الأوّل: هل یکون تعیین الفقیه لمنصب الولایة بالنصب أو الانتخاب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
حاصل ما یمکن الاعتماد علیه فی إثبات ولایة الفقیهموقف البیعة من أمر الولایة

ما هو مقتضى الأدلّة السابقة ؟ وما هو مغزاها ؟ أمّا الروایات العشر على القول بدلالتها أو دلالة بعضها لاتدلّ إلاّ على نصب الفقیه بعنوان ولی الأمر من ناحیة الإمام المعصوم (علیه السلام) أو النبی (صلى الله علیه وآله)، وهو یرجع بالمآل إلى نصبه من قِبل الله تبارک وتعالى.

 

فقوله «إنی جعلته حاکماً» الوارد فی المقبولة، أو «إنی جعلته قاضیاً»، الوارد فی المشهورة، قوله «أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلى رواة حدیثنا» أو «أن مجاری الاُمور بید العلماء» یدلّ على ثبوت هذا المنصب لهم من غیر حاجة إلى انتخاب الناس، أو بیعتهم، أو شبه ذلک، فهذا أمر ثابت لهم ثبوتاً إلهیاً کما هو ظاهر واضح، ولیس فیها من أمر الانتخاب عین ولا أثر.

 

أمّا قوله «فلیرضوا به حکماً» معناه وجوب الرضا بحکومتهم، وهو على خلاف القول بالانتخاب أدل، بل صریح فیه، لاسیّما مع تعلیله بقوله فإنی قد جعلته حاکماً، فالنصب الإلهی یفرض على الناس الرضا بحکومته.

 

وأمّا قوله «فإن کان کلّ واحد اختار رجلاً من أصحابنا» فهذا إنّما یرجع إلى قاضی التحکیم أو التوکیل فی أمر خاصّ، ولا دخل له بالانتخاب فی أمر عام، لأنه لا معنى لانتخاب کلّ إنسان من یراه صالحاً للحکومة العامّة، حتّى یکون کلّ منهم حاکماً عاماً ولو کان المنتخب (بالکسر) فرداً واحداً، وإلاّ تعددت الحکّام بعدد الخلائق!

 

وأمّا الدلیل العقلی المؤید بسیرة النبی (صلى الله علیه وآله) والولی (علیه السلام) فلا یدلّ أیضاً إلاّ على النصب من ناحیة الله سبحانه، أو النصب من جانب النّبی (صلى الله علیه وآله) والإمام المعصوم (علیه السلام).

 

أضف إلى ذلک کلّه أنه لایرى فی روایات أصحابنا وتاریخهم من أمر الانتخاب بالنسبة إلى ولایة الفقهاء عین ولا أثر، ولو کان ذلک لبان، وکم تکلموا فی الأبواب المختلفة عن ولایة الفقهاء إثباتاً ونفیاً، ولم یتفوه بالانتخاب أحد من الأعاظم وغیر ولو بشطر کلمة فی ذلک، ولم یتکلم أحد منهم إلاّ بکون ذلک نصباً إلهیاً بعنوان النیابة عنه (علیه السلام)، ولذا شاع فی کلماتهم تسمیته بنائب الغیبة، وتقسیمهم لنوابه (علیه السلام) إلى النواب الخاصّة وهم أربعة أمجاد، والنواب العامّة وهم غیرهم، ومن المعلوم أن النائب سواء کان عاماً أو خاصّاً إنّما یعینه المنوب عنه لا آحاد الناس، وقد کان للأئمّة المعصومین (علیهم السلام) وکلاء منصوبون من قبلهم فی کثیر من الأزمنة من غیر دخل للناس وکذا الحال فی وکلائهم العامّین.

 

ومن العجب، اصرار بعض على کون فعلیة الولایة للفقهاء عبر انتخاب الناس، مع أنه لم یرد فی أثر صحیح، ولا فی روایة ضعیفة، ولا فی أی تاریخ من تواریخ أصحابنا.

توضیح ذلک: إن الأمر الوحید الذی یفرق بین الشیعة وأهل السنّة فی أمر الخلافة أن الشیعة تعتقد بأن الإمام (علیه السلام) لابدّ أن یکون معصوماً منصوباً من قبل الله بید النبی (صلى الله علیه وآله) أو بتنصیص إمام قبله، وأهل السنّة معتقدون بأنه (صلى الله علیه وآله) لم ینص على أحد، وعلى الناس انتخاب الإمام والخلیفة، فهذا هو الفارق بین المذهبین، فاختیار الناس لا دخل له فی الخلافة عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) عند شیعة أهل البیت لا قلیلاً ولا کثیراً.

 

ومن عجیب الکلام (وما عشت أراک الدهر عجباً) اجتراء البعض فی زماننا بأن نصب علی (علیه السلام) بالخلافة فی الغدیر لم یکن نصباً إلهیاً، بل کان اقتراحاً من النبی (صلى الله علیه وآله) ثمّ أجابه الناس بالبیعة له (یعنی کان للناس أن لا یبایعوه) مع أن آیة التبلیغ تنادی بأعلى صوتها بأنه لم یکن لرسول الله (صلى الله علیه وآله) أیضاً خیرة فی هذا الأمر، فکیف بغیره، نعوذ بالله من سوء الفهم.

 

وبالجملة، ما ذکرناه من کون الإمام المعصوم (علیه السلام) من قبل الله من ضروریات مذهب الشیعة، وقد طفحت کتبهم فی علم الکلام والحدیث والتفسیر والتاریخ بذلک فمن أنکره أنکر ضروریاً من ضروریات هذا المذهب.

 

ثمّ یجری هذا الکلام بعینه فی ولاة الأمر من غیر المعصومین من بعدهم، فهم منصوبون من قبلهم، لا من قبل الناس، مأمورون بأمرهم، لا بأمر الناس، فالولایة إنّما هی لله ولمن جعلها له، فتعینها من العالی لا من الدانی.

 

نعم تبقى هنا مسألتان: مسألة «لزوم الفوضى ومسألة «البیعة وموقفها».

 

 

أمّا «الاُولى»: فحاصلها أنه إن جعلت الولایة للفقهاء عامّة، ولایة فعلیة، فأمّا أن یکون لکلّ واحد منهم مستقلاً بالفعل، فهذا یوجب الاختلال، والاختلاف الکثیر، لتعدد الولاة بتعدد العلماء، وهو أمر غیر ممکن، لوقوع التشاجر واختلال النظام، وأمّا أن یکون ولایة بعضهم مشروطة بولایة بعض، أو کون الولایة للمجموع من حیث المجموع، وهذا ممّا لا محصل له.

 

فلابدّ أن یقال إن الفقهاء منصوبون لذلک شأنیاً، وإنّما تکون ولایتهم فعلیة بانتخاب الناس، لا غیر.

 

أقول: عند تعدد الفقهاء لو تصدى بعضهم لأمر الولایة وتدخل فیها، فعلى الباقین قبول قوله وحکمه، کما هو کذلک فی أمر القضاء أو رؤیة الهلال مثلاً، ولو بلغ حد التزاحم قبل التداخل، فلایبعد إستعمال المرجحات کما ورد فی المقبولة، بناءً على دلالتها على المقصود، بل یمکن التمسّک بالأولویة ولو على فرض اختصاصها بأمر القضاء، وتشخیص المرجحات من العلم والفقاهة والتدبیر والاحاطة بالاُمور والوثاقة وغیرها إنّما هو على أیدی أهل الخبرة، کما هو کذلک فی مرجع الفتوى والتقلید، ولیس هذا من قبیل الانتخاب أبداً، بل من قبیل تشخیص المصداق الموجود فی الخارج کما فی تشخیص الطبیب للسلامة والمرض فی أمر الصوم.

 

وبالجملة فإن جمیع هذه الموضوعات یرجع فیها إلى أهل الخبرة من دون الحاجة إلى الانتخاب.

 

وقد جرى هذا الأمر فی مرجع الفتوى واستقر تعیین الأعلم فی الفقاهة على أهل الخبرة من العلماء فی فرد معین أو أفراد معیّنین فی کثیر من الأعصار، ولم یلزم من ذلک اضطراب، واختلال فی نظام الاُمة، نعم لاریب فی أنه فرق بین مسألة التقلید والولایة، ولیس مقصودنا المماثلة من جمیع الجهات، بل الغرض أن حلّ مشکلة التزاحم یمکن عن طریق أهل الخبرة، ولیس لآحاد الناس غیر العارفین بهذه الاُمور حقّ الانتخاب بل لیس لأهل الخبرة أیضاً حقّ الانتخاب، بل تشخیص المصداق کتشخیص الطبیب، وکسائر موارد الرجوع إلى أهل الخبرة.

 

هذا هو المعیار المتداول فی الفقه الذی ینبغی للفقیه متابعته، لا الانتخاب الذیلیس له عین ولا أثر فی الفقه ولا فی التاریخ.

 

إن قلت: من أین یعرف أن هذا الشخص من أهل الخبرة دون ذاک.

 

قلت: کما یعرف الطبیب وغیره من أهل الخبرة فیما یحتاج إلیه، فهل الطبیب یکون بانتخاب الناس ؟ وکذلک أهل الخبرة فی علوم الدین أو معرفة زعمائه ومن فیه المرجحات لتصدی الولایة.

 

وقد تلخص ممّا ذکرنا أنه إن قام بعض الفقهاء اللائقین بأمر الولایة من غیر معارض کان على غیره متابعته من دون الحاجة إلى الانتخاب، وإن وقع التزاحم، فاللازم الأخذ بالمرجحات کما ورد فی غیر مورد فی أبواب الفقه، لانحصار الطریق فیه وعدم المناص عنه، والناظر فی هذا الأمر هو أهل الخبرة ولا حاجة إلى الانتخاب، بل لا دلیل علیه، لما عرفت من عدم وجوده فی روایاتنا ولا کتب فقهائنا.

 

إن قلت: قد جرت سیرة العقلاء من الاُمم على الانتخاب فی أمر الولایة، ویشمله أدلّة الوفاء بالعقود، وعموم تسلّط الناس على أموالهم (وبالاولویة على أنفسهم).

 

قلت: جریان سیرتهم علیه إنّما هو لعدم اعتقادهم بتعیین إلهی من قبل الإمام المعصوم (علیه السلام) وأما نحن، بعد قولنا به وفقاً للأدلّة السابقة، وإن الوظیفة هنا معلومة من قبلهم (علیهم السلام) وإن الولایة من جانب الله فقط لا یبقى لنا مجال لهذا الکلام.

 

هذا مضافاً إلى الانتخاب الذی دار بینهم إنّما هو انتخاب الأکثریة، لا الجمیع لعدم امکانه عادة، بل المراد من الأکثر عندهم أکثر من ان یشترک فی دور الانتخاب، وقد لایشترک فیه إلاّ الأقلون منهم، وقد شاهدنا فی کثیر من الانتخابات أن وکلاء الناس ینتخبون بآراء قلیلة بالنسبة إلى کلّ المجتمع کملیون نفر من بین عشرة ملایین، ولو صحت هذه الحکومات کانت من قبیل حکومة جمع قلیل على جمع آخر کثیر بغیر رضى منهم، ولا توکیل.

إن قلت: أن الولی الفقیه لا یقدر على إنفاذ الولایة من دون مشارکة الناس فی أمره، وتأییدهم له، وبذل أنفسهم فی نصرته ودعمه، فالانتخاب إنّما هو لجلب مساعدتهم لذلک، وهذا هو المراد من أن ولایة الفقیه لا تکون إلاّ اقتضائیاً، وفعلیتها بالانتخاب.

 

قلت: هذا الاستدلال عجیب، فإن عدم قدرة الفقیه على إنفاذ الولایة من دون مساعدة الناس لایکون دلیلاً على عدم فعلیتها بدونه، کما فی سائر الحقوق، مثل من کان مالکاً لدار وغصبها منه غاصب لایقدر على أخذ حقّه منه بدون مساعدة الناس، وإین هذا من کون مالکیته شأنیاً لا فعلیاً، وبالجملة أصل الولایة غیر منوط بمساعدة الناس، وإنّما المنوط بها هو إنفاذ الولایة وفرق واضح بین إستعمال الولایة وأصل ثبوتها.

 

هذا کلّه بالنسبة إلى ما تقتضیه العناوین الأولیة فی المسألة ومقتضى الروایات والأدلّة السابقة.

 

نعم، قد تقتضی العناوین الثانویة لأمر الانتخاب، وتدعونا إلیه من دون أن تکون ولایة الفقیه منوطة شرعاً به، وذلک لدفع تهمة الاستبداد والسلطة على الناس بغیر رضى منهم، مضافاً إلى جلب مساعدتهم عن طریق مشارکتهم فی هذا الأمر، واعتمادهم على الحکومة، ودفع وساوس الشیاطین الذین یعاندون الحکومة الإسلامیة وغیر ذلک من الاُمور، ولکن أین هذا من وجوب الانتخاب شرعاً فی أحکامه الأولیة، وهذا أمر ظاهر والحمد لله.

حاصل ما یمکن الاعتماد علیه فی إثبات ولایة الفقیهموقف البیعة من أمر الولایة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma