السابع: معنى الحرمة فی المکاسب المحرّمة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة(کتاب التجارة)
السّادس: أقسام ما یکتسب بهأقسام المکاسب المحرّمة

ما المراد بالحرمة فی المکاسب المحرّمة؟ هل هی حرمة تکلیفیة، أو وضعیّة، أو کلاهما؟

وهذه المسألة من الاُمور التی لابدّ بیانها قبل الورود فی مباحث المکاسب المحرّمة.

فمن باع أو اشترى خمراً فمضافاً إلى کون بیعه أو شرائه باطلا یحرم أکل ثمنه بلا إشکال، وهل یکون بیعه أیضاً حراماً تکلیفیاً نفسیاً، أم لا؟

ظاهر کلمات القوم التسالم علیه، ولعلّه من جهة ظهور النواهی الواردة فیها فی التحریم التکلیفی، أو من جهة الإجماع، وسیأتی الکلام فیه إن شاء الله.

والکلام بعد فی موضوع الحرمة، وفیه إحتمالات:

1 ـ کونه نفس الإنشاء الجدّی (فهو حرام على القول بها) کما إختاره فی المکاسب المحرّمة بعض أکابر العصر.

2 ـ النقل والإنتقال بقصد الأثر المحرّم ـ کما ذکره شیخنا العلاّمة الأنصاری(قدس سره)ـ .

3 ـ إنشاء النقل بقصد ترتّب أثر المعاملة، أعنی التسلیم والتسلّم، فلو خلا عن هذا القصد فمجرّد الإنشاء لا یتّصف بالحرمة، کما عن المحقّق الایروانی(قدس سره) فی حاشیته(2).

4 ـ إنشاؤه بقصد ترتّب إمضاء العرف والشرع علیه.

5 ـ إنشاؤه مع ترتیب آثاره علیه بالتسلیم والتسلّم.

أمّا الأوّل فحرمته بعید جدّاً إذا خلا عن قصد ترتّب الأثر، لإنصراف النصوص والفتاوى منه، اللّهمّ إلاّ أن یقال لا یکون الإنشاء جدّیاً بدون قصد ترتیب الآثار، کما ورد فی حقّ من إستدان دیناً فلم ینو قضاءه کان بمنزلة السارق، ولکنّه محل للکلام(3).

وأمّا الثانی: فقد أورد علیه فی «مصباح الفقاهة» بأنّ التقیید بذلک خلاف إطلاق أدلّة التحریم، ودعوى إنصرافها إلیه ممنوع(4).

هذا والإنصاف أنّ دعوى الإطلاق بدون أی قید بعید جدّاً عن افهام العرف، لأنّهم لا یرون لمجرّد الإنشاء المجرّد عن کلّ أثر أو قصد للأثر، قیمة.

توضیح ذلک أنّه قد یتوهّم أنّ أُسّ الأساس فی البیع هو الإنشاء والإعتبار، وإنّ النقل أو الإنتقال الخارجیین من آثاره وفروعه، وعلى هذا الأساس جعلوا البیع بالصیغة من المسلّمات، والبیع المعاطاتی محلا للکلام والإیراد، مع أنّ الناظر فیما تعارف بین العرف والعقلاء یرى أنّ الأمر بالعکس، وأنّ الأصل فی البیع هو المعاطاة، والبیع بالصیغة نشأ بعدها، ولا سیّما مع ملاحظة کیفیة بدء البیع والشراء وتاریخ تشریعهما بین العقلاء، فحقیقة البیع والشراء هو الإعطاء الخارجی بقصد النقل والإنتقال.

وأمّا الصورة الإنشائیة منه فهی فرع له نشأت فیما بعد، کما سیأتی شرحه إن شاء الله فی أبواب المعاطاة.

ویؤیّد ما ذکرنا انّ رحى المعاملات غیر الخطیرة جدّاً تدور على المعاطاة، فحینئذ یشکل فهم العموم من إطلاقات أدلّة الحرمة لمجرّد الإنشاء ولیس هذا إدّعاءً جُزافیاً کما توهّم.

وقد یورد إشکال الإطلاق بعینه على الوجوه الاُخرى، وإنّ إطلاق الأدلّة ینفی جمیع هذه القیود، ولکن الجواب ما عرفت من الإنصراف، ولکن یبقى الکلام فی أنّ أی واحد من هذه القیود یعتبر فی موضوع الحرام، بعد نفی حرمة مطلق الإنشاء.

وهذا یدور مدار مقدار إنصراف الإطلاقات، فإنّ بعض هذه القیود أخصّ من بعض، فانّ التسلیم والتسلّم لا ینفکّان عادةً عن قصد ترتیب الأثر المحرّم، کما لا ینفکّان عن قصد ترتّب أثر المعاملة أیضاً.

والإحتمال الخامس أقوى من الجمیع، وإن لم نر من صرّح به، لا سیّما بملاحظة ما ذکرنا فی حقیقة البیع عند أهل العرف.

هذا کلّه إذا قلنا بأنّ الحرمة النفسیة التکلیفیة فی المعاملات المحرّمة معلومة مقطوعة، وأمّا لو شککنا فیه، وقلنا أنّ الحرمة هنا أمر مقدّمی، ولا ظهور للأدلّة فی أزید من ذلک، فتسقط جمیع الوجوه، ویرجع الأمر إلى التحریم المقدّمی.

وتوضیح ذلک: إنّ الرّوایات الدالّة على حرمة المکاسب المحرّمة على طوائف:

الاُولى: إنّ المصرّح به فی کثیر من روایات التحریم فی المکاسب المحرّمة هو «حرمة الثمن».

مثل ما رواه عمّار بن مروان قال: سألت أبا جعفر(علیه السلام) عن الغلول فقال(علیه السلام): «کلّ شىء غلّ من الإمام فهو سحت، وأکل مال الیتیم وشبهه سحت، والسحت أنواع کثیرة منها اُجور الفواجر، وثمن الخمر، والنبیذ، والمسکر، والربا بعد البیّنة، فأمّا الرشا فى الحکم فإنّ ذلک الکفر بالله العظیم جلّ إسمه وبرسوله(صلى الله علیه وآله وسلم)»(5).

وما رواه سماعة عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «السحت أنواع کثیرة منها کسب الحجّام إذا شارط، وأجر الزانیة، وثمن الخمر ...»(6).

وما رواه السکونی عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «السحت ثمن المیتة وثمن الکلب وثمن الخمر ومهر البغى والرشوة فى الحکم وأجر الکاهن»(7).

وما رواه سماعة عن الصادق(علیه السلام) قال: «السحت أنواع کثیرة: منها کسب الحجّام وأجر الزانیة وثمن الخمر»(8).

وما رواه أبو بصیر عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی حدیث أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) قال: «ثمن الخمر ومهر البغى وثمن الکلب الذى لا یصطاد من السحت»(9).

وممّا رواه محمّد بن علی بن الحسین قال: قال(علیه السلام): «أجر الزانیة سحت وثمن الکلب الذى لیس بکلب الصید سحت، وثمن الخمر سحت، وأجر الکاهن سحت، وثمن المیتة سحت ...»(10).

وما رواه أنس بن محمّد عن أبیه جمیعاً عن جعفر بن محمّد(علیهما السلام) عن آبائه فی وصیّة النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) لعلی(علیه السلام) قال: «یاعلى من السحت ثمن المیتة، وثمن الکلب، وثمن الخمر، ومهر الزانیة، والرشوة فى الحکم، وأجر الکاهن»(11).

وما رواه عمّار بن مروان عن الصادق(علیه السلام) قال: «کلّ شىء غلّ من الإمام فهو سحت، والسحت أنواع کثیرة، منها ما اُصیب من أعمال الولاة الظلمة، ومنها اُجور القضاة واُجور الفواجر وثمن الخمر والنبیذ المسکر والربا بعد البیّنة ...»(12).

وما رواه یعقوب بن شعیب عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «ثمن العذرة من السحت»(13).

وفی حکمه روایات الربا، فانّها أیضاً تدلّ على حرمة الثمن مثل ما رواه هشام بن سالم عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «درهم ربا «عند الله» أشدّ من سبعین زنیة کلّها بذات محرم»(14).

وما رواه أبو بصیر عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «درهم ربا أشدّ عند الله من ثلاثین زنیة کلّها بذات محرم مثل العمّة والخالة»(15).

وما رواه سعید بن یسار عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «درهم واحد ربا أعظم من عشرین زنیة کلّها بذات محرم»(16).

إلى غیر ذلک ممّا ورد فی حکم بیع الکلاب المحرّمة وأنّ ثمنها سحت(17).

ومن الواضح عدم دلالة هذه الطائفة على حرمة نفس البیع تکلیفاً، وغایة ما یستفاد منها حرمة الثمن وبطلان البیع وعدم جواز ترتیب الآثار الشرعیة علیه.

الثّانیة: ما دلّ على حرمة البیع المفضی إلى تسلیم المثمن والثمن، وهی أیضاً کثیرة جدّاً.

منها ما ورد فی باب بیع السلاح لأعداء الدین فانّه أیضاً کالصریح فی ذلک، مثل ما رواه محمّد بن قیس عن الصادق(علیه السلام) قال: سألته عن الفئتین تلتقیان من أهل الباطل، أبیعهما السلاح؟ فقال: «بعهما ما یکنهما الدرع والخفّین ونحو هذا»(18).

وما رواه السرّاج عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قلت له إنّی أبیع السلاح. قال: فقال: «لا تبعه فى فتنة»(19).

وما رواه أنس بن محمّد عن أبیه عن جعفر بن محمّد عن آبائه(علیهم السلام) (فی وصیّة النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) لعلی(علیه السلام)) قال: «یاعلى کفر بالله العظیم من هذه الاُمّة عشرة: القتّات «إلى أن قال» وبائع السلاح من أهل الحرب»(20).

وظاهر جمیع ذلک حرمة البیع بما له من الآثار التی منها تسلیم المثمّن وهو السلاح لأعداء الدین.

ومنها ما دلّ على جواز بیع المشتبه بالمیتة ممّن یستحلّ المیتة دون غیره، مثل ما رواه الحلبی قال سمعت أبا عبدالله یقول: «إذا اختلط الذکى والمیتة باعه ممّن یستحلّ المیتة وأکل ثمنه»(21).

وما رواه الحلبی عن أبی عبدالله(علیه السلام) إنّه سئل عن رجل کان له غنم وبقر وکان یدرک الذکی منها فیعزله ویعزل المیتة ثمّ أنّ المیتة والذکی اختلطا کیف یصنع به؟ قال: «یبیعه ممّن یستحلّ المیتة ویأکل ثمنه فانّه لا بأس به»(22).

وما رواه حفص بن البختری عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی العجین من الماء النجس کیف یصنع به؟ قال: «یباع ممّن یستحلّ المیتة»(23).

وما رواه ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «یدفن ولا یباع»(24).

ومن الواضح أنّ هذه الطائفة أیضاً لا دلالة لها على الحرمة التکلیفیة بنفس البیع، بل الحرام البیع مع ترتیب آثاره، بل لعلّه داخل فی عنوان الإعانة على الإثم الذی هو محرّم نفسی، فالبیع مقدّمة لتسلیم المثمّن الذی یکون إعانة على الإثم.

الثّالثة: ما دلّ على المفاسد الحاصلة من المکاسب المحرّم التی هی ظاهرة فیما إذا وقع التسلیم والتسلّم، کالرّوایات الواردة فی الربا الدالّة على مفاسد جمّة فیها منها:

1 ـ ترک التجارات.

2 ـ المنع من إصطناع المعروف وترک القرض.

3 ـ فساد الأموال والأکل بالباطل.

4 ـ الظلم وغیر ذلک(25).

فإنّ ذلک أیضاً یدلّ على حرمة البیع بما له من الآثار لا مجرّد إنشائه.

وما جاء فی تحف العقول من ترتّب المفاسد على البیع الحرام(26).

وعدم دلالة هذه الطائفة على تحریم مجرّد الإنشاء أو مع القصد فقط واضح.

الرابعة: ما لیس فیها شیء من ذلک وأشباهه، بل أمر مطلق دالّ على حرمة البیع الصادق على الإنشاء بقصد الجدّ أو مع بعض ما عرفت من القیود، وذلک مثل ما ورد فی بیع بعض الأعیان النجسة کقوله(علیه السلام): حرام بیعها وثمنه(27).

ومثل النهی عن شراء المصحف فی روایة عبدالرحمن بن سیّابة عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: سمعته یقول: «إنّ المصاحف لن تشترى فإذا إشتریت فقل: إنّما أشترى منک الورق وما فیه من الأدیم ...»(28).

إلى غیر ذلک من أشباهه وهو قلیل بالنسبة إلى غیره، وکذلک مثل قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَیْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا )(29) (أی بیع الربا بجمیع أشکاله).

وهذه الطائفة هی التی یمکن الأخذ بإطلاقها والقول بحرمة مجرّد إنشاء البیع حرمة تکلیفیة، ولکن دعوى إنصراف إطلاقها إلى ما ذکر فی غیرها قریبة جدّاً، فإذاً لا یبقى دلیل على حرمة البیع تکلیفیاً نفسیاً، نعم هو حرام من باب المقدّمة بناءاً على حرمة مقدّمة الحرام مطلقاً، أو إذا کانت موصلة «فتدبّر جیّداً».


1. المکاسب المحرّمة ص 3.
2. حاشیة الأیروانی على المکاسب، ص 3.
3. وسائل الشیعة، ج 13، ص 86، الباب 5، من أبواب الدَین والقرض، ح 2.
4. مصباح الفقاهة، ج 1، ص 29.
5. وسائل الشیعة، ج 12، ص 61، الباب 5، من أبواب ما یکتسب به، ح 1.
6. المصدر السابق، ص 62، الباب 5، من أبواب ما یکتسب به، ح 2.
7. المصدر السابق، ص 62، الباب 5، من أبواب ما یکتسب به، ح 5.
8. المصدر السابق، ص 63، ح 6.
9. المصدر السابق، ص 63، ح 7.
10. المصدر السابق، ص 63، ح 8.
11. وسائل الشیعة، ج 12، ص 63، ح9.
12. المصدر السابق، ص 64، ح12.
13. المصدر السابق، ص 126، الباب 40، ح 1.
14. المصدر السابق، ص 422، الباب 1، من أبواب الربا ح 1.
15. المصدر السابق، ص 423، ح 5.
16. المصدر السابق، ص 424، ح 6.
17. المصدر السابق، ص 83، الباب 14، من أبواب ما یکتسب به.
18. المصدر السابق، ص 70، الباب 8، ح 3.
19. وسائل الشیعة، ج 12، ص 70، الباب8، ح4.
20. المصدر السابق، ص 71، الباب 8، ح 7.
21. المصدر السابق، ص 67، الباب 7، ح 1.
22. المصدر السابق، ص 68، ح 2.
23. المصدر السابق، ص 68، ح 3.
24. المصدر السابق، ح 4.
25. وسائل الشیعة، ج 12، أبواب الربا، الباب 1.
26. وسائل الشیعة، ج 12، أبواب ما یکتسب به، الباب 2.
27. المصدر السابق، ص 126، الباب 40، ح 2.
28. المصدر السابق، ص 114، الباب 31، ح 1.
29. سورة البقرة، الآیة 275.

 

السّادس: أقسام ما یکتسب بهأقسام المکاسب المحرّمة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma