الأمر الثانی: حقیقة إیداع الأموال فی البنوک

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
بحـوث فقهیة مهمّة
أقسام البنوکحساب الادّخار أو التوفیر

یمکن أن تطبق عدّة عناوین على الأموال المودعة فی البنوک بحیث یترتّب على کلّ عنوان منها حکم خاصّ، ونحن قبل التعرّض لتخریجها الشرعی نحاول بیان حقیقة إیداع هذه الأموال، فهل هی أمانة، أو إباحة معوّضة، أو قرض، أو غیر ذلک

 

بالنسبة لما یرتبط بأعمال البنک توجد هناک عدّة عناوین، من قبیل: «الحساب الجاری»، و «حساب الادّخار أو التوفیر»، و «حساب الودائع المصرفیة ذات الأجل القصیر أو المتوسط أو الطویل»، و«حساب القرض الحسن». ولکلّ واحد من هذه العناوین حکم خاصّ أیضاً یأتی شرحه.

 

فلنبدأ أولاً بذکر حقیقة الأموال المودعة بعناوینها الثلاثة المتقدّمة من زاویة کونها حساباً جاریاً فی البنک، وفی ذلک احتمالات خمسة:

 

1 ـ یحتمل أن تکون الأموال المودعة فی البنوک بشخصها ـ لا بمالیّتها ـ أمانة، ولذا یعبّر عنها بالودیعة.

 

لکن یدفعه: أنّه لیس للودعی إلاّ الحفاظ على الأمانة ولا یجوز له التصرّف فیها، والحال أنّ البنک یتصرّف فیها بشکل أو بآخر متى شاء، بل کثیراً ما یتّفق له أن یستلمها من شخص ویدفعها مباشرةً لآخر فی نفس المجلس، وهذا أمر ینافی کونها أمانة.

 

2 ـ یحتمل أن تکون أمانات نوعیة لا شخصیّة; بمعنى أنّ المال بنوعه أمانة عند البنک لا بذاته، فیکون أمانة بمالیّتها لا بخصوصیّتها.

 

أقول: إن کان المراد بهذا النوع من الأمانة صیرورة المال من قبیل الکلّی فی المعیّن، فهو فاسد; لأنّه قد یأخذ المال من أحد المشترکین ویدفعه بعینه لآخر، فلا تبقى عین أمواله لیکون شریکاً فی بعض أموال البنک بنحو الإشاعة، أو الکلّی فی المعیّن، أو یکون المالک مالکاً لمقدار معیّن من النقود ضمن أموال البنک بلا تعیّن لشخص ذاک المقدار بحیث لو تلفت جمیع أموال البنک ولم یبقَ منها إلاّ مقدار ما أودعه فیه لکان ذلک المقدار ملکاً مختصّاً به دون البنک، بخلاف ما لو کانت الشرکة بنحو الإشاعة التی یکون التالف فیها من ملکهما بالنسبة المعیّنة.

 

وإن کان المراد بهذا النوع من الأمانة کون المال المودع فی ذمّة البنک وعهدته، فهو حینئذ من قبیل ما یجوز التصرّف فیه بالعوض، فیکون دیناً فی ذمّة المتصرّف فیه، فهذا تعبیر آخر عن کونه قرضاً ولیس بأمانة شرعیة; لعدم جواز إتلاف الأمانة، بینما یجوز إتلاف القرض وجعله فی الذمّة.

 

3 ـ یحتمل أن یکون المال المودع أمانة لدى البنک بتوکیل من المالک فی التصرّف فیه بأیّ نحو أراد البنک کتبدیلها بأموال اُخرى مثلها، کما إذا أودع شخص دنانیر من ذهب عند شخص وجعله وکیلاً عنه فی تبدیلها إلى دنانیر اُخرى على أن تکون عنده أمانة بعینها.

 

ویرد علیه: أنّه قد یتّفق للبنک عدم تبدیل الأموال إلى اُخرى مثلها; بأن یبقى المال أمانة فی عهدته وذمّته فقط، بل قد یتصرّف البنک فی نفس تلک الأموال ویستثمرها فی المنافع الداخلیة أو الخارجیة بحیث تعود أرباحها إلى البنک، فی حین أنّها لو کانت أمانة عند البنک لم یجز له التصرّف فیها مراعیاً منفعته، بل یجب أن تعود أرباحها للمالک، والحال أنّ البنک لا یردّ لصاحب المال إلاّ ما یعادل مقدار مالیّتها; لأنّه یرى نفسه مختاراً فی التصرّف کیف شاء فی سبیل تحصیل منافعه الخاصّة من دون ردّ شیء من تلک المنافع إلى المالک.

 

4 ـ یحتمل فی المال المودع لدى البنک الإباحة مع الضمان، فیکون إباحة معوّضة ـ وعلیه المشهور قبل الشیخ الأعظم بالنسبة إلى المعاطاة ـ فکأنّ المودع للمال یقول: أبحت للبنک جمیع التصرّفات الناقلة وغیرها مع العوض بشرط أداء المثل عند مطالبتی به، وبذلک لا یکون البنک مالکاً، بل له التصرّف مع الضمان للمثل على فرض التصرّفات الناقلة أو المتلفة.

 

ویردّ علیه:

 

أول: أنّ للمالک فی الإباحة المعوّضة أخذ عین ماله إذا کانت موجودة عند المباح له، لکنّها لیست کذلک فی البنک، فإنّه مع کونها موجودة فیه لایحقّ للمالک المبیح أخذ عین ماله، ولا یجب على البنک ردّ العین لو کانت موجودة عنده، بل الواجب أداء المثل فقط.

 

وثانی: أنّ جواز التصرّفات الناقلة فی الإباحة المعوّضة أول الکلام; لأنّها لیست هبة ولا بیعاً ولا شیئاً من الأسباب المملّکة، إذ المشهور ـ المحقّق فی محلّه ـ عدم جواز التصرّفات الناقلة بإباحة التصرّف; لأنّها منوطة بالملک السابق، ومن هنا اضطرّوا إلى القول بملکیّته لها آناً ما قبل التصرّف فی باب المعاطاة لتکون من التصرّفات الناقلة.

 

إن قلت: نظیر هذا الإشکال اُثیر فی البیع المعاطاتی، واُجیب عنه بحصول الملکیة للمتصرّف ولو آناً ما قبل التصرّف المالکی الذی یصیر به المال المباح ملکاً له أوّلاً ثمّ یتصرّف فیه بالتصرّفات الناقلة، ولیکن المقام من هذا القبیل بأن یقال: یملّکها البنک آناً ما قبل التصرّفات الناقلة.

 

قلن: إنّ الإلتزام بالملکیة آناً ما أمر مخالف للقاعدة لا یصار إلیه إلاّ بعد وجود دلیل قطعی تعبّدی على جواز التصرّف مع الإباحة، کما أدّعاه کثیر فی باب المعاطاة، حیث ادّعوا أنّها لا تفید إلاّ الإباحة، ثمّ ادّعوا قیام السیرة القطعیة على جواز التصرّفات الناقلة، والجمع بینهما لا یمکن إلاّ بالإلتزام بالملکیة قبل التصرّفات، وأمّا فیما نحن فیه فلم یقم دلیل تعبّدی شرعی على ذلک.

 

وبعبارة اُخرى: إنّما ذهب المشهور إلى القول بالملکیة آناً ما فی المعاطاة جمعاً بین الأدلة التی مفاد الأوّل منه: قیام الشهرة وانعقاد الإجماع على کون المعاطاة مفیدة للإباحة لا للملک، ومفاد الثانی: جواز التصرّفات المالکیة إجماعاً، والجمع بین المفادین لا یمکن إلاّ بالقول بحصول الملکیة آناً ما للمشتری قبل التصرّفات الناقلة. أمّا فی المقام فلا مجال للقول بالإباحة وجواز التصرّفات الناقلة للبنک فی الحساب الجاری; لعدم الملکیة ولو آناً ما، ولعدم انعقاد الإجماع أو الشهرة للمصحّحین لعمل البنک فی المقام.

 

5 ـ ویحتمل أیضاً أن تکون حقیقة الحساب الجاری هی القرض الذی یؤول أمره إلى التملیک فی مقابل العوض فی الذمّة، وعلیه فلا یحقّ للمالک أن یأخذ عین ماله من البنک مع وجوده; لانتقاله إلى الذمّة، فلیس هو إلاّ مالکاً لما فی الذمّة، کما هو الحال فی سائر الدیون، ویجوز للبنک جمیع التصرّفات الناقلة لحصول الملکیة له.

 

ثمّ إنّه لیس لهذا القرض أجل معیّن، بل هو دین یجب على المستقرض ـ البنک ـ أداء عوضه إلى المقرض عند المطالبة به، وهذا هو الموافق لأحکام الإیداع وما یترتّب علیه فی عرف العقلاء، ولا یرد علیه إشکال.

 

إن قلت: إنّ هذا البیان ـ التعبیر بالقرض ـ وإن کان لا یواجه إشکالاً من جهة الآثار المترتّبة على الحساب الجاری إلاّ أنّه لا یوافق قصد المودع ماله لدى البنک، فإنّه لا یقصد القرض ولا یراه عرف العقلاء أنّه کذلک.

 

قلن: نعم هو کذلک، لکن حیث إنّ القرض لا یکون غالباً إلاّ فیما إذا احتاج إلیه المستقرض لم یکن یتبادر القرض لا یکون غالباً إلاّ فیما إذا احتاج إلیه المستقرض لم یکن یتبادر القرض إلى أذهان العقلاء عند الإیداع لدى البنک; لعدم کون البنک محتاجاً إلى هذه الأموال، لکن الحقّ أنّ الحاجة وإن کانت وصفاً غالباً فی القروض ـ لإمکان أن یکون المستقرض غنیاً ـ إلاّ أنّها لم تؤخذ فی ماهیة القرض ومعناه، وإنّما حقیقة القرض هی تملیک العین بالمثل أو القیمة فی الذمّة.

 

والحاصل: أنّ الحساب الجاری من قبیل التملیک فی مقابل العوض فی الذمّة سواء اُطلق علیه القرض أم لا، وهذا هو المنطبق على الإیداع فی عرف العقلاء، لأنّه تملیک للمال بالمثل، إذ بمجرّد أخذ الودعی المال یکون مالکاً، ولیس للمالک المطالبة بعینه، ولیس له إلاّ العوض فی الذمّة.

 

وممّا ذکرنا یظهر أن البنک یملک الأموال المودعه، وله التصرّف الناقل، وأنّه لیس للمالک إلاّ المثل فی الذمّة. وإن أبیت عن تسمیته قرضاً ـ لکون التعبیر بالقرض هنا غیر مأنوس، فإنّه لا یقال: أقرضت البنک، بل یقال: أودعته المال ـ فلا أقلّ من کونه شبیهاً بالقرض من جهة کونه تملیکاً للمثل فی ذمّة الغیر.

هذا کلّه بالنسبة إلى ما یسمّى بالحساب الجاری.

 

وهناک أنواع اُخرى للإیداع تبیّن حالها ممّا ذکرنا، وهی:

أقسام البنوکحساب الادّخار أو التوفیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma