفاف العرائس لا دلالة على جواز ذلک مطلقاً، ولکن یرد علیه أنّ التعبیر فیهما إنّما هو بعنوان عامّ، بل هو شبه تعلیل فإنّ قوله(علیه السلام)فی الأوّل منهما: «ولیست بالتی یدخل علیها الرجال» فی مقام التعلیل، وأوضح منه جعله فی الروایة الثانیة فی مقابل ما یدعى إلى الأعراس فقال: «التی یدخل علیها الرجال حرام، والتی تدعى إلى الأعراس لیس به بأس وهو قول الله عزّوجلّ: ومن الناس من یشتری لهو الحدیث ...».

وحیث أنّ سند الاُولى مصحّح، فهی من حیث السند قابلة للإعتماد.

الخامس: ما رواه مرسلا فی الفقیه (محمّد بن علی بن الحسین) وقد مرّت الإشارة إلیه قال: سأل رجل علی بن الحسین(علیهما السلام) عن شراء جاریة لها صوت فقال: «ما علیک لو إشتریتها فذکّرتک الجنّة»، یعنی بقراءة القرآن والزهد والفضائل التی لیست بغناء، فأمّا الغناء فمحظور(11).

وفیه: مع ضعف السند أنّه لا دلالة له على المطلوب بعد کون الصوت الحسن عامّاً، وبعد التصریح بنفی القسم الذی یدخل فی الغناء، بل هو على خلاف المطلوب أدلّ.

السّادس: یمکن الإستدلال على المسألة بما دلّ على جواز الحِداء للإبل فإنّ الظاهر أنّه نوع غناء، بناءاً على تفسیره بالصوت المطرب، وقلنا أنّ الطرب حالة خفّة تعرض النفس لشدّة الفرح أو الحزن، فإنّه من أظهر مصادیقه حینئذ، بل لولا کونه مطرباً لما أفاد فائدة للإبل.

نعم لو قلنا هو الصوت اللهوی المناسب لمجالس أهل الفسوق لم یکن من مصادیقه، وسیأتی الکلام فیه إن شاء الله.

إلاّ أنّه لا یوجد دلیل على هذا الإستثناء فی روایاتنا المعروفة عدى ما یحکى عن طرماح بن عُدی فی مسیر الحسین(علیه السلام) إلى کربل(12) والظاهر أنّه حدیث مرسل.

نعم، فی روایات العامّة من ذلک شیء کثیر من حداء عبدالله بن رواحة عنده(صلى الله علیه وآله وسلم)وحداء غلام یقال له «انجشة» و «البرّاء بن مالک» ممّا یدلّ کلّه على الجواز(13).

السّابع: ما دلّ على جواز النیاحة لا سیّما ما رواه سماعة، قال: سألته عن کسب المغنیة والنائحة فکرهه(14).

فلو کانت الکراهة بمعناها المصطلح کما هو الظاهر هنا کان دلیلا على المطلوب، ولکن السند لا یخلو عن ضعف، هذا مضافاً إلى أنّه لو فسّر الغناء بالصوت المطرب کانت النیاحة من مصادیقه، لإشتمالها على الطرب بمعنى الحزن.

فتلخّص من جمیع ما ذکرنا أنّ هناک روایتین معتبرتین تامّتی الدلالة على مطلوب المخالف، والباقی یکون مؤیّداً لهما، ولکن هل یمکن الإعتماد علیهما مع مخالفة الأصحاب وإعراضهم عنه أو حملهما على الإستثناء فی بعض الموارد أو على التقیّة فی مقابل الروایات الکثیرة السابقة؟

وربّما کان وجه إعراضهم کونها مخالفة للإحتیاط، أو کون ما یدلّ على قول المشهور أکثر، فلا أثر لإعراضهم، والحمل على التقیّة خلاف الظاهر، فعلى هذا الجمع بینهما وبین الأحادیث المحرّمة بما سبق من المحدّث الکاشانی ممکن، ولکن لا یخلو عن إشکال، وسیأتی له مزید توضیح بعد بیان حقیقة الغناء.

ویمکن تأیید ما ذکر من الجواز إذا خلا عن المحرّمات الاُخر باُمور:

1 ـ التصریح بدخوله فی قول الزور الظاهر أنّه بیان بعض مصادیقه الواقعیة لا التعبّدیة، ولعلّه ما إشتمل على مضامین باطلة دون غیره.

2 ـ تفسیر لهو الحدیث به، وهو یدلّ على کون محتواه باطلا مضلا.

3 ـ ذکر المغنیة فی أکثر روایات الحرمة أو القینات لا المغنّی، ولا شکّ أنّ صوت المرأة مع هذا الوصف حرام بنفسه.

4 ـ ذکر بیت الغناء أو مجلس الغناء أو شبه ذلک ممّا یدلّ على أنّ المراد ما إشتمل على اُمور اُخر.

5 ـ ما ورد أنّه من اللغو أو من الباطل وإنّ الله إذا میّز بینهما (الحقّ والباطل) کان من الأوّل، فإنّه مشعر بإشتماله على أباطیل، ولکن مع ذلک العدول عمّا ذکره المشهور المؤیّد بروایات کثیرة متواترة مشکل جدّاً.

 


1. الوافی، ج 3، ص 35، (باب ما جاء فی الغناء من أبواب وجوه المکاسب).
2. وسائل الشیعة، ج 4، ص 859، الباب 24، من أبواب قراءة القرآن، ح 3.
3. وسائل الشیعة، ج 4، ص 859، الباب 24، من أبواب قراءة القرآن، ح 4.
4. المصدر السابق، ح 5.
5. المصدر السابق، ح 6.
6. اُصول الکافی، ج 2، ص 614، (باب ترتیل القرآن بالصوت الحسن).
7. وسائل الشیعة، ج 12، ص 85، الباب 15، من أبواب ما یکتسب به، ح 5.
8. مصباح الفقاهة، ج 1، ص 309.
9. وسائل الشیعة، ج 12، ص 85، الباب 15، من أبواب ما یکتسب به، ح 3.
10. المصدر السابق، ح 1.
11. المصدر السابق، الباب 16، ح 2.
12. مقتل الحسین لعبدالرزاق الموسوی المقرّم، ص 220 (وص 186 حدیثه).
13. السنن للبیهقی، ج 10، ص 227.
14. وسائل الشیعة، ج 12، ص 90، الباب 17، من أبواب ما یکتسب به، ح 8.

 

المقام الأوّل: فی الأدلّة الدالّة على حرمة الغناءالمقام الثّانی: فی معنى الغناء وحقیقته
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma