الأوّل: الحکم الأوّلی للتشریح

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
نبذة وجیزة عن تاریخ علم التشریحالثانی: الحکم الثانوی للتشریح

لاشکّ فی حرمة التشریح إذا کان لبدن مسلم، ویدلّ على ذلک اُمور:

 

الأوّل: ما ورد فی الروایات المختلفة من حرمة المُثلة ـ وهی على ما فی الجواهر وغیره: «قطع الاُنوف والآذان ونحو ذلک من الحیّ والمیّت، والمُثلة فی الأصل ـ کما عن المفردات ـ : الانتصاب (أی القیام)، قال تعالى: (فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِیّاً)(1)، أی: صار جبرئیل (علیه السلام) منتصباً بین یدی مریم (علیها السلام)، ومنه المثال: مقابلة شیء بشیء هو نظیره، أو وضع شیء ما لیحتذی به فیما یفعل، والمثلة: نقمة تنزل بالإنسان فیجعل مثالاً یرتدع به غیره، وذلک کالنکال»(2) ـ وهی کثیرة:

 

1 ـ ما ورد فی آداب جهاد العدو من النهی عن المُثلة بالکفّار، مثل ما عن مالک ابن أعین، قال: حرّض أمیرالمؤمنین (علیه السلام) الناس بصفّین فقال ـ فی حدیث طویل ـ : «ولا تمثّلوا بقتیل»(3).

 

والحدیث مع إرساله معمول به بین الأصحاب، وتقریب الاستدلال به أنّ الخارج على الإمام المعصوم کافر.

 

2 ـ وما رواه مسعدة بن صدقة عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: «إنّ النبی (صلى الله علیه وآله) کان إذا بعث ـ إلى أن قال ـ : لا تغدروا ولا تغلّوا ولا تمثّلوا...»(4).

 

ومورده قتال أهل الشرک.

 

وفی معناه ما عن معاویة بن عمّار، قال: أظنّه عن أبی حمزة الثمالی عن أبی عبدالله (علیه السلام)، قال: «کان رسول الله إذا أراد أن یبعث سریة دعاهم ـ إلى أن قال ـ : لا تغلّوا ولا تمثّلوا ولا تغدروا»(5).

 

3 ـ وما ورد فی وصیّة مولانا أمیرالمؤمنین (علیه السلام) فی حقّ قاتله ـ عبدالرحمن بن ملجم ـ أنّه أوصى أن لا یمثّل بقاتله، وقال: «فإنّی سمعت رسول الله (صلى الله علیه وآله) یقول: إیّاکم والمثلة ولو بالکلب العقور»(6).

 

وبما أنّ التشریح من أقسام المثلة، بل من أشدّها فی کثیر من الأحیان للحاجة فیه غالباً إلى تقطیع الأعضاء، فهو مصداق له ومحرّم.

 

ولا یضرّ الإشکال فی أسانید بعض هذه الأحادیث بعد تضافرها وتعاضدها وعمل الأصحاب بها، بل یظهر من الجواهر کون الحرمة إجماعیة(7).

 

ویمکن الجواب عن هذا الاستدلال بما تقدّم بیانه عن أهل اللغة: من أنّ المثلة لیست مجرّد قطع الأعضاء، بل هی القطع تعذیباً للأحیاء وانتقاماً من الأموات، فالمقصود منها هو التعذیب أو الانتقام، ولیس شیء من هذین الأمرین متحقّقاً فی التشریح; لأنّهما من الاُمور القصدیة، بخلاف التشریح فإنّه یستهدف أغراضاً عقلائیة نافعة، فأین هذا من ذاک ! ثمّ إنّه من الواضح أنّ هذا الدلیل لو تمّ لشمل بعمومه المسلم والکافر والذمّی والمحارب.

 

الثانی: إنّ التشریح ـ بقطع أبدان الأموات وتمزیقها وتفریق جمیع أجزائها ـ هتک لحرمتها، وهو محرّم.

 

والهتک وإن کان من العناوین القصدیة، إلاّ أنّ القصد إلیه فی المقام قهری، نظیر ما ذکر فی باب الإعانة على الإثم الذی لا تنفکّ بعض أقسامه عن القصد القهری، کمن صبّ الخمر فی إناء من یعلم أنّه یشربه، وما نحن فیه من هذا القبیل، فتأمّل.

 

وهذا الدلیل یختصّ بالمسلم والذمّی ولا یشمل المحارب.

 

الثالث: ما دلّ على تعلّق الدیة بقطع رأس المیّت أو شیء من جوارحه، بناءً على کونه دلیلاً على الحرمة کما سیأتی.

 

وهو مجموعة من الروایات(8) وردت بهذا الخصوص تدلّ بأجمعها على حرمة قطع رأس المیّت، وأنّ فیه الدیة مئة دینار کدیة الجنین، وفی بعضها التصریح بأنّه إن قطعت یمینه أو شیء من أعضائه ففیه الأرش(9)، وإن کان فیها اختلاف من حیث کون دیته للإمام (علیه السلام) أو صرفها فی وجوه البرّ، وتفصیل ذلک موکول إلى محلّه.

 

والحاصل: أنّ وجوب الدیة دلیل على حرمة نفس العمل، وأنّه من قبیل الجنایة المستوجبة لذلک.

 

لایقال: إنّ الدیة لیست دلیلاً على الحرمة مطلقاً، لانفکاکها عن الحرمة فی دیة الخطأ.

 

لأنّا نقول: إنّ الدیة فرع الإتلاف أو ارتکاب جنایة لو علم بها لکانت محرّمة، ودیة الخطأ تأکید على احترام النفوس وما یتعلّق بها، وسبب للتحفّظ الشدید علیها، فهی لیست دلیلاً على عدم الحرمة بل دلیل على تأکیدها عند العلم بالموضوع والحکم، فیکون مقتضى هذا الدلیل حرمة قطع الأعضاء بأی قصد کان فی من تتعلّق به الدیة، فیعمّ المسلم والذمّی دون الکافر الحربی; لعدم الدیة فیه.

الرابع: ما دلّ على وجوب احترام المیّت، وأنّ حرمته میّتاً کحرمته وهی حیّ. وهو عدّة روایات:

 

1 ـ ما رواه عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله (علیه السلام) أنّه قال: «... لأنّ حرمته میّتاً کحرمته وهی حی»(10). ومثله ما رواه محمّد بن سنان عمّن أخبره عنه (علیه السلام)(11)، وما رواه عبدالله بن مسکان(12).

 

2 ـ وما ورد فی صحیحة جمیل عن غیر واحد من أصحابنا عن أبی عبدالله (علیه السلام)قال: «قطع رأس المیّت أشدّ من قطع رأس الحیّ»(13).

 

ولعلّ کونه أشدّ من باب شدّة القبح وتنفّر الطباع منه، إلاّ أنّه سیأتی ما دلّ على أنّ الدیة فیه أخفّ بمراتب.

 

3 ـ وما رواه محمّد بن مسلم عن أبی جعفر (علیه السلام) ـ فی حدیث ـ قال: «إنّ الله حرّم من المؤمنین أمواتاً ما حرّم منهم أحیاءً»(14).

 

4 ـ وعن مسمع کردین قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن رجل کسر عظم میّت، قال: «حرمته میّتاً أعظم من حرمته وهو حیّ»(15).

 

ومثله ما رواه صفوان عن أبی عبدالله (علیه السلام)(16).

 

5 ـ وما رواه العلاء بن سیابة عن أبی عبدالله (علیه السلام) عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «حرمة المسلم میّتاً کحرمته وهو حیّ سواء»(17).

 

ومن الواضح أنّ التسویة فی أصل الحرمة لا فی مقدارها، کما صرّح به شیخ الطائفة (رحمه الله)فیما حکاه عنه فی الوسائل(18).

 

والمتحصّل من هذه الروایات: أنّ أجساد الأموات لیست کالأحجار المتفرّقة فی البراری والصحاری أو کأشجار الغابات والآجام، بل لها حرمة مثل حرمتها حال حیاتها، فکما لا یجوز التعدّی علیها بقطعها أو جرحها أو کسرها حال الحیاة فکذا لایجوز بعد الممات.

 

ومقتضى هذا الدلیل حرمة تشریح جسد المسلم والذمّی دون الحربی.

 

فتلخّص من جمیع ما ذکرنا أنّ: تقطیع جسد المسلم والذمّی بعد موتهما حرام. کما أنّ ظاهر الإطلاقات عدم الفرق بین الأغراض المقصودة من هذا العمل.

 


(1) مریم: 17.
(2) راجع جواهر الکلام: ج 21 ص 77 و 78. مفردات الراغب: ص 758 ـ 760.
(3) الوسائل: ج 11 ص 71 ب 34 آداب جهاد العدو ح 3.
(4) الوسائل: ج 43 ب 15 آداب جهاد العدو ح 3.
(5) المصدر السابق: ح 2.
(6) المصدر السابق: ج 19 ص 96 ب 62 من قصاص النفس ح 6.
(7) جواهر الکلام: ج 21 ص 77.
(8) وعددها ستّ، رواها کلّ من محمّد بن الصباح، والحسین بن خالد، وإسحاق بن عمّار، وعبدالله بن سنان، ومحمّد بن سنان، وعبدالله بن مسکان عن الصادق والباقر (علیهما السلام)، راجع: الوسائل: ج 19 ص 249 ب 25 دیات الأعضاء.
(9) الوسائل: ج 19 ص 248 ب 24 دیات الأعضاء ح 3.
(10) الوسائل: ج 19 ص 248 ب 24 دیات الأعضاء ح 4.
(11) المصدر السابق.: ص 249 ح 5.
(12) المصدر السابق: ح 6.
(13) المصدر السابق.: ب 25 ح 1.
(14) المصدر السابق: ص 250 ح 3.
(15) الوسائل: ج 19 ص 251 ب 24 دیات الأعضاء ح 5.
(16) المصدر السابق: ح 4.
(17) المصدر السابق: ح 6.
(18) المصدر السابق.: ذیل ح 6.

 

نبذة وجیزة عن تاریخ علم التشریحالثانی: الحکم الثانوی للتشریح
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma