1 ـ قد یسأل بعض الأشخاص: نحن نعلم أنّ المناطق المعتدلة لیست متساویة، فلا یتساوى اللیل والنهار فیها جمیعاً، مثلاً نلاحظ أنّ بدایة فصل الصیف فی بعض هذه المناطق تستغرق خمس عشرة ساعة فی الیوم، وفی بعضها الآخر أربع عشرة أو وثلاث عشرة ساعة، وهذا الاختلاف یرتبط ببعدها وقربها عن خط الاستواء.
الجواب:
یمکن حل هذه المشکلة مراجعة الحدّ الوسط فی المناطق المعتدلة (وبالأصحّ الحد الوسط فی المناطق غیر القطبیّة التی تتمتّع بلیل ونهار متعارفین) یعنی أن أهالی المناطق القطبیّة یمکنهم إتخاذ المدار 25,33 درجة مثلاً معیاراً لهم (أی متوسط 5,66درجة).
2 ـ ویمکن أن یعترض البعض أیض: أنّ هذا الحکم بالرغم من سهولته ووضوحه وإمکان تحقّقه فی عصرنا الحاضر بوجود الساعة وکذلک الاذاعة، ولکنّ الإشکال فی الأشخاص الذین لا یمتلکون هذه الوسائل، فما هی وظیفتهم الشرعیّة ؟
الجواب:
أنّه کما تقدّم فی معرفة وقت الظهر ومنتصف اللیل فی تلک المناطق لایحتاج عندها إلى الساعة وغیرها، وإنّما یحتاج إلیها لمعرفة طول النهار واللیل هناک، فلو لم یحصل الأشخاص هناک على هذه الوسائل والأدوات کالساعة والاذاعة لتعیین الوقت، أو کأن یکون الجو غائماً مثلاً، فإنّ وظیفتهم هو العمل وفق التخمین والظنّ، وفی صورة التمکّن من الاحتیاط، یجب علیه العمل وفق التخمین والحدس.
3 ـ ویمکن أن یسأل بعض الأشخاص أیض: إنّ إرتفاع وإنخفاض الشمس طیلة أربع وعشرین ساعة فی المناطق القطبیّة التی هی وسیلة لمعرفة الظهر ومنتصف اللیل لاتوجد فی مدار تسعین درجة لأنّ الشمس هناک تتحرک بشکل دائری دون إی إرتفاع وإنخفاض (وقد تقدّم مراراً أنّ الحقیقة هی دوران الأرض حول نفسها، ولکنّ الناظر یرى أنّ الشمس هی التی تدور ظاهراً).
والخلاصة أنّه بالنسبة إلى هذه النقطة حیث إنّ الشمس فی الاُفق تدور دون إرتفاع أو انخفاض، فلیس للظهر ومنتصف اللیل أی مفهوم هناک.
الجواب: أنّ المدار تسعین درجة فی حقیقته هو نقطة وهمیّة، أو یمکن القول أنّ المدار تسعین درجة إنّما هو قطعة صغیرة من الأرض بحیث لو تجاوزناها قلیلاً فسوف نحصل على ارتفاع وإنخفاض الشمس، وظهور وقت الظهر ومنتصف اللیل، ویمکننا حینئذ العمل بوظائفنا الشرعیّة بصورة کاملة.
4 ـ ویمکن أن یتساءل أنّه بعد الفراغ من توضیح الوظائف الشرعیّة للمکلّف فى الأیّام الطویلة هناک، فما العمل فی اللیالی الطویلة ؟
الجواب: کما تقدّم فی البحث أنّ «النجوم» فی هذه اللیالی لها وضع مماثل بوضع الشمس فی النهار. أی أنها تدور حول الاُفق دائماً. فتارة یرتفع ویزداد ابتعادها عن الاُفق، واُخرى ینخفض، فلو أُخذت نجمة واحدة قریبة من الاُفق، فیمکن معرفة الظهر ومنتصف اللیل من الحدّ الأعلى والأدنى فی ارتفاعها وانخفاضها.
ومن مجموع ما ذکرنا من ایضاحات حول هذه المسألة اتّضح جیداً أنه لا شمس فی منتصف اللیل فی «فنلاند» قد عرّضت الإسلام للخطر، ولا أن أهالی تلک المناطق لو کانوا مسلمین یواجهون حیرة شدیدة فی اداء التکالیف الشرعیة. ولا أن هذه المسألة مشکلة عویصة یصعب حلّها!
